الفتوى رقم: ٣٤٧

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

في شرطية معرفة الخلاف للتبليغ

السؤال:

هل معرفة حكم مسألة ما بأدلتها من خلال قول عالم واحد كاف لتبليغها للناس؟ أم لابد من معرفة بقية أقوال أهل العلم؟ وإذا كان معرفة الخلاف في المسائل الشرعية ليس شرطا في التبليغ فما مدى صحة ما ينسب لشيخ الإسلام: "لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر من لم يعرف الخلاف"؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما، أمّا بعد:

فمعرفة قولٍ بدليله في مسألة أو جزء من موضوع مع عدم الاطلاع على الأقوال الأخرى وأدلتها في ذات المسألة، وتحصيلها عن طريق عالم، فذاك اتباع لمجتهد لا استنباط فيه ولا اجتهاد، فمثل هذا لا يخوَّل له أمر الافتاء وإلزامه للغير، وإنكار على الغير المسائل الاجتهادية، وإنما يسوغ له نقل فتوى لذلك العالم المأخوذ عنه إلى الغير وتبليغ الناس بها، وفرق ظاهر بين العارف باستنباط بعض مسائل الأحكام إذا توفرت فيه شروط الاجتهاد، وبين ناقل قول عالم في مسألة بأدلته فيها.

فالأول هو المعني عند الأصوليين بالمجتهد المتجزئ، ومذهب الأكثرين أنَّ من اجتمعت فيه شروط الاجتهاد من معرفة ما يتصل بموضوع الاجتهاد ومقاصد الشريعة وغيرها، وتكاملت شروطه في مسألة من المسائل، أو في موضوع من الموضوعات، مع الاطلاع على جميع الأقوال فيها مقرونة بأدلتها، وبذل جهده في معرفة الصواب، وعرف الحق بدليله، لزمه العمل بما انتهى إليه اجتهاده، وعليه أن يبلغه ويفتي به فحكمه في ذلك حكم المجتهد المطلق، ولو جهل ما لا تعلُّق له بالمسألة المجتهد فيها من بقية المسائل الفقهية، وهو الصحيح، لأنه ليس من شرط المفتي أن يكون عالمًا بجميع أحكام المسائل ومداركها، فلو لم يتجزأ الاجتهاد في حقه للزم علمه بأحكام المسائل وبأدلتها فاللازم باطل والملزوم مثله، وإذا فهم هذا المعنى فينتفي التعارض مع ما نسبتموه في سؤالكم عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

الجزائر في: ٢٥ صفر ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ مارس ٢٠٠٦م

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)