الفتوى رقم: ١٢٣٥

الصنف: فتاوى الحجِّ ـ أحكام الحجِّ

في حكم ترك المرضع للحجِّ أو العمرة

السؤال:

ما حكمُ ذهابِ أمٍّ مُرضِعٍ لأداءِ مناسك الحجِّ أو العمرة قبل إتمام الفترة الشرعيَّة للرضاعة، مع العلم أنَّ هناك احتمالَ توقُّفِ الرضيع عن الرضاعة الطبيعيَّة بعد العودة مِنْ أداء المناسك، بحكمِ أنَّ عُمُرَه ١١ شهرًا، وأنه بَدَأ يتعوَّد على الرضاعة الاصطناعيَّة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فيجوز للأمِّ المُرضِع أداءُ مناسك الحجِّ أو العمرة إذا توفَّر في حقِّها شرطُ التكليف وهو الاستطاعةُ الشرعيَّة؛ إذ «لَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِمَقْدُورٍ»؛ ومِنْ شرط الاستطاعة ـ في هذا المَقام ـ: وجودُ مَنْ يقوم مَقامَها في رعاية الرضيع المحضون، وأداءِ حقِّه، وحفظِه مِنَ الهلاك؛ لأنَّ الرضاعة حقٌّ للرضيع وواجبٌ عليها(١) لقوله تعالى: ﴿وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِ‌ۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ‌[البقرة: ٢٣٣]، كما أنَّ الحضانة حقُّها فيه لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»(٢)؛ كما أنه لا ضررَ حاصلٌ على الرضيع؛ لوجودِ مَنْ يحفظه عمَّا يُهلِكه أو يضرُّ به، ويكفل له الرعايةَ الصحِّيَّةَ المطلوبة.

أمَّا إذا تَعذَّر عليها إيجادُ مَنْ يقوم بحفظه ورعايَتِه؛ فإنه يتعيَّن عليها ـ جبرًا ـ أداءُ حقِّ الرضيع، وأجرُها على قَدْرِ نِيَّتِها؛ لقوله تعالى: ﴿لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا[البقرة: ٢٣٣]، وانتفى ـ في حقِّها ـ مَناطُ التكليفِ وهو الاستطاعةُ ـ كما تقدَّم ـ فهي محبوسةٌ لأجل هذا المانع؛ فإِنْ لم تكن أدَّتْ حجَّةَ الإسلام مِنْ قبلُ فيبقى الواجبُ قائمًا في ذِمَّتِها.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٠ رمضان ١٤٤١ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٣ مـــاي ٢٠٢٠م



(١) انظر الفتوى رقم: (١٥٩) الموسومة ﺑ: «في حكم الخُلْع على إسقاط الحضانة» على موقعي الرسميِّ.

(٢) أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابُ مَنْ أَحقُّ بالولد (٢٢٧٦)، مِنْ حديثِ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما. وحسَّنه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٢١٨٧).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)