الفتوى رقم: ٥٣٨

الصنف: فتاوى الصلاة - صلاة التطوُّع

في معنى الشفع ووقت إيقاعه

السؤال: من الشائع بين الناس عند الفراغ مِن صلاة العشاءِ القيامُ إلى صلاة الشفع ثمَّ تَلِيها ركعةُ الوتر، فإذا نوى المصلِّي أَنْ يقوم الليلَ فهل يصلِّي ركعتَيِ الشفع مع العشاء أم يجعلها مع قيامه؟

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فيُوجَد فرقٌ بين سُنَّة الراتبة البعدية المؤكَّدة وبين صلاة الليل:

- أمَّا الأولى: فقد ثَبَتَتْ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: «حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ يُدْخَلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا»(١).

- أمَّا صلاة الليل: فهي ما كانت مع صلاة الوتر الذي يبدأ وقتُها مِن بعد صلاة العشاء حتَّى الفجر لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرْآنِ»(٢)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ»(٣)، فأعلى عدد الوِتر إحدى عشرة ركعةً، وأَقلُّه ركعةٌ واحدةٌ، والصلاةُ إن أدَّاها مثنى: -أي: ركعتين- مع الوتر سُمِّيَتْ شفعًا لغةً، والشفع بمعنى الزوج، وهو اسمُ جنسٍ يقع على كلِّ عددٍ زوجيٍّ، ولم يأتِ مِن الشرع تسميتُها بذلك لا فرضًا ولا نفلاً، وقد ثَبَتَ ذلك في رواية البخاريِّ قولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ»(٤)، وفي حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلاً سأل رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُم الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى»(٥).

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢ شـعبان ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ أوت ٢٠٠٦م


(١) أخرجه البخاري في «التهجُّد» باب الركعتين قبل الظهر (١١٨٠) مِن حديث عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما.

(٢) أخرجه أبو داود في «الصلاة» (١٤١٦)، والترمذي في «الوتر» (٤٥٣)، والنسائي في «قيام الليل» (١٦٧٥)، وابن ماجه في «إقامة الصلاة» (١١٦٩)، مِن حديث عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه. وصحَّحه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد» (٢/ ١٦٤)، والألباني في «صحيح الجامع» (٧٨٦٠)، وحسَّنه مقبل الوادعي في «الصحيح المسند» (٩٨١).

(٣) أخرجه البخاري في «الوتر» (٩٩٦)، ومسلم في «صلاة المسافرين» (٧٤٥)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها.

(٤) أخرجه البخاري في «الوتر» (٩٩٣)، ومسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧٤٩)، مِن حديث عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما.

(٥) أخرجه البخاري في «الوتر» (٩٩٠)، ومسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧٤٩)، مِن حديث عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)