Skip to Content
الخميس 18 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 28 مارس 2024 م

الكلمة الشهرية رقم: ٤٤

نصيحة توجيهية
بين يدي الحاج والمعتمر

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإذا توفَّرَتِ الاستطاعةُ في الحجِّ والعمرة، وعَزَم الحاجُّ أو المُعتمِرُ على أداءِ هذه العبادةِ الجليلة؛ فإنه يَحسُنُ ـ في هذا المَقام ـ أَنْ يُقَدَّم بين يدَيْه نصائحُ توجيهيةٌ تسبق رِحلتَه العظيمة إلى بلد الله الحرام؛ استجابةً لأمره تعالى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً[آل عمران: ٩٧]، وقولِه تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ[البقرة: ١٩٦]، وتلبيةً للنداء الواجبِ في قوله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا»(١).

وقد ارتأيتُ أَنْ أُقَسِّم نصائحي إلى توجيهين مُرتَّبين بحَسَب الأولوية إلى:

ما يتعلَّق بنفس الحاجِّ أو المعتمر قبل الشروع في أعمالهما.

وآخَرَ يتعلَّق به قبل سفره وفي أثنائه وعند قُفوله منه.

وذلك ليسهل تحصيلُها والانتفاع بها، وهي تظهر على الشكل التالي:

توجيهاتٌ قبل الشروع في أعمال الحجِّ والعمرة

وتتمثَّل هذه التوجيهات في النقاط التالية:

· أولا: تجريد النفس وتصفِيَتُها مِنَ الشرك والحذرُ منه وتجنُّبُ أسبابه؛ إذ المعلوم أنه قد سَرَى في العديد مِنَ الطَّغام والعوامِّ الغُلُوُّ في الصالحين حتَّى أَضْفَوْا عليهم خصائصَ الرُّبوبية، وأنزلوهم فوق منزلتهم التي أَنزلَهُم اللهُ إلى ما لا يجوز أَنْ يكون إلَّا لله: مِنْ طلب المدد منهم عند حصول المكاره، والاستغاثةِ بهم في الشدائد، والتبرُّك بتربتهم والطواف بقبورهم، وذبح القرابينِ لأَضرِحَتِهم، ودعائهم والتوسُّل بهم وسؤالهم الشفاعةَ مِنْ دون الله، حتَّى أضحَتْ قبورُ الصالحين أوثانًا تُعَلَّق عليها القناديلُ والسُّرُجُ، وتُسدَلُ عليها الستورُ، واتُّخِذَتْ أعيادًا ومناسكَ ـ واللهُ المستعان ـ.

ولا يخفى أنَّ الشرك أكبرُ الكبائر وأعظمُ الظلم، وهو مُبطِلٌ للأعمال ومُفسِدٌ للعبادات؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ٦٥[الزُّمَر]؛ لذلك ينبغي الاجتهادُ في تصفية النفس بالتخلُّص مِنْ أدران الشرك وتطهير المعتقد منه، والوقاية مِنَ الوقوع فيه، مع أخذ الحذر منه، وسدِّ كُلِّ طريقٍ يؤدِّي إليه، لا سيَّما لمَنْ عَزَم على الحجِّ أو العمرة؛ فإنه إِنْ لم يطهِّر نَفْسَه مِنَ الشركيَّات المُقترِنة بمُعتقَده وأعمالِه فيُخشى عليه ـ فضلًا عن ارتكابه لأعظم الذنوب ـ أَنْ يضيِّع جُهدَه ومالَه سُدًى بلا أجرٍ ولا ثوابٍ؛ لقوله تعالى: ﴿وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا٢٣[الفرقان].

· ثانيا: المبادرة بالتوبة النصوح، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، والعزمُ على عدم العودة إليها أبدًا، والاستكثار مِنَ الحسنات الماحيات؛ فباب التوبة مفتوحٌ(٢)؛ لقوله تعالى: ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ٥٣[الزُّمَر]، ولقوله تعالى: ﴿وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ٣١[النور]؛ فعلَّق الفلاحَ بالتوبة تعليقَ المسبَّب بسببه، ثمَّ أتى بأداةِ: «لعلَّ» المُشعِرة بالترجِّي؛ فكان المعنى: أنه لا يرجو الفلاحَ إلَّا التائبون.

