الفتوى رقم: ٨١٢

الصنف: فتاوى الأسرة ـ انتهاء عقد الزواج ـ الطلاق

في حكم الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ

السؤال:

ما حكمُ الطلاق الثلاث باللفظ الواحد؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فمسألةُ الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ مسألةٌ كثيرةُ النُّقُول، وطويلةُ الذيول، قديمةُ الخلاف، ومُتشَعِّبةُ الأطراف؛ وأقوى الأقوالِ فيها حُجَّةً وأَصَحُّها نَظَرًا مذهبُ القائلين بأنَّ الطلاقَ الثلاثَ بكلمةٍ واحدةٍ، أو بكلماتٍ في مجلسٍ واحدٍ مِنْ غيرِ تَخَلُّلٍ برجعةٍ لا يقع إلَّا طلقةً واحدةً، وهو مذهبُ أهلِ التحقيق، وبه قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية وتلميذُه ابنُ القيِّم، ورجَّحه الشوكانيُّ ـ رحمهم الله تعالى ـ.

هذا، وعُمْدَةُ رأيِهِم حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما الثابتُ في «صحيح مسلمٍ» وغيرِه بإسنادٍ كُلُّ رجالِه أَئِمَّةٌ: أنَّ أبا الصهباءِ قال له: «أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الثَّلَاثَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنهما تُرَدُّ إِلَى الوَاحِدَةِ؟» قَالَ: «نَعَمْ»(١)؛ وللحديث ألفاظٌ وأسانيدُ، وهو واضِحُ الدلالة على اعتبارِ الطلاق الثلاث بكلمةٍ واحدةٍ على عَهْدِ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم وأبي بكرٍ طلقةً واحدةً، وهو الحكمُ المُعوَّلُ عليه الذي أَقرَّه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، وتَمَّ إجماعُ الصحابة عليه؛ وأمَّا ما أَمْضاه عمرُ بنُ الخطَّاب رضي الله عنه ثلاثًا فعلى سبيلِ العقوبة لاستهانتهم بأَمْرِ الطلاق، ولم يأتِ مَنْ حَاوَلَ التخلُّصَ عنه بِحُجَّةٍ تَنْفُقُ.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٨ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ مارس ٢٠٠٧م

 



(١) أخرجه مسلمٌ في «الطلاق» (١٤٧٢)، وأبو داود في «الطلاق» باب نسخِ المراجعة بعد التطليقات الثلاث (٢٢٠٠)، والنسائيُّ في «الطلاق» بابُ طلاق الثلاث المتفرِّقة قبل الدخول بالزوجة (٣٤٠٦) واللفظ له، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)