في ضابط النيابة في الحجِّ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 9 شوال 1445 هـ الموافق لـ 18 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٥١٩

الصنف: فتاوى الحج - أحكام الحج

في ضابط النيابة في الحجِّ

السؤال:

هل تجوز النِّيابة في الحجِّ عمَّن كان قادرًا عليه، لكن سَوَّف أمره، ومات وهو مفرِّط في أدائه؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فاعْلَمْ ـ وفَّقك الله ـ أنه لا تجوز النيابةُ عن الحيِّ القادر؛ لأنه هو المكلَّفُ بأداء الواجبات ابتلاءً وامتحانًا.

كذلك لا تجوز النيابةُ في الحجِّ عن الميِّت الذي تَرَك الواجباتِ التي عليه مِنْ مباني الإسلام، وفرَّط في الحجِّ ولم تُنهِضْه هِمَمُهُ لأداء الفرائض.

وكذلك مَنْ تعمَّد تَرْكَ واجب الحجِّ مع القدرة عليه، فهذا لا نيابةَ عنه في الحجِّ.

ولكنَّ الذي يُنابُ عنه هو ذلك الذي أراد أَنْ يحجَّ ولكِنْ مَنَعه مانعُ العجز أو المرض، أو تُوُفِّيَ وأوصى بالحجِّ عنه، أو كان متأمِّلًا أَنْ يحجَّ لكِنِ اخترمه الموتُ، فهؤلاء هم الذين تجوز النِّيابةُ في الحجِّ عنهم.

ومِنْ شرط النائب أَنْ يكون قد حجَّ عن نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم في حديثِ شُبرُمة: لمَّا سَمِع الرسولُ صلى الله عليه وسلم الرَّجلَ يقول: «لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ»، قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟» قَالَ: «أَخٌ لِي ـ أَوْ: قَرِيبٌ لِي ـ»، قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: «لَا»، قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ»(١).

والظاهر مِنَ الحديثِ عدمُ جوازِ حجِّ الإنسان عن غيره قبل أَنْ يحجَّ عن نفسه؛ إلَّا أنَّ القول بجواز الحجِّ عن غيره لمَنْ لم يحجَّ عن نفسه إذا لم يكن مُستطِيعًا الحجَّ عن نفسه أَصحُّ نظرًا، وهو مذهبُ أحمد في روايةٍ عنه، وبه قال الثوريُّ؛ وبناءً على هذا الرأيِ فالحديثُ محمولٌ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعلم مِنْ حال المُلَبِّي أنه قادرٌ على الحجِّ عن نفسه، ولو كان غيرَ قادرٍ لَاعْتذر له بعدم الاستطاعة، ولم يُنقَل ذلك.

ومع ذلك فالأَوْلى بالنائب عن غيره في الحجِّ أَنْ يحجَّ عن نفسه أوَّلًا، ثمَّ عن غيره ثانيًا.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 

الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٧ﻫ

الموافق ﻟ: ١٥ أغسطس ٢٠٠٦م

 



(١) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الرَّجل يحجُّ عن غيره (١٨١١)، وابنُ ماجه في «المناسك» باب الحجِّ عن الميِّت (٢٩٠٣)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه، قال البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (٤/ ٥٤٩): «هذا إسنادٌ صحيحٌ ليس في هذا البابِ أَصحُّ منه»، وقال ابنُ حجرٍ في «الفتح» (١٢/ ٣٢٧): «سنده صحيحٌ»، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ١٧١) رقم: (٩٩٤)، والوادعيُّ في «الصَّحيح المسند» (٦٢٩).