والتوبة التي تُعالِج الذنبَ وتمحو أثرَه هي التوبة النصوح بشروطها، المُستتبِعةُ للاستكثار مِنَ الحسنات والعملِ الصالح؛ قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ[التحريم: ٨]، والحسناتُ تكفِّر كثيرًا مِنَ السيِّئات؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ١١٤[هود]، ولقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ أَثَامٗا٦٨ يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا٦٩ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّ‍َٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا٧٠[الفرقان: ٦٨ ـ ٧٠]، ويؤكِّده قولُه تعالى: ﴿وَمَن يَأۡتِهِۦ مُؤۡمِنٗا قَدۡ عَمِلَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَٰتُ ٱلۡعُلَىٰ٧٥ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ٧٦[طه: ٧٥ ـ ٧٦].

ومِنْ تمام التوبة: قطعُ الصِّلَة بالماضي الآثم وهجرُ أماكن المعصية وتركُ قُرَناءِ السوء؛ فإنَّ ذلك مِنْ تقوى الله التي هي أساسُ القَبول؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ٢٧[المائدة: ٢٧]؛ لذلك لا ينال الحاجُّ أو المُعتمِرُ نصيبَه مِنَ المثوبة والأجرِ عند الله تعالى إلَّا بالامتثال للطاعة والإقلاع عن المعصية؛ قال تعالى: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ[البقرة: ١٩٧]، وفي حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه قال: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ للهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»»(٣).

تنبيه: ومِنْ أخطر المعاصي التي يجب أَنْ يُبادر بالتوبة منها: البدعةُ في الدِّين؛ فهي ضلالةٌ وبريدٌ إلى الشِّرك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٤)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(٥)، وفي روايةٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٦)، قال البربهاريُّ رحمه الله: «واحْذَرْ صِغارَ المُحْدَثات؛ فإنَّ صِغارَ البِدَع تعود حتَّى تصير كبارًا، وكذلك كُلُّ بدعةٍ أُحْدِثَتْ في هذه الأُمَّةِ كان أَوَّلُهَا صغيرًا يُشبِهُ الحقَّ؛ فاغترَّ بذلك مَنْ دَخَل فيها، ثمَّ لم يستطع المَخْرَجَ منها، فعَظُمَتْ وصارَتْ دِينًا يُدانُ بها»(٧).

والبدعةُ درجاتٌ مُتفاوِتةٌ، وأسبابُها ترجع إلى: الجهل بالدِّين، واتِّباع الهوى، والتعصُّب للآراء والأشخاص، والتشبُّه بالكُفَّار وتقليدهم.

ووجهُ كونِ البدعة أخطرَ مِنَ المعصية: أنَّ صاحِبَ المعصية يعلم بتحريم اعتدائه على حدود الله وحُرُماته، ويُرجى له الرجوعُ والتوبة والاستغفار، ومنزلتُه أخفُّ وأهونُ مِنْ صاحب البدعة الذي يتعدَّى حدودَ الله بالتشريع والافتراء على الله سبحانه ويحسب أنه مِنَ المهتدين؛ فيُخشى عليه البقاءُ على بدعته والاستمرارُ على الباطل والضلال ظنًّا منه أنه على حقٍّ وصوابٍ؛ قال تعالى: ﴿قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلًا١٠٣ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا١٠٤[الكهف: ١٠٣ ـ ١٠٤].

ومِنَ الفوارق ـ أيضًا ـ أنَّ صاحب البدعة مُحتجَزُ التوبةِ حتَّى يتركَها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ احْتَجَزَ التَّوْبَةَ عَنْ صَاحِبِ كُلِّ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ»(٨).

· ثالثا: إخلاص النيَّة لله تعالى في العبادة المتقرَّب بها؛ لقوله تعالى: ﴿قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ١١ وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ١٢[الزُّمَر: ١١ ـ ١٢]؛ لذلك لا يجوز أَنْ يقصد بحَجِّه أو عُمرته رِيَاءً أو سُمعةً أو مُفاخَرةً أو مباهاةً، أو أَنْ يطمع في غرضٍ دنيويٍّ؛ فهذه كُلُّها مِنَ الشِّرك الأصغر المُنافي لكمال التوحيد، المُحبِطِ للعمل، كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ٣٣[محمَّد]، وقال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا١١٠[الكهف: ١١٠]، وقد توعَّد اللهُ المُرائِينَ بالويل في قوله تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ٥ ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ٦ وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ٧[الماعون:٤ -٧]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»(٩)، وفي الحديث: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ»(١٠).

