الفتوى رقم: ٤٥٩

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

في الشذوذ في الفقه

السؤال: ما هو القول الشاذ في الفقه؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فحدُّ الشذوذ هو:"مخالفة الحق، فكلّ من خالف الصواب في مسألة ما فهو فيها شاذ"(١)، وهذا القول الذي رجَّحه ابن حزم بعد أن ذكر حدَّ الشذوذ عند العلماء وفنَّدها، ذلك لأنَّ مفارقة الواحد من العلماء سائرهم إمَّا أن يكون عن دليل وحجة أو لا، فإن كانت مخالفته مبنية عن أدلة الشرع، وحقق فيها الحق والصواب فما هو بشاذ، بل هو الجماعة وإن كان وحده، لأنَّ من كان وفق الحجة والبرهان من كتاب أو سنة، وقويت حجته وافق الحق وهو الأصل الذي قامت السماوات والأرض به لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ [الحجر: ٨٥]، أما إذا كان خروجه عن الجماعة في صوابها وتعلق خروجه بمخالفة الحق الذي هو مع غيره، فهو شاذ عن الحق موافق للباطل الذي هو خروج عنه وشذوذ منه، لأنَّه ليس في الوجود إلاَّ حق وباطل، فإذا لم يجز أن يكون الحق شذوذا فلزم أن يكون الشذوذ هو الباطل.

وعليه، فلا يسمى قول الأقل شاذًّا، ولا قول الواحد ما دام الحق قائما عنده مستمسكًا به، ولم يرد ما يبطله فهو الجماعة أو جملة أهل الحق، وقد أسلم أبو بكر وخديجة رضي الله عنهما فقط، فكانا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم الجماعة، وسائر الأرض أهل الشذوذ والفرقة، ومن جانب الصواب وخالف الحق فهو الشاذ ما دام الباطل قائما عنده مستمسكا به ولو كانوا جماعة أو جملة.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.

الجزائر في:١٣ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
الموافـق ﻟ:٩ جــوان ٢٠٠٦م


(١) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: ٥/ ٨٦٣.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)