في حكم توزيع إنتاجٍ علميٍّ دعويٍّ بأموالٍ محرَّمةٍ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٨٢٥

الصنف: فتاوى متنوِّعة - العلم والعلماء

في حكم توزيع إنتاجٍ علميٍّ دعويٍّ بأموالٍ محرَّمةٍ

السؤال:

هل يجوز شراءُ أشرطةٍ علميةٍ وكُتُبٍ ورسائلَ دعويةٍ بأموالٍ محرَّمةٍ ـ يريد أصحابُها التخلُّصَ منها ـ بغرض توزيعها في أغراضٍ دعويةٍ؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالواجبُ على المسلم إذا أراد التخلُّصَ مِنَ المال الحرام إذا يَئِسَ مِنْ معرفة صاحِبِه أَنْ يَصْرِفَه على مصالح المسلمين أو على الفقراء والمساكين وَفْقَ ما يراه مُلائمًا ومُناسبًا، وله أَنْ يُقَدِّرَ الأنسبَ بحَسَبِ ما تَيَسَّرَ له، فإِنْ رأى أنه يصرفه على مصالح المسلمين أو إلى جهةٍ خيريةٍ تعمل على تحقيقِ مشروعٍ خيريٍّ عامٍّ غيرِ محصورٍ بفردٍ أو جماعةٍ معيَّنةٍ؛ جاز له ذلك كبناء مستشفًى أو بيتٍ للأيتام، أو يُصْرَف في بيوت الوضوء والخلاء في المساجد إِنْ كانَتْ مُنْفصِلةً عنها، ونحوِ ذلك ممَّا يحقِّق مصلحةً عامَّةً، أو رأى الأنسبَ أَنْ تُصْرَف للفقراء والمساكين لإخراجِ ما بيده مِنْ مالٍ حرامٍ، فيدفعه إليهم ليسدُّوا به حاجتَهم؛ فإنه يجوز له ذلك.

أمَّا توزيع المال الحرام على شكل أشرطةٍ ورسائلَ دعويةٍ فليس بِمَصْرِفٍ صحيحٍ للمال المحرَّم مِنْ جهتين:

الأولى: أنه لا ينتفع به المسلمون عامَّةً، وإنما هو محصورٌ في أفرادٍ معدودين لا على وجه العموم.

والجهة الثانية: أنَّ شأن الأشرطة القرآنية والوعظية والعلمية والرسائل الدعوية كشأن المسجد وعمارته: لا ينبغي أَنْ يكون المالُ الخبيث موضعَ إكرامٍ لها؛ لأنَّ «اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا»(١).

ولا يقاسُ على إعطاء المال المحرَّم للفقير؛ لأنَّ الله تعالى أَذِنَ له أَنْ يأخذ هذا المالَ حتَّى لا يبقى بغير مالكٍ؛ لكنَّه لم يأذن بالانتفاع بالمال المحرَّم في بناء المسجد أو عمارته، سواءٌ كانَتْ عمارةَ بُنيانٍ أو عمارةَ إيمانٍ على أصحِّ قَوْلَيِ العلماء.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٣ صفر ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٣ مارس ٢٠٠٦م

 


(١) أخرجه مسلمٌ في «الزكاة» (١٠١٥) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.