وضِمنَ هذا المعنى يقول ابنُ رجبٍ رحمه الله: «اعْلَمْ أنَّ العمل لغير الله أقسامٌ:

فتارةً يكون رياءً محضًا بحيث لا يُراد به سوى مراءاةِ المخلوقين لغرضٍ دنيويٍّ كحال المنافقين في صلاتهم؛ قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذَا قَامُوٓاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ[النساء: ١٤٢]، وقال تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ٤[الماعون]، وكذلك وَصَف اللهُ تعالى الكُفَّارَ بالرِّياء المحض في قوله: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ[الأنفال: ٤٧]، وهذا الرِّياء المحض لا يكاد يصدر مِنْ مؤمنٍ في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحجِّ وغيرِهما مِنَ الأعمال الظاهرة والتي يتعدَّى نفعُها؛ فإنَّ الإخلاص فيها عزيزٌ، وهذا العملُ لا يشكُّ مسلمٌ أنه حابطٌ، وأنَّ صاحِبَه يَستحِقُّ المقتَ مِنَ الله والعقوبةَ.

وتارةً يكون العمل لله ويُشارِكه الرياء، فإِنْ شاركه مِنْ أصله فالنصوصُ الصحيحة تدلُّ على بطلانه ـ أيضًا ـ وحبوطِه...

وأمَّا إِنْ كان أصلُ العمل لله ثمَّ طرَأَتْ عليه نيَّةُ الرِّياء فلا يضرُّه، فإِنْ كان خاطرًا ودفَعَه فلا يضرُّه بغير خلافٍ، فإِنِ استرسل معه فهل يحبط عمله أم لا يضرُّه ذلك ويُجازَى على أصل نيَّته؟ في ذلك اختلافٌ بين العلماء مِنَ السلف قد حَكَاه الإمام أحمد وابنُ جريرٍ الطبريُّ، وأرجو أنَّ عمله لا يَبْطُل بذلك وأنه يُجازى بنيَّته الأولى، وهو مرويٌّ عن الحسن البصريِّ وغيرِه»(١١).

لذلك وَجَب أَنْ تكون كُلُّ الأعمال التي يُبتغى بها وجهُ الله مصروفةً لله تعالى على وجه الإخلاص؛ فالإخلاصُ شرطٌ لصِحَّة العمل وقَبولِه بلا خلافٍ(١٢)، قال الحطَّاب المالكيُّ رحمه الله: «فالمُخلِص في عبادته هو الذي يخلِّصها مِنْ شوائب الشرك والرياء، وذلك لا يتأتَّى له إلَّا بأَنْ يكون الباعثُ له على عملها قَصْدَ التقرُّب إلى الله تعالى وابتغاءَ ما عنده، فأمَّا إذا كان الباعثُ عليها غيرَ ذلك مِنْ أغراض الدنيا فلا تكون عبادةً، بل مصيبةً مُوبِقةً لصاحبها»(١٣). ويؤكِّد هذا المعنى قولُه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ»(١٤)، والأمور بمقاصدها، وقد جاء في الحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١٥).

تنبيه: يَحْسُنُ بمَنْ شرَّفَه اللهُ بزيارة المدينة النبوية(١٦) أَنْ يتقصَّد في سفره زيارةَ مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّ ذلك هو المشروعُ بنصِّ قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى»(١٧)، أمَّا شدُّ الرِّحال تقصُّدًا لزيارة قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلم يصحَّ فيه حديثٌ، مع اتِّفاق العلماء على أنَّ زيارة القبور عامَّةً مشروعةٌ لتذكُّر الموت والآخرة، مِنْ غيرِ سفرٍ مِنْ أجلها أو شدِّ الرِّحال إليها.

والأَوْلى أَنْ يجعل الزائرُ قَصْدَه لزيارة مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم والصلاةِ فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ»(١٨)، وله ـ بعد ذلك ـ أَنْ يزور قبرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ويُسَلِّم عليه ثمَّ على أبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما ثمَّ ينصرف، كما له أَنْ يزور مقبرةَ البقيع؛ إذ كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يزور أهلَها ويسلِّم عليهم؛ فهذا هو الموافق للسنَّة والآثار.

