في حكم منعِ الوليِّ ابنتَه مِنَ التزوُّج مِنْ كفءٍ ظلمًا | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الثلاثاء 7 شوال 1445 هـ الموافق لـ 16 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٢٨٦

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ الكفاءة

في حكم منعِ الوليِّ ابنتَه مِنَ التزوُّج مِنْ كفءٍ ظلمًا

السؤال:

أريد أَنْ أسألكم عن قضيَّةِ زواجي مِنْ بنتٍ مغربيَّةِ الأصلِ راغبةٍ في الزواج بي، لكنَّ أباها يأبى ويرفض لأنِّي جزائريُّ الجنسيَّة، بالإضافة إلى ما تُعاني منه هذه البنتُ في بيتها مِنْ جهلٍ بالعلم الشرعيِّ وسوءِ معامَلة أخيها وأبيها، وقد حاوَلْتُ عِدَّةَ مرَّاتٍ أَنْ أُطْلِعه على كفاءتي بمساعدةِ إمام الحيِّ وأمِّها، لكِنْ دون جدوى، وهَجَرَ المسجدَ بسببِ مُسانَدةِ إمام الحيِّ لي ووقوفِه إلى جانبي في هذه القضيَّة، فهل تسقط ولايةُ الأب عن بنته في هذه الحال؟ وما تنصحوننا به؟ بارك الله فيكم.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ العلماء متَّفِقُون على أنَّه ليس للوليِّ أَنْ يمنع مُولِّيته مِنَ الزواج دون مسوِّغٍ شرعيٍّ فيرفضَ تزويجَها مِنْ كفءٍ يُرْضَى دِينُه وخُلُقُه بمهرِ مِثلها، فإِنْ فَعَل فإنَّه يُعَدُّ عاضلًا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوۡاْ بَيۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ[البقرة: ٢٣٢]، ومِنْ حقِّها أَنْ ترفع أَمْرَها إلى القاضي ليزوِّجها؛ لأنَّ العَضْلَ ظلمٌ، وولايةَ رفعِ الظلم مُسْنَدَةٌ إلى القاضي، فإِنْ تعذَّر الوصولُ إلى القاضي فلها أَنْ يزوِّجها منه أولياؤها الأقربون، فإِنِ امتنعوا فلها أَنْ تُصيِّر أَمْرَها إلى إمامِ مسجدٍ أو مَنْ يُوثَقُ به مِنْ جيرانها فيزوِّجُها ويكونُ هو وليَّها؛ لأنَّ هذا مِنْ قبيل التحكيم، و«المُحَكَّمُ يَقُومُ مَقَامَ الحَاكِمِ»؛ ولأنَّ النَّاس مضطرُّون إلى الزواج، وإنَّما يعملون فيه بأَحْسَنِ ما يمكن، وهو ما ذَهَب إليه مالكٌ ـ رحمه الله ـ في المرأة الضعيفةِ الحالِ؛ وفي هذا المعنى قال القرطبيُّ ـ رحمه الله ـ: «وعلى هذا قال مالكٌ في المرأة الضعيفةِ الحالِ: إنَّه يُزوِّجها مَنْ تُسْنِد أَمْرَها إليه؛ لأنَّها ممَّنْ تضعف عن السلطان؛ فأَشْبَهَتْ مَنْ لا سلطانَ بحضرَتِها؛ فرجعَتْ ـ في الجملة ـ إلى أنَّ المسلمين أولياؤها»(١).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٨ شعبان ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٢ سبتمبر ٢٠٠٥م

 



(١) «تفسير القرطبي» (٣/ ٧٦).