Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م



مَا خلا جَسَدٌ من حسد

«الْحَسَد مرضٌ من أمراض النَّفس وَهُوَ مرضٌ غَالبٌ فَلا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس، وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَدٌ من حسدٍ، لَكِنَّ اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه، وَقد قيل لِلْحسنِ الْبَصْرِيِّ: أيحسد الْمُؤمن فَقَالَ مَا أنساك إخوة يُوسُف لا أَبَا لَك وَلَكِنْ عَمِّه فِي صدرك فَإِنَّهُ لَا يَضرُّك مَا لم تَعْدُ بِهِ يدًا وَلِسَانًا، فَمن وجد فِي نَفسه حسدا لغيره فَعَلَيهِ أَن يسْتَعْمل مَعَه التَّقْوَى وَالصَّبْر فَيكْرَهَ ذَلِك من نَفسه، وَكثيرٌ من النَّاس الَّذين عِنْدهم دينٌ لا يعتدون على الْمَحْسُود فَلا يعينون مَن ظلمه وَلَكنَّهُمْ أَيْضًا لا يقومُونَ بِمَا يجب من حَقِّه بل إِذا ذمَّه أحدٌ لم يوافقوه على ذمِّه وَلا يذكرُونَ محامده وَكَذَلِكَ لَو مدحه أحدٌ لسكتوا وَهَؤُلاء مدينون فِي ترك الْمَأْمُور فِي حَقِّه مفرِّطون فِي ذَلِك لا معتدون عَلَيْهِ، وجزاؤهم أَنهم يُبخسون حُقُوقهم فَلا يُنْصَفون أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ وَلا يُنْصرُونَ على من ظلمهم كَمَا لم يَنْصرُوا هَذَا الْمَحْسُودَ، وَأمَّا من اعْتدى بقولٍ أَو فعلٍ فَذَلِك يُعَاقَب، وَمن اتَّقى اللهَ وصبر فَلم يدْخل فِي الظَّالِمين نَفعه الله بتقواه»

[«أمراض القلب وشفاؤها» لابن تيمية (٢١)]