ولات حين مناص | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الثلاثاء 14 شوال 1445 هـ الموافق لـ 23 أبريل 2024 م



ولات حين مناص

المثل: «حَالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ»

المفردات: الجريض: الغصَّة، مِنَ الجَرَض وهو الريق يغصُّ به، يقال: جرض بريقه تجرَّض، وهو أن يبتلع ريقَه على همٍّ وحزنٍ، يقال: مات فلان جريضًا أي: مغمومًا، والقريض: الشِّعر، وحال: منع.

مضربه: يُضرب: للأمرِ المُعضِلِ يَعرِض فيشغل عن غيره من الأمور، وقيل: يُضرب للأمر يُقْدَر عليه أخيرًا حين لا ينفع.

مورده: قصَّته: أنَّ رجلًا كان له ابنٌ نبغ في الشعر، فنهاه أبوه عن ذلك، فجاش به صدرُه، ومرض حتَّى أشرف على الهلاك، فأذن له أبوه في قول الشعر فقال هذا القول.

وقيل : إنَّ عُبَيْدَ بْنَ الأَبْرَصِ وَفَد على النعمانِ الأكبر، وهو ابنُ الشقيقةِ وباني الخورنق، فامتدحه فوصله وأكرمه، وكان للنعمان يومُ بؤسٍ ويومُ نعيمٍ في السنة، فكان في يوم بؤسِه يركب فيقتل من لقيه، فورد عليه عُبَيْدُ بنُ الأبرصِ في يومِ بؤسِه، فقال له: «ما أخرجك؟، ثكلتْك أمُّك!» فقال: «حضورُ أجلي، وانقطاعُ أملي»، وكان مَن لقيه يومَ بؤسِه لم يخلِّصْه مِنَ الموتِ شيءٌ، فاستنشده:

أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ مَلْحُوبُ.......

فقال له : «حَالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ»، فعزم عليه أن يُنشد، فأنشده:

أَقْفَرَ مِنْ أُهَيْلِهِ عُبَيْدُ * فَاليَوْمَ لَا يُبْدِي وَلَا يُعِيدُ

ثمَّ قال له: «اخترْ، إن شئتَ أخرجتُ نفسك مِنَ الأكحلِ، وإنْ شئتَ من الأبجلِ، وإن شئتَ من الوريد، فقال عُبَيْدٌ:

خَيَّرْتَنِي بَيْنَ سَحَابَاتِ عَادٍ * فَرِدْتُ مِنْ بُؤْسِكَ شَرَّ المُرَادِ

وكان قتلُ النعمانِ لعُبَيْدٍ سببَ قطعِه يومَ بؤسِه، فلم يفعلْه بعدُ.

[«شرح مقامات الحريري» للشريشي (١/ ٣٨٨)]‏