اغتنام الأوقات والفرص | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الأربعاء 15 شوال 1445 هـ الموافق لـ 24 أبريل 2024 م



اغتنام الأوقات والفرص

المثل: «الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ».

والتاء مِن «ضيَّعتِ» مكسورٌ في كلِّ حالٍ إذا خُوطب به المذكَّرُ والمؤنَّثُ والاثنان والجمعُ، لأنَّ المثلَ في الأصلِ خوطبتْ به امرأةٌ، ولكنَّ الأمثالَ تُحكى كما جاءت لا تُغيَّر.

يُضرب: لمن يطلب شيئًا فوَّته على نفسِه أي: من ضيَّع أمْرَه ثمَّ تعرَّض لاستدراكه بعد فوته.

قصَّته: قاله عمرُو بْنُ عُدَسَ التميميُّ، وكان تزوَّج دَخْتَنُوسَ بنتَ لقيطِ بنِ زرارةَ ـ وكان شيخًا كبيرًا ذا مالٍ كثيرٍ ـ فأبغضتْه بسبب كِبَرِه وسألتْه طلاقَها، فطلَّقها ثمَّ تزوَّجها فتًى جميلُ الوجه وهو عُمَيْرُ بن معبدِ بنِ زرارةَ ـ وكان شابًّا مُعْدَمًا ـ، فبينما هو معها جالسٌ إذ مرَّت بهما إبلُ عمرِو بنِ عُدَسَ كالليل لكثرتها وكانتْ قد أجدبتْ، فقال لها عُمَيْرٌ: «ابعثي إلى عمرٍو يعطيك لبنًا أو حلوبةً»، فأرسلتْ إليه رسولًا بذلك، فقال لرسولها: «قُلْ لها: الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ»، فلمَّا بلغها ذلك ضربتْ على كتفِ ابنِ عمِّها، وقالتْ: «هذا ومذْقُه خيرٌ»، تعني أنَّ هذا الزوجَ مع عدمِ اللبن خيرٌ مِن عمرٍو، فذهبتْ كلماتُها مثلًا لمن يقنع باليسير إذا لم يجدِ الخطيرَ. فيريد أنه طلَّقها في الصيف فضاع لبنُها في ذلك الوقت، وخصَّ الصيفَ بالذكر لأنها كانتْ سألتْه الطلاقَ فيه، فكأنها يومئذٍ ضيَّعَتِ اللبنَ.

[«شرح مقامات الحريري» للشريشي (٣/ ٣١٣)]