الفتوى رقم: ٧٥٨

الصنـف: فتاوى منهجية

في حكم التكفير بلازم المذهب

السـؤال:

هل لازم المذهبِ مذهبٌ؟ وهل يجوز التكفير بلازمه، أي: هل يصحّ التكفير بالمآل؟

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالذي عليه أهلُ التحقيقِ أنّ لازمَ المذهبِ إن صرَّح به صاحبُهُ، أو أشار إليه، أو التزمه(١)، أو عُلم من حاله أنّه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره؛ فهو مذهبٌ له.

فإن كان لازمُ قوله حقا، فإنّه يضاف إليه؛ لأنّ لازمَ الحقِّ حقٌّ، وكذلك لازمُ الباطل باطلٌ؛ ذلك لأنّ لوازمَ الأقوالِ من جُملة الأدلّة في الحكم على صحّتها أو فسادها، حيث يُستَدَلُّ بصحّة اللازم على صحّة الملزوم، وبفساد اللازم على فساد الملزوم. لذلك كان اللاّزم من قول الله تعالى وقولِ رسولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يثبت ويحكم به؛ لأنّ كلامَ الله ورسولِه حقٌّ، ولازمُ الحقِّ حقٌّ؛ ولأنّ الله تعالى عالِمٌ بما يكون لازمًا من كلامه وكلامِ رسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فيكون مرادًا(٢).

أمّا إذا كان لازمُ قولِه الذي لم يصرّح به، أو لم يُشِرْ إليه، ولم يلتزمه، أو سكت عنه، ولم يذكره بالتزام ولا منعٍ، أو صرّح بمنع التلازم بينه وبين قوله. فالصحيح أنّ نسبة القول إليه تقويلٌ له ما لم يقل، ولا يُلزَم بما لم يَلْتَزِمه، ولا يؤاخذ به، إذ «لاَ يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلُ قَائِلٍ»؛ لأنّه قد يصدر منه ما يلزمه، وهو ذاهلٌ عن فساد اللاّزم، ولو كان قريبًا، لقصور علم المخلوق وعدم عصمته.

وعليه؛ فإنّه بهذا الاعتبار لا يضاف إليه قول، ولا يقوَّل ما لم يقل، لكن غاية ما يستفيده من معرفة اللاّزم فسادَ قول الخصم، وتناقضَه، ولا يتعدّى به إلى التكفير؛ لأنّ التكفيرَ بالمآل تقويلٌ وافتراءٌ يفتقر إلى دليلٍ شرعيٍّ يُسنِده، قال ابنُ تيمية -رحمه الله-: «ولو كان لازم المذهب مذهبًا للزم تكفيرُ كلِّ من قال عن الاستواء وغيرِه من الصفات إنّه مجازٌ ليس بحقيقة، فإنّ لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه أو صفاته حقيقة»(٣).

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٤ رمضان ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ سبتمبر ٢٠٠٧م


(١) مثل أن يقال لمن يثبت وزن الأعمال في الآخرة، يلزمك القول بجواز وزن الأعراض، فيصرّح بإثبات اللاّزم أو يلتزمه أو أنّه لا يمنع من التزامه بعد ظهوره، كان يقول: إنّ أحوال الآخرة مختلف عن أحوال الدنيا، واللهُ تعالى على كلّ شيء قدير، ثمّ أنّه لا يمنع ذلك لما علم وجود في عصرنا موازين للحرارة والبرودة والإضاءة وغيرها من الأعراض. فهذا اللاّزم حقّ يضاف إليه.

(٢) انظر: «القواعد المثلى» للعثيمين: (١٥).

(٣) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (٢٠/ ٢١٧).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)