Skip to Content
الخميس 18 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 28 مارس 2024 م

البيان الأخويُّ الحميم
على حدث غزَّة الأليم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرْسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فإنَّ المآسيَ المُحْزِنةَ والأحداثَ الداميةَ المُؤْلمةَ التي يُعايِشهَا قِطاعُ «غَزَّةَ» والأراضِي الفلسطينيةُ ـ حاليًّا ـ ما هي إلَّا حلقةٌ متواصلةٌ من سلسلة المؤامراتِ الصهيونيةِ ومخطَّطاتها المدمِّرةِ لإشاعةِ الفوضى، وإثارةِ الفتن والوقيعةِ بين الشعب الفلسطينيِّ ودولتِه وشعوبِ المنطقة، بل مع عامَّةِ المسلمين، مصحوبًا بالإرهاب الفكريِّ والعسكريِّ بتأييدِ الدولِ القويَّةِ وتعزيزها في تنفيذِ مخطَّطاتها الهادفة إلى إضعافِ شوكةِ المسلمين، وتشتِيتِ صفِّ الفلسطينيين، وكسرِ إرادةِ شعبهم وتمييعِ قضيَّتهم.

هذا، وإنَّ إدارة موقع الشيخِ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ تتتبَّع ـ بكلِّ ألمٍ وأسًى ـ ما حصل ويحصل لإخواننا المسلمين في الأراضي الفلسطينية وفي قطاع «غَزَّةَ» منْ غمَّةٍ ونكبةٍ، وتقتيلٍ وتشريدٍ، وتفجيرٍ وتدميرٍ، وغيرِ ذلك من تنفيذٍ للتدبيراتِ العدوانيةِ والمخطَّطاتِ الإرهابية اليهودية، وما يمدُّها به إخوانها في الغيِّ من طاقةٍ مادِّيةٍ وبشريةٍ ومعنويةٍ، فإنها تعكسُ الحقدَ الدفينَ الذي يُكنُّهُ عمومُ الكفَّار للمسلمين.

وانطلاقًا مِن واجبِ الأخوَّة الإيمانية، فإنَّ الموقفَ الشرعيَّ يُوجبُ على المسلمينَ الوقوفَ مع إخوانهم الفلسطينيِّين في البأساء والضرَّاء وحينَ البأسِ، عملًا بقولهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ[الحجرات: ١٠] وأنْ يُحبُّوا لهم ما يُحبُّون لأنفسهم، ويَكرهوا لهم ما يكرهون لأنفسهم لقوله : «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»(١)، ولقوله : «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ: إِذَا اشْتَكَىٰ مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»(٢)، وقوله : «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»(٣).

كما يستدعي الموقفُ الشرعيُّ التعاونَ على نصرتهم ـ بصدقٍ وإخلاصٍ ـ لإزالةِ العدوان ورفعِ الظلم والأذى والطغيانِ، كُلٌّ بحسبِ قدرته وحجمِ استطاعته، سواءٌ بالتعاونِ المادِّيِّ لقوامِ أبدانهم بالتغذية والتداوي وتقويةِ شوكتهم، أو بالتعاونِ المعنويِّ، والتآزرِ معهم بنصرة قضيَّتهم على نطاقٍ خاصٍّ أو عامٍّ، سواءٌ في المؤتمرات والمحافل الدولية أو القارِّيَّةِ أو الإقليمية أو الشعبية، ومِنَ الدعم المعنويِّ: التوجُّهُ إلى الله تعالى بالدعاء لهم بكشفِ غمَّةِ آلامهم ومحنتهم ومأساتهم، ورفعِ بليَّتهم وشدَّتِهم، وإصلاحِ أحوالهم، وتحقيقِ آمالهم، ولمِّ شملهم، وترشيدِ أقوالهم، وتسديدِ أعمالهم لِمَا يُحِبُّه اللهُ ويرضى، فإنَّ الرجوعَ إلى الله تعالى بإخلاصٍ وصدقٍ وتقوى، والاستعانةَ بالصبرِ والصلاةِ، مع إعداد العُدَّة المادِّيةِ، ومشاورةِ أهلِ العلم والرشاد، لَهُو مِنْ أعظمِ أسباب النصرِ، ونزولِ الرحمةِ، وكشفِ الغُمَّةِ، والتوفيقِ والسدادِ.

هذا، وأخيرًا نُوصِي إخوانَنَا المسلمين في فلسطينَ أنْ يجمعوا كلمتَهم على الحقِّ، ويَلُمُّوا شَمْلَهم وشعثَهم، وأنْ يوحِّدوا جهودهم، ويفرزُوا صفوفَهم، ليميزُوا بين الصديقِ والعدوِّ، والخبيثِ والطيِّبِ، ليكونُوا صفًّا منيعًا ضدَّ تحدِّي عدوِّهم الذي يتربَّص بهمُ الدوائرَ، ليفوِّتوا عليه مخطَّطَه الإجرامِيَّ ومشاريعَهُ العدوانية.

نسألُ اللهَ تعالى العليَّ القديرَ أنْ يُصْلِحَ أحوالَ المسلمين في فلسطين والعراق، وسائرِ بلادِ المسلمين، وأنْ يجمعَ كلمتَهم على التوحيد والتقوى والدين، وأن يَكشفَ محنتَهم ويُسدِّدَ خُطاهم، وينصرَهم على أعداء الإسلام والمسلمين، اللَّهمَّ اجعَلْ كيدَ أعدائك في نحورهم، ونعوذُ بكَ اللَّهمَّ مِن شرورهم.

وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين.

 

الجزائر في: ٠٦ من المحرَّم ١٤٣٠
الموافق ﻟ: ٠٣ جانفي ٢٠٠٩م



(١) أخرجه البخاري في «الإيمان» باب: مِن الإيمان أن يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه (١٣)، ومسلم في «الإيمان» (١٧٠)، من حديث أنسٍ ؓ.

(٢) أخرجه البخاري في «الأدب» باب رحمة الناس والبهائم (٥٦٦٥)، ومسلم في «البرِّ والصلة» (٦٥٨٦ من حديث النعمان بن بشيرٍ .

(٣) أخرجه البخاري في «المظالم» باب نصر المظلوم (٢٣١٤)، ومسلم في «البرِّ والصلة» (٦٥٨٥ من حديث أبي موسى الأشعريِّ ؓ.