توجيهاتٌ متعلِّقةٌ بالحاجِّ والمعتمر في سفره

وتتعلَّق هذه التوجيهات بمجموعة آدابٍ شرعيةٍ يلتزمها الحاجُّ أو المعتمر قبل سفره وأثناءَه وعند قُفوله راجعًا إلى بلده، وهي على الترتيب التالي:

· أولا: على الحاجِّ أو المعتمِر أَنْ يتعلَّمَ أحكامَ المناسك ويعرف أعمالَ الحجِّ والعمرة، وما يجب عليه فعلُه وما يُستحَبُّ، ممَّا يجب عليه تجنُّبه وما يُستحَبُّ له تركُه، وعليه أَنْ يدقِّقَ في سؤال أهل العلم؛ لقوله تعالى: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ٤٣[النحل: ٤٣؛ الأنبياء: ٧]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أَلَا سَأَلُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ»(١٩)، وفي حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»»(٢٠). كما يجب عليه أَنْ يعرف بِدَعَ الحجِّ والعمرة والزيارة ليتجنَّبَها ويحذرَ منها، وسواءٌ تعلَّقَتِ البِدَعُ بالإحرام والتلبية، أو بالطواف والسعي، أو بعَرَفةَ ومُزدلِفةَ، وكذا بِدَع الرمي والذبح والحلق وغيرها، قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ، عَلَيْكُمْ بِالأَمْرِ العَتِيقِ»(٢١)، كُلُّ ذلك لِيقعَ عملُه خالصًا مِنْ شوائب الشِّرك ومُوافِقًا للسُّنَّة الصحيحة غيرَ مُخالِفٍ لها.

· ثانيا: أَنْ يجتهد في الخروج مِنْ مظالم الخَلْق بالتحلُّل منها أو ردِّها إلى أصحابها أو باسترضاءِ كُلِّ مَنْ قصَّر في حقوقهم؛ خشيةَ أَنْ يكون مُفْلِسًا مِنَ الحسنات يومَ القيامة؛ ذلك لأنَّ السفر مظِنَّةُ الهلاك، فيجتهد في قضاءِ ما أَمكنَه مِنْ ديونه إِنْ كان عليه دَينٌ؛ لأنَّ حقَّ العبد لا يسقط إلَّا بردِّ حقِّه أو عفوه عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ»(٢٢)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ مَا المُفْلِسُ؟» قَالُوا: «المُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ»، فَقَالَ: «إِنَّ المُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»(٢٣).

· ثالثًا: أَنْ يكتب وصيَّةً يذكر فيها ما له وما عليه، ويستعجل بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»(٢٤)، وإِنْ كان له مالٌ كثيرٌ فعليه أَنْ يُوصِيَ بنصيبٍ منه لأَقرِبائِه الذين لا يَرِثون أو لعموم الفقراء والمساكين؛ لأنَّ السفر قطعةٌ مِنَ العذاب، ومَظِنَّة الموت والهلاك. ويدلُّ على الوصيَّة قولُه تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ١٨٠[البقرة]، غير أنَّ الوصيَّة مشروطةٌ بعدم الزيادة على ثُلُثِ ماله، والأفضلُ أَنْ يكون دونه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بنِ أبي الوقَّاص رضي الله عنه: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ؛ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»(٢٥)، قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»»(٢٦).

· رابعا: أَنْ يترك لأهله وأولادِه ومَنْ تجب نفقتُهم عليه لوازمَ العيش وضروريَّاتِ المُؤَن طيلةَ مُدَّةِ غيابه في سفره، مع حثِّهم على التمسُّك بالدِّين وأخلاقِه وآدابه، والمحافظةِ على الصلاة؛ لأنه هو الراعي المسئولُ عنهم، والمكلَّفُ بالحفظ والصيانةِ المالية والدِّينية والخُلُقية وغيرها؛ لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ[البقرة: ٢٣٣]، وقولِه تعالى: ﴿ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ [النساء: ٣٤]، وقولِه صلى الله عليه وسلم: «وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(٢٧).

· خامسا: أَنْ يُعِدَّ زادَه مِنَ الحلال الطيِّب، ويحرصَ على تخليصه مِنْ شوائب الحرام ومُشتبِهاته، مُبتعِدًا عن كُلِّ أنواعِ أكلِ أموال الناس بالباطل ليكون أقربَ إلى الاستجابة وأدعى للقَبول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ فَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ٥١[المؤمنون: ٥١]، وَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ[البقرة: ١٧٢]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!»(٢٨).

· سادسا: أَنْ يتزوَّد لسفره بالتقوى والعمل الصالح، والالتزام بالآداب الشرعية، وأخذِ ما يكفيه لحوائجه وما يُغنيهِ عن أَذَى الناس بسؤالهم؛ فإنَّ تَرْكَ السؤال مِنَ التقوى؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ١٩٧[البقرة: ١٩٧]، وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «كَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ [البقرة: ١٩٧]»(٢٩).

