Skip to Content
الجمعة 19 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 29 مارس 2024 م



أبو زيد عبد الرحمن التنسي
وأخوه أبو موسى عيسى

ابنا الإمام التنسي البرشكي وأكبرهما أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الله، عُرِفَ هو وأخوه أبو موسى عيسى بابني الإمام البَرِشْكي، واشتهرا بالرسوخ في العلم والاجتهاد شرقًا وغربًا، وكانا على جانبٍ كبيرٍ من التقوى والاستقامة، وقد وصفهما ابن الخطيب بأنهما: «عَلَما تلمسان الشامخان، وعالماها الراسخان»، وأثنى عليهما القاضي جلال الدين القزويني كثيرًا، وقال: «بمثلهما يفخر المغرب»، وأصل ابني الإمام من «بَرِشك»، حيث كان والدهما إمامًا بأحد مساجد هذه المدينة فاشتهرا بهذه النسبة، رحلا إلى تونس طلبًا للعلم في آخر المائة السابعة (٧٠٠ﻫ)، كما اجتمعا بفاس بتلاميذ ابن زيتون، ثمَّ عادا إلى المغرب الأوسط، وانتحلا مهمة التدريس بالجزائر، ثمَّ بمليانة، وتعرف عليهما أحد عمال بني مرين عليها، واستعملهما على خطة القضاء بمليانة، وذلك أيام الحصار الطويل.

هذا، وبعد تأكد الصلح، قدما إلى تلمسان، واغتبط السلطان أبو حمو موسى الأول بهما، فبنى لهما المدرسة المعروفة باسمهما، واختصَّهما بالفتوى والشورى، وضمَّهما إلى خاصَّته وأعيان مجلسه، وفي سنة (٧٢٠ﻫ)، رحلا إلى المشرق فأخذا عن أكابر العلماء، واجتمعا بشيخ الإسلام ابن تيمية، ثمَّ عادا إلى تلمسان، وأقاما يدرسان بها إلى أن استولى أبو الحسن المريني على تلمسان، فصاحباه وحضرا معه معركة الطريف بالأندلس سنة (٧٤٠ﻫ).

كان لأبي زيد ابن الإمام مكانة مرموقة عند أمراء بني زيان وعند أبي الحسن المريني، فحظي برئاسة العلماء في مجلسهم، وأخذ عنه جماعة من الأئمة أمثال الآبلي والمقري والخطيب ابن مرزوق وغيرهم، وكانت وفاة أبي زيد سنة (٧٤٣ﻫ)، وعاش أبو موسى بعده ثماني سنوات، وتوفي في الطاعون الجارف سنة (٧٥٠ﻫ).

ولأبي زيد شرح على فرعي ابن الحاجب، قال ابن فرحون: «لهما التصانيف المفيدة»، قال المقري: «وكان أبو زيد من العلماء الذين يخشَون الله، حدَّثني أمير المؤمنين المتوكل أبو عنان أن والده أمير المسلمين أبا الحسن ندب الناس إلى الإعانة بأموالهم على الجهاد، فقال له أبو زيد: لا يصح لك هذا حتى تكنس بيت المال، وتصلي ركعتين كما فعل علي بن أبي طالب»(١).

[تحقيق «المفتاح» (٧٠)]

 



(١) انظر ترجمتهما في: «المسند الصحيح» لابن مرزوق (٢٦٥)، «التعريف» لابن خلدون (٢٨)، «الإحاطة» لابن الخطيب (٢/ ٢٠٠)، «وفيات الونشريسي» (١١٢)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٥٢)، «نيل الابتهاج» للتنبكتي (١٦٨)، «البستان» لابن مريم (١٢٣)، «نفح الطيب» (٧/ ٢١٥)، «أزهار الرياض» (٥/ ١٢) كلاهما للمقري، «درة الحجال» (٣/ ٨٠، ١٨٦)، «لقط الفرائد» (١٩٥، ٢٠٤) كلاهما لابن القاضي، «سلوة الأنفاس» للكتاني (٣/ ٢٧٢)، «تعريف الخلف» للحفناوي (٢/ ٢٠٩)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢٤١)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ٢١٩)، «تاريخ الجزائر» للجيلالي (٢/ ١٦٤)، «معجم أعلام الجزائر» للنويهض (١٢٧).