الفتوى رقم: ١١١٠

الصنف: فتاوى طبِّية

في ذِكْرِ هيئاتٍ مشروعةٍ في الرقية

السؤال:

ما هي الهيئاتُ الصحيحةُ في الرقية؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ أَوْلى الهيئاتِ اتِّباعًا ما ثَبَتَ فيها نصٌّ شرعيٌّ يُجيزُها كغَسْلِ العائنِ بعضَ أطرافِ بَدَنِه وصَبِّه على المُصابِ بالعين، كما وَرَدَ في قصَّةِ عامرِ بنِ ربيعةَ رضي الله عنه الذي عانَ سهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ رضي الله عنه؛ «فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ»(١)، وكالنفثِ ـ حالَ الرقية ـ بِرِيقٍ قُرِئَ فيه القرآنُ والأدعيةُ والأذكارُ الشرعية فهذا جائزٌ، وقَدْ كان صلَّى الله عليه وسلَّم يَنْفُثُ في يديه عند نومه ﺑ: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١﴾، و﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ ١﴾ ، و﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ١﴾، فيمسحُ بهما وَجْهَه وما استطاع مِنْ جَسَدِه ثلاثًا(٢).

والأصلُ: أنَّ المُباشِرَ للرقية هو الذي يَنْفُثُ على المريض مِنْ ريقِه الذي جَمَعه مِنْ قراءته للقرآن الكريم؛ فقَدْ صحَّ فيه حديثُ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا: «هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ؟» فَقَالُوا: «إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا، وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا»؛ فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ؛ فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ القُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ؛ فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: «لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ»»(٣).

كما صحَّ مِنْ حديث عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَأَمْسَحُ عَنْهُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا»(٤).

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٥ شعبان ١٤٣٢ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٦ جويلية ٢٠١١م


(١) أخرجه ابنُ ماجه في «الطبِّ» بابُ العين (٣٥٠٩)، وأحمد (١٥٩٨٠)، مِنْ حديثِ أبي أُمامة بنِ سهل بنِ حُنَيْفٍ عن أبيه رضي الله عنهما.

(٢) أخرجه البخاريُّ في «فضائل القرآن» بابُ فضلِ المعوِّذات (٥٠١٧) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٣) أخرجه البخاريُّ في «الطبِّ» بابُ الرُّقَى بفاتحةِ الكتاب (٥٧٣٦)، ومسلمٌ في «السلام» (٢٢٠١)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه.

(٤) أخرجه البخاريُّ في «فضائل القرآن» بابُ فضلِ المعوِّذات (٥٠١٦)، ومسلمٌ في «السلام» (٢١٩٢)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)