· سابعا: أَنْ يحرص على تحصيل الرُّفقة الصالحة الدالَّةِ على الخير والمرغِّبة فيه والمُعينةِ عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ»(٣٠)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسُّوءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِيرِ؛ فَحَامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً؛ وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»(٣١).

· ثامنا: وألَّا تَقِلَّ هذه الرُّفقةُ الصالحة عن ثلاثةٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ»(٣٢)، وقولِه صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ»(٣٣).

· تاسعا: إذا كان الحاجُّ أو المُعتمِرُ امرأةً فلا تسافر إلَّا مع زوجٍ أو ذي مَحْرَمٍ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلْ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فَقَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ»، فَقَالَ: «اخْرُجْ مَعَهَا»(٣٤).

· عاشرا: هذا، ومِنْ جملة الأذكار والأدعية التي يلتزمها الحاجُّ أو المُعتمِر في سفره مِنْ مغادرته لبلده إلى قُفوله راجعًا إليه:

· أنه يُودِّع أهلَه وأصحابه وإخوانه، فيقول المُقيم: «أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ؛ زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى، وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ»، فيجيب الحاجُّ أو المُعتمِر المسافر: «أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ»، وقد كان ابنُ عمر رضي الله عنهما يقول للرَّجل إذا أراد سفرًا: «ادْنُ مِنِّي أُوَدِّعْكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوَدِّعُنَا فَيَقُولُ: «أَسْتَوْدِعُ اللهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ»»(٣٥)، وفي حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه أنه قال: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي»، قَالَ: «زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى»، قَالَ: «زِدْنِي»، قَالَ: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ»، قَالَ: «زِدْني، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي»، قَالَ: «وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ»»(٣٦)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ فَلْيَقُلْ لِمَنْ يُخَلِّفُ: أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ»(٣٧).

· فإذا وَضَع رِجلَه في الرِّكاب قال: «بِاسْمِ اللهِ»، فإذا استوى على ظهرها قال: «الحَمْدُ للهِ، ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ١٣ وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ١٤[الزخرف]، الحَمْدُ للهِ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ اللهُ أَكْبَرُ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ سُبْحَانَكَ، إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»(٣٨)، وهو ثابتٌ مِنْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه، وله أَنْ يُضيفَ ما ثَبَت مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ العَمَلِ مَا تَرْضَى؛ اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ؛ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ؛ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ المَنْظَرِ، وَسُوءِ المُنْقَلَبِ فِي المَالِ وَالأَهْلِ»(٣٩).

· وإذا عَلَا ثنيَّةً كبَّر، وإذا هَبَط سَبَّح، وإذا أَشرفَ على وادٍ هَلَّل وكَبَّر، وإذا نَزَل منزلًا قال: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»؛ لحديثِ جابر ابنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: «كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا»(٤٠)، ولحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا قال: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأَوْصِنِي»، قَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ»(٤١)، وفي حديثِ أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه قال: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا، ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا؛ إِنَّهُ مَعَكُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ، تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ»»(٤٢)، وفي حديثِ خولة بنتِ حكيمٍ رضي الله عنها قالت: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ»»(٤٣).

وله أَنْ يَدْعُوَ اللهَ تعالى في سفره، ويسأله مِنْ خير الدُّنيا والآخرة؛ لأنَّ الدعاء في السفر مستجابٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ»(٤٤).

· أَنْ يحرص على مراعاة الآداب والأذكار والأدعيةِ الواردةِ في أعمال العمرة والحجِّ الآتية(٤٥)، فإِنْ فَرَغ مِنْ عُمرته أو حَجِّه وأدَّى زيارتَه وقضى حاجَتَه فعليه أَنْ يعجِّل الرجوعَ إلى أهله وبلده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ: يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ؛ فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ(٤٦) فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ»(٤٧)، قال ابنُ حجرٍ رحمه الله: «وفي الحديث: كراهةُ التغرُّب عن الأهل لغير حاجةٍ، واستحبابُ استعجال الرجوع، ولا سيَّما مَنْ يخشى عليهم الضيعةَ بالغَيْبة، ولِمَا في الإقامة في الأهل مِنَ الراحة المُعينةِ على صلاح الدِّين والدُّنيا، ولِمَا في الإقامة مِنْ تحصيل الجماعات والقوَّة على العبادة»(٤٨).

