الفتوى رقم: ١١٨٢

الصنف: فتاوى الصلاة - أحكام الصلاة

في حكم الصلاة بدون تغطية الرأس

السؤال:

انتشرَتْ في الآونة الأخيرة ظاهرةٌ في المساجد، وهي صلاةُ الأئمَّة بالناس وهُمْ حاسِرُو الرؤوس، فما حكمُ ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ العِمامةَ وما يجري مجراها كالطاقية أو القُبَّعة أو الغُتْرة ونحوِها قد ثبتَتْ لها فضيلةٌ ومِيزةٌ مِنْ جهةِ كونها تُميِّزُ المسلمَ عن الكافر؛ فهي شعارُه الظاهر، وشرفُ انتمائه إلى أهل الإسلام؛ لذلك كان الأفضلُ له جمالًا والأكملُ له مَظْهَرًا تغطيةَ رأسِه بها مطلقًا، وخاصَّةً داخِلَ الصلاة، لا سيَّما في حقِّ الإمام المقتدَى به؛ لأنَّ العمامة وما شاكَلَها ـ وإِنْ كانَتْ مِنْ سُنن العادة ـ إلَّا أنها معدودةٌ مِنْ زينة المسلم وكمالِ هيئته، والزينةُ والكمال مطلوبان كما في قوله تعالى: ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ[الأعراف: ٣١]، وفي قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»(١).

ولا يخفى أنَّ الأفضلية لا تُنافي جوازَ صلاةِ الإمام أو المنفرد أو المأموم حاسِرَ الرأسِ بدون تغطيةٍ له؛ لأنَّ عمومَ الجواز لا يَلْزَمُ منه التسويةُ أوَّلًا، ولأنَّ العِمامة أو ما شاكَلَها داخلةٌ في سُنن العادة لا في سُنن العبادة ثانيًا، ولأنَّ الرأس ليس بعورةٍ حتَّى يجب سَتْرُه ثالثًا؛ ذلك لأنَّ الأحاديث الواردةَ في فضل العمامة لم يصحَّ منها شيءٌ، مثل حديثِ: «صَلَاةُ تَطَوُّعٍ أَوْ فَرِيضَةٍ بِعِمَامَةٍ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً بِلَا عِمَامَةٍ، وَجُمُعَةٌ بِعِمَامَةٍ تَعْدِلُ سَبْعِينَ جُمُعَةً بِلَا عِمَامَةٍ»(٢)، وحديثِ: «رَكْعَتَانِ بِعِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا عِمَامَةٍ»(٣)، وحديثِ: «الصَّلَاةُ فِي العِمَامَةِ تَعْدِلُ عَشَرَةَ آلَافِ حَسَنَةٍ»(٤)، وغيرِها مِنَ الأحاديث الموضوعة المختلَقةِ والمكذوبةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٨ المحرَّم ١٤٣٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٢ أكتوبر ٢٠١٥م



(١) أخرجه مسلمٌ في «الإيمان» (٩١) مِنْ حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه.

(٢) أخرجه ابنُ عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٧/ ٣٥٥) والديلميُّ في «مسند الفردوس» (٢/ ١٠٨)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. قال السخاويُّ في «المقاصد الحسنة» (٤٦٦): «لا يثبت»، وقال المباركفوريُّ في «تحفة الأحوذي» (٥/ ٣٣٩): «قال المُناويُّ: قال ابنُ حجرٍ: موضوعٌ، وكذلك قال الشوكانيُّ في كتابه: «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة»، وفي الباب رواياتٌ أخرى ذَكَرَها الشوكانيُّ وغيرُه في موضوعاتهم»، وقال الألبانيُّ في «ضعيف الجامع» (٣٥٢٠) و«الضعيفة» (١٢٧): «موضوعٌ».

(٣) أخرجه الديلميُّ في «مسند الفردوس» (٢/ ٢٦٥) مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه. قال المُناويُّ في «فيض القدير» (٤/ ٣٧): «فيه طارق بنُ عبد الرحمن: أورده الذهبيُّ في «الضعفاء»، وقال: قال النسائيُّ: ليس بقويٍّ عن محمَّد بنِ عجلان، ذكَرَه البخاريُّ في «الضعفاء»، وقال الحاكم: سيِّئُ الحفظ، ومِنْ ثَمَّ قال السخاويُّ: هذا الحديث لا يثبت». وحَكَمَ عليه بالوضع علي القاري في «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» (١١٨) والألبانيُّ في «ضعيف الجامع» (٣١٢٩) و«السلسلة الضعيفة» (١٢٨، ٥٦٩٩).

(٤) رواه أَبَانُ بنُ أبي عيَّاشٍ وهو متَّهَمٌ عن أنسٍ رضي الله عنه. وحَكَمَ عليه بالوضع: السخاويُّ في «المقاصد الحسنة» (٤٢٣)، والشوكانيُّ في «الفوائد المجموعة» (١٨٨)، وابنُ عراقٍ في «تنزيه الشريعة» (٢/ ١٢٤)، وعلي القاري في «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع» (١١٨)، والألبانيُّ في «السلسلة الضعيفة» (١٢٩).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)