الفتوى رقم: ٤٢٤

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ إنشاء عقد الزواج

في شرط الولاية على المسلمة

السؤال:

أودُّ الزواجَ مِنِ امرأةٍ مَجَرِيَّةٍ مسلمةٍ، ووَالِدَاها نصرانيَّان، فمَنْ يكون وليَّها؟ وهل يجوز الاكتفاءُ بالعقد الشرعيِّ، لأنَّ توثيقه يتطلَّب إجراءاتٍ معقَّدةً؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالمسلمة تتزوَّج في كُلِّ الأحوال، ومِنْ شرطِ الوليِّ: الإسلامُ إذا كان المولَّى عليه مسلمًا؛ وعليه، فلا يجوز أَنْ يكون لغيرِ المسلم ولايةٌ على المسلمة ولو كان أباها؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا ١٤١[النساء]، ولقوله تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ[التوبة: ٧١]؛ فإِنْ لم يجد وليًّا فعليه بالقاضي إِنْ قَدَرَ على الوصول إليه لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»(١)؛ فإِنْ تعذَّر عليه الوصولُ إلى السلطان وأَمكنَه أَنْ يُزوِّجَه إمامٌ راتبٌ في أيِّ مسجدٍ فيزوِّجُها ويكون وليَّها في هذه الحال، وإلَّا فيزوِّجُها أيُّ مسلمٍ مِنَ المسلمين؛ لأنَّ الناس لا بُدَّ لهم مِنَ التزويج، وإنَّما يعملون فيه بأَحْسَنِ ما يمكن؛ والمسلمُ الذي يتولَّى أَمْرَها ويزوِّجها ـ بالنظر إلى فقدان الوليِّ ـ فإنَّ ولايته مِنْ قبيل التحكيم، و«المُحَكَّمُ يَقُومُ مَقَامَ الحَاكِمِ» كما نُقِل ذلك عن الشافعيِّ ـ رحمه الله ـ.

ولا يكفي العقدُ الشرعيُّ بمُفْرَدِه في استمرارِ الحياة الزوجيَّة، فلا بُدَّ مِنْ أَنْ يُصَبَّ في شكله الرسميِّ لدى المَصالِح المعنيَّة حتَّى تُصانَ كافَّةُ الحقوق التي للزوجين ـ الحاليَّةُ والمآليَّةُ ـ كالميراث والأولادِ وما إلى ذلك.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٩ ربيع الأوَّل ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٦ أفريل ٢٠٠٦م

 



(١) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في الوليِّ (٢٠٨٣)، والترمذيُّ في «النكاح» (١١٠٢)، وابنُ ماجه في «النكاح» باب: لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ (١٨٧٩)، وأحمد (٢٥٣٢٦)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وحسَّنه ابنُ حجرٍ في «موافقة الخُبر الخَبَر» (٢/ ٢٠٥)، وصحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٧/ ٥٥٣)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ٢٤٣) رقم: (١٨٤٠) وفي «مشكاة المصابيح» (٣١٣١) وفي «صحيح الجامع» (٢٧٠٩)، ومقبلٌ الوادعيُّ في «الصحيح المُسْنَد» (١٦٢٨).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)