وإذا قَفَل راجعًا مِنْ سفره يُكبِّر على كُلِّ شرفٍ مِنَ الأرض ثلاثًا، ثمَّ يقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ؛ صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَه»، لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَفَلَ مِنَ الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ ـ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: الغَزْوِ ـ يَقُولُ: كُلَّمَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ...»»(٤٩)، الحديث، وإذا أَشرفَ على بلده قال: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»، ولا يزال يقولها حتَّى يدخلها؛ لحديثِ أنسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَشْرَفَ عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ»(٥٠).

· الحادي عشر: أَنْ يتَّصِل بأهله بوسائل الاتِّصال حتَّى لا يُفاجِئهم بمَقْدَمِه عليهم؛ لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا»(٥١)، وفي لفظٍ له رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا»(٥٢)، والمرادُ بالطروق هو: المجيءُ مِنْ سفرٍ أو مِنْ غيره على غفلةٍ؛ إذ قد يَجِدُ أهلَه على غيرِ أهبةٍ مِنَ التنظُّف والتزيُّن المطلوبين مِنَ المرأة؛ فيكون ذلك سببَ النفرة بينهما(٥٣).

فهذا ما أَمكنَ جمعُه في هذه النصيحة التوجيهية، على أملِ أَنْ يسلك بها الحاجُّ والمعتمِرُ سبيلَ المتَّقين، ويسيرَ على درب الصالحين مِنَ التخلُّص مِنَ الذنوب والمعاصي بالتوبة والاستغفار وردِّ المظالم، والتزوُّد بالتقوى والعمل الصالح، ومجاهدةِ النفس عن السوء والهوى بالْتزام أحكام الشرع، والتحلِّي بأخلاقه وآدابه ومحاسبتها؛ خوفًا مِنْ مَقامِ ربِّه عزَّ وجلَّ؛ قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ٤٠ فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ٤١[النازعات].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، وسلّم تسليمًا.

 

الجزائر في:٢٠ رمضان ١٤٣٠ﻫ

الموافق ﻟ: ١٠ سبتمبر ٢٠٠٩م



(١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٣٧) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢) تنبيه: باب التوبة مُنقطِعٌ في ثلاثة أحوال:

· الحالة الأولى: عند نزول العذاب لقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَا قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥ وَكَفَرۡنَا بِمَا كُنَّا بِهِۦ مُشۡرِكِينَ٨٤ فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ[غافر: ٨٤ ـ ٨٥].

· والحالة الثانية: إذا بلغَتِ الروحُ الحلقومَ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمَ يُغَرْغِرْ» [أخرجه الترمذيُّ في «الدعوات» بابٌ في فضل التوبة والاستغفار وما ذُكِر مِنْ رحمة الله بعباده (٣٥٣٧) مِنْ حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما، وأخرجه ابنُ ماجه في «الزهد» بابُ ذِكر التوبة (٤٢٥٣) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «صحيح سنن الترمذي» (٣/ ٤٥٣ ـ ٤٥٤) وفي «صحيح سنن ابنِ ماجه» (٣/ ٣٨٣)].

· والحالة الثالثة: إذا طلعَتِ الشمسُ مِنْ مغربها لقوله تعالى: ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ يَأۡتِيَ بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَۗ يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِيٓ إِيمَٰنِهَا خَيۡرٗاۗ[الأنعام: ١٥٨]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» [أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابٌ في الهجرة: هل انقطعَتْ؟ (٢٤٧٩) مِنْ حديثِ معاوية بنِ أبي سفيان رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح سنن أبي داود» (٢/ ٩٠)].

(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ فضلِ الحجِّ المبرور (١٥٢١)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٥٠)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٤) أخرجه أبو داود في «السنَّة» بابٌ في لزوم السنَّة (٤٦٠٧)، والترمذيُّ في «العلم» بابُ ما جاء في الأخذ بالسنَّة واجتنابِ البِدَع (٢٦٧٦)، وابنُ ماجه في «المقدِّمة» بابُ اتِّباع سنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين (٤٢)، مِنْ حديثِ العِرْباض بنِ سارية رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٩/ ٥٨٢)، وابنُ حجرٍ في «موافقة الخُبْرِ الخَبرَ» (١/ ١٣٦)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٧٣٥)، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٤/ ١٢٦)، وحسَّنه الوادعيُّ في «الصحيح المسند» (٩٣٨).

(٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصلح» باب: إذا اصطلحوا على صُلحِ جَوْرٍ فالصلحُ مردودٌ (٢٦٩٧)، ومسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٦) أخرجه مسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٧) «شرح السنَّة» للبربهاري (٢٣).

