الفتوى رقم: ١٦٩

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ الحقوق الزوجية ـ الحقوق المشتركة

في ضابط جواز استعمال حبوب مَنْعِ الحمل

السؤال:

مِنَ المعلوم ـ بداهةً ـ أنَّ المرأة في حالةِ الحمل تتغيَّرُ عادتُها فتُؤثِّرُ سَلْبًا في سلوكها؛ ممَّا قد يُؤدِّي إلى اختلافاتٍ مع أهل زوجِها، لا سيَّما إِنْ كانَتْ تقطن معهم في مسكنٍ واحدٍ، وهذا خاصَّةً في السَّنَة الأولى مِنْ زواجها.

فهل يجوز استعمالُ الحبوب لمَنْعِ الحمل في السَّنَة الأولى مِنْ زواجها حتَّى يمكن لها أَنْ تتعرَّفَ على أهل زوجها ويتعرَّفوا عليها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ الأصل في الزواجِ تحقيقُ سُنَّةِ الله في الخَلْق والكون، وهو الأسلوبُ الذي اختاره اللهُ تعالى لكَبْحِ جِماحِ الشهوة، وهو سببٌ للإنجاب والتكاثر واستمرارِ الحياة؛ ويدلُّ عليه قولُه تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ٢١[الروم]، وقولُه ـ أيضًا ـ إخبارًا عن حالِ الرُّسُلِ والأنبياء الواجبِ الاقتداءُ بآثارهم والاهتداءُ بهُدَاهم: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗ[الرعد: ٣٨]، وقولُه عزَّ وجلَّ في مَعْرِضِ الامتنان على خَلْقه: ﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ[النحل: ٧٢]، وقولُه عليه الصلاة والسلام: «تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ»(١).

وعليه، فإنه لا يُعْدَلُ عن هذه الحِكَمِ التشريعيَّة المقرَّرة في العلاقات الزوجيَّة إلَّا إذا اقترن بها عذرٌ شرعيٌّ يرجع ـ أساسًا ـ إلى أسبابٍ صحِّيَّةٍ أو حالاتٍ استثنائيَّةٍ مِنَ الأصل السابق مِثْل الضرر الجسمانيِّ الذي يلحق الزوجةَ الضعيفةَ أو المريضةَ مِنْ جرَّاءِ الحمل، أو يرجع للأولاد عمومًا، أو نحو ذلك مِنَ الأعذار؛ وفي هذه الحالِ يصحُّ أَنْ تُسْتَعْمَلَ هذه العوازلُ استثناءً مِنَ الأصل المقرَّرِ المتقدِّم؛ أمَّا السبب المذكور في السؤال فلا يصلح ـ في تقديري ـ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ القاعدة السالفةِ البيان.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 



(١) أخرجه أبو داود بهذا اللفظِ في «النكاح» باب النهي عن تزويجِ مَنْ لم يَلِدْ مِنَ النساء (٢٠٥٠)، والنسائيُّ دون لفظة: «الأمم» في «النكاح» بابُ كراهِيَةِ تزويجِ العقيم (٣٢٢٧)، مِنْ حديثِ مَعْقِل بنِ يسارٍ رضي الله عنه؛ وأخرجه أحمد بلفظ: «مُكَاثِرٌ [بِكُمُ] الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ» في «مسنده» (١٢٦١٣، ١٣٥٦٩) مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الهيثميُّ في «مجمع الزوائد» (٤/ ٢٥٨)، وصحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (٢/ ٥٣)، وابنُ حجرٍ في «فتح الباري» (٩/ ١١١)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ١٩٥) رقم: (١٧٨٤) وفي «آداب الزفاف» (ص ١٣٢).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)