في حكم بيع عقارٍ بنيَّة التجارة بجزءٍ مِنْ ثمنه | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 10 شوال 1445 هـ الموافق لـ 19 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٩٦٣

الصنف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع

في حكم بيع عقارٍ بنيَّة التجارة بجزءٍ مِنْ ثمنه

السؤال:

رجلٌ باع دارًا فهل يجوز له أَنْ يأخذ جزءًا مِنْ تلك الأموال ليُتاجِر بها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإِنْ كانَتِ الدارُ أو الأرض التي يريد بيعَها زائدةً عن حوائجه الأصلية حيث يمكن الاستغناءُ عنها بغيرها، أو يجعل ثمنَها في مثلها؛ فلا حرجَ في ذلك، أمَّا إذا كانَتْ حاجتُه إلى أرضه أو داره قائمةً وَمُلِحَّة ثمَّ باعها وجَعَل ثمنَها في تجارةٍ فلا يُبارِكُ اللهُ له في هذه التجارة، كما أخبر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك حيث قال: «مَنْ بَاعَ دَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا»(١)، وفي حديثٍ آخَرَ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ قَمِنٌ أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مِثْلِهِ»(٢)، قال المُناوي ـ رحمه الله ـ: «لأنَّ الإنسان يُطْلَب منه أَنْ يكون له آثارٌ في الأرض، فلمَّا مَحَا أثرَه ببيعها رغبةً في ثمنها جُوزِيَ بفواته»(٣).

والظاهر أنَّ الحكم لا يلحق المضطرَّ؛ لاختلاف الأحكام العادية والاضطرارية، والتجارةُ بجزءٍ مِنْ ثمنها عند الحاجة لا يدخل في الحكم؛ مراعاةً لشرط الضرورة التي تُقدَّرُ بقَدْرها، وقد جاء في معنى هذا الحكمِ حديثُ مَعْقِلِ بنِ يسارٍ في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ بَاعَ عَقْرَ دَارٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ سَلَّطَ اللهُ عَلَى ثَمَنِهَا تَالِفًا يُتْلِفُهُ»(٤)، والحديث ـ وإِنْ ضعَّفه أهلُ العلم ـ إلَّا أنه يشهد للمضطرِّ عمومُ النصوص الشرعية الواردةِ في باب الضرورة.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٩ صفر ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦/ ٠٢/ ٢٠٠٨م

 


(١) أخرجه ابنُ ماجه في «الرهون» بابُ مَنْ باع عقارًا ولم يجعل ثمنَه في مثله (٢٤٩١) مِنْ حديث حذيفة رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦١١٩)، وانظر: «السلسلة الصحيحة» (٢٣٢٧).

(٢) أخرجه ابنُ ماجه في «الرهون» بابُ مَنْ باع عقارًا ولم يجعل ثمنَه في مثله (٢٤٩٠)، واللفظ للبيهقي (١١١٧٦)، مِنْ حديثِ سعيد بنِ حُرَيْثٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦١٢٠).

(٣) «فيض القدير» للمناوي (٦/ ٩٣).

(٤) أخرجه الطبرانيُّ في «المعجم الأوسط» (٨/ ٢٦٣) مِنْ حديثِ مَعْقِل بنِ يسارٍ رضي الله عنه، ولفظُه: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ عُقْدَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَعَثَ اللهُ لَهُ تَالِفًا يُتْلِفُهَا»، قال الهيثميُّ في «مجمع الزوائد» (٤/ ٢٠٠): «رواه الطبرانيُّ في «الأوسط»، وفيه جماعةٌ لم أعرفهم منهم: عبد الله بنُ يعلى الليثيُّ». وانظر: «السلسلة الضعيفة» للألباني (١٠/ ٨٣).