(٨) أخرجه الطبرانيُّ في «الأوسط» (٤٣٦٠)، والمنذريُّ في «الترغيب والترهيب» وحسَّنه (١/ ٨٦). وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ١٥٤).

(٩) أخرجه مسلمٌ في «الزهد والرقائق» (٢٩٨٥).

(١٠) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الرِّقاق» باب الرِّياء والسُّمعة (٦٤٩٩)، ومسلمٌ في «الزهد والرقائق» (٢٩٨٧)، مِنْ حديثِ جندب بنِ عبد الله بنِ سفيان العَلَقيِّ البَجَليِّ رضي الله عنه.

(١١) «جامع العلوم والحِكَم» لابن رجب (١٣ـ ١٦) [بتصرُّف].

(١٢) انظر: «الدِّين الخالص» لصدِّيق حسن خان (٢/ ٣٨٥).

(١٣) «مواهب الجليل» للحطَّاب (٣/ ٥٠٣).

(١٤) أخرجه النسائيُّ في «الجهاد» بابُ مَنْ غَزَا يَلتمِسُ الأجرَ والذِّكر (٣١٤٠)، مِنْ حديثِ أبي أُمامةَ الباهليِّ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ، انظر: «السلسلة الصحيحة» (١/ ١١٨) رقم: (٥٢).

(١٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «بدء الوحي» باب: كيف كان بدءُ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (١)، ومسلمٌ في «الإمارة» (١٩٠٧)، مِنْ حديثِ عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه.

(١٦) وممَّا يجدر التنبيه له ولفتُ النظر إليه: أنَّ زيارة مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليس هو الحجَّ ولا جزءًا مِنَ الحجِّ كما يعتقده مُعظَمُ العوامِّ عندنا، وإنما هو عملٌ مُستقِلٌّ بذاته مرغَّبٌ فيه، ولا علاقةَ له بالحجِّ ولا ارتباطَ له بمناسكه، فلْتَنتبِهْ!!

(١٧) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصلاة» بابُ فضل الصلاة في مسجد مكَّة والمدينة (١١٨٩)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٩٧)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(١٨) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الصلاة» بابُ فضل الصلاة في مسجد مكَّة والمدينة (١١٩٠)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٩٤)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(١٩) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في المجروح يتيمَّم (٣٣٦) مِنْ حديثِ جابر ابنِ عبد الله رضي الله عنهما. وحسَّنه الألبانيُّ في «تمام المِنَّة» (ص ١٣١) وفي «صحيح سنن أبي داود» (٣٣٦).

(٢٠) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٩٧)، والبيهقيُّ بلفظِ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» في «السنن الكبرى» (٩٥٢٤)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(٢١) أخرجه الدارميُّ في «سننه» (١/ ٨٠)، والبيهقيُّ في «شُعَب الإيمان» (٢/ ٤٠٧)، والطبرانيُّ في «المُعجَم الكبير» (٩/ ١٥٤)، قال الهيثميُّ في «مَجْمَع الزوائد» (١/ ١٨٦): «رجالُه رجالُ الصحيح»، وصحَّحه الألبانيُّ، انظر: «السلسلة الضعيفة» (٢/ ١٩).

(٢٢) أخرجه البخاريُّ في «المظالم والغصب» باب: مَنْ كانَتْ له مَظْلَمةٌ عند الرَّجل فحلَّلها له: هل يبيِّن مَظلَمتَه؟ (٢٤٤٩) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢٣) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٥٨١) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢٤) أخرجه مسلمٌ في «الوصيَّة» (١٦٢٧) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٢٥) مُتَّفَقٌ عليه: رواه البخاريُّ في «النفقات» بابُ فضل النفقة على الأهل (٥٣٥٤)، ومسلمٌ في «الوصيَّة» (١٦٢٨)، مِنْ حديثِ سعد بنِ أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه.

(٢٦) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الوصايا» باب الوصيَّة بالثُّلُث (٢٧٤٣)، ومسلمٌ في «الوصيَّة» (١٦٢٩)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٢٧) جزءٌ مِنْ حديثٍ مُتَّفَقٍ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الاستقراض» باب: العبدُ راعٍ في مال سيِّده، ولا يعمل إلَّا بإذنه (٢٤٠٩)، ومسلمٌ في «الإمارة» (١٨٢٩)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٢٨) أخرجه مسلمٌ في «الزكاة» (١٠١٥) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢٩) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ قول الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ ﴾ (١٥٢٣) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٣٠) أخرجه أبو داود في «الأدب» بابُ مَنْ يُؤمَر أَنْ يُجالِس (٤٨٣٢)، والترمذيُّ في «الزهد» بابُ ما جاء في صُحبة المؤمن (٢٣٩٥)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٣٤١).

