الفتوى رقم: ٢٩٥

الصنف: فتاوى الصلاة - صلاة الجماعة

في حكم الاستنابة على بضاعةٍ عند حضور صلاة الجماعة

السؤال:

أعمل في السوق أنا وصديقي وإذا حضر وقتُ الصلاةِ يبقى واحدٌ منَّا يبيع، فما الحكم في ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالله تعالى أباحَ لنا الأموالَ والأولاد، لكِنْ شريطةَ أَنْ لا تكون مانعةً مِنَ القيام بالحقوق ولا صادَّةً عن أداء الواجبات؛ لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٩[المنافقون]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣٧[النور]؛ فينبغي أَنْ يحرص ـ هو وغيرُه ـ على صلاة الجماعة لِمَا فيها مِنَ الفضل العميم، لكِنْ إذا كان حالَ بينه وبين صلاة الجماعة مانعٌ يخشى أَنْ يرتِّب على نفسه أو على أموالِه مفسدةً أو كان له أشغالٌ تمنعه منها جاز له أَنْ يصلِّيَ في رحلِه، مع المحافظة على صلاة الفجر والعصر في المسجد ومع الجماعة ـ إِنْ لم يُحْرَج ـ فقَدْ صحَّ الحديثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَلَّمَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنِي: «وَحَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ»، قَالَ: قُلْتُ: «إِنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ لِي فِيهَا أَشْغَالٌ؛ فَمُرْنِي بِأَمْرٍ جَامِعٍ إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي»، فَقَالَ: «حَافِظْ عَلَى العَصْرَيْنِ»، وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا فَقُلْتُ: «وَمَا العَصْرَانِ؟» فَقَالَ: «صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا»(١)، وعليه أَنْ يحرص على كُلِّ ما ينفعه وخاصَّةً أمر الصلاة؛ فلا يعوِّد نَفْسَه على التخلُّف عن جماعة المسلمين في المسجد، بل يعمل ـ مستعينًا بالله ـ على حفظ الدِّين قولًا وعملًا وسلوكًا وأخلاقًا مِنْ غيرِ عجزٍ ولا فتورٍ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ»(٢).

أمَّا الشخص المتروك على البضاعة التي يحرسها له فينبغي عليه أَنْ ينبِّهه على أمرِ صلاة الجماعة لئلَّا يكون هو سببًا في تركِه لها، وإِنْ كان لا يصلِّي فينبِّهُه على عِظَمِها وخطورةِ تضييعها، فإِنْ كان يصلِّي فعلى الأقلِّ أَنْ يصلِّيَ بالتناوب معه؛ إذ ما لا يُدْرَك كُلُّه لا يُتْرَك جُلُّه.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٤ رمضان ١٤٢٦ﻫ
المـوافق ﻟ: ١٧ أكتوبر ٢٠٠٥م



(١) أخرجه أبو داود في «الصلاة» بابٌ في المحافظة على وقت الصلوات (٤٢٨) مِنْ حديثِ فَضالة الليثيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣١٢٢) وفي «السلسلة الصحيحة» (١٨١٣).

(٢) أخرجه مسلمٌ في «القَدَر» (٢٦٦٤) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)