(٣١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الذبائح والصيد» باب المِسك (٥٥٣٤)، ومسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (٢٦٢٨)، مِنْ حديثِ أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه.

(٣٢) أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابٌ في الرَّجل يسافر وَحْدَه (٢٦٠٧)، والترمذيُّ في «الجهاد» بابُ ما جاء في كراهِيَةِ أَنْ يُسافِر الرَّجلُ وَحْدَه (١٦٧٤)، مِنْ حديثِ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ١٣١) رقم: (٦٢).

(٣٣) أخرجه البخاريُّ في «الجهاد» باب السَّيْر وَحْدَه (٢٩٩٨) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٣٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ حجِّ النساء (١٨٦٢)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٤١)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٣٥) أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابٌ في الدعاء عند الوداع (٢٦٠٠)، والترمذيُّ في «الدَّعَوات» بابُ ما يقول إذا ودَّع إنسانًا (٣٤٤٣). والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٤٨) و«صحيح الجامع» (٤٧٩٥).

(٣٦) أخرجه الترمذيُّ في «الدَّعَوات» (٣٤٤٤) مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣٥٧٩).

(٣٧) أخرجه الطبرانيُّ في «الدعاء» (٢/ ١١٨٢)، وبنحوه ابنُ ماجه في «الجهاد» باب تشييع الغُزَاة ووَداعِهم (٢٨٢٥). والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٥١)، وانظر: «صحيح الكَلِم الطيِّب» (١٦٧).

(٣٨) أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابُ ما يقول الرَّجل إذا رَكِب (٢٦٠٢) مِنْ حديثِ عليِّ ابنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح سنن أبي داود» (٢/ ٤٩٣).

(٣٩) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٤٢).

(٤٠) أخرجه البخاريُّ في «الجهاد والسِّيَر» باب التسبيح إذا هَبَط واديًا (٢٩٩٣).

(٤١) أخرجه الترمذيُّ في «الدعوات» (٣٤٤٥)، وابنُ ماجه في «الجهاد» بابُ فضلِ الحرس والتكبيرِ في سبيل الله (٢٧٧١). والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٣٠٨) و«صحيح الجامع» (٢٥٤٥).

(٤٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجهاد والسِّيَر» بابُ ما يُكرَه مِنْ رفع الصوت في التكبير (٢٩٩٢)، ومسلمٌ في «الذِّكر والدعاء والتوبة والاستغفار» (٢٧٠٤).

(٤٣) أخرجه مسلمٌ في «الذِّكر والدعاء والتوبة والاستغفار» (٢٧٠٨).

(٤٤) أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب الدعاء بظهر الغيب (١٥٣٦)، والترمذيُّ في «البرِّ والصِّلَة» بابُ ما جاء في دعوة الوالدَيْن (١٩٠٥)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢/ ١٤٥) رقم: (٥٩٦) و«صحيح الجامع» (٣٠٣٣).

(٤٥) انظر: أعمال العمرة، وأعمال الحج.

(٤٦) النهمة: بلوغ الهِمَّة في الشيء، [انظر: «النهاية» لابن لأثير (٥/ ١٣٨)].

(٤٧) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب: السفرُ قطعةٌ مِنَ العذاب (١٨٠٤)، ومسلمٌ في «الإمارة» (١٩٢٧)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٤٨) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٦٢٣).

(٤٩) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجهاد والسِّيَر» باب التكبير إذا عَلَا شرفًا (٢٩٩٥)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٤٤).

(٥٠) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجهاد والسِّيَر» بابُ ما يقول إذا رَجَع مِنَ الغزو (٣٠٨٥)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٤٥).

(٥١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب: لا يَطْرُق أهلَه ليلًا إذا أطال الغَيبةَ مَخافةَ أَنْ يخوِّنهم أو يلتمسَ عَثَراتِهم (٥٢٤٣)، ومسلمٌ في «الإمارة» (٧١٥).

(٥٢) أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب: لا يَطْرُق أهله ليلًا (٥٢٤٤).

(٥٣) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (٩/ ٣٤٠).