الفتوى رقم: ٥٩٧

الصنف: فتاوى الطهارة ـ الحيض والنفاس

في حكم المستحاضة

السؤال:

امرأةٌ حاضَتْ في أوَّلِ رمضان، واستمرَّ حيضُها أَكْثَرَ مِنْ عشرين يومًا؛ فهل تجري عليها أحكامُ الحائض؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالاستحاضة هي سيلان الدَّمِ في غير أوقاته المعتادة، إمَّا مِن جهة المرض مِن وَرَمٍ أو التهابٍ أو انتفاخِ شِريان ونحو ذلك من أمراض الرَّحِم، وإمَّا أن يكون سبب سيلانه الحالات النَّفسيَّة مِن اضطرابٍ وقلقٍ وخوفٍ ونحو ذلك، وقد يكون تناول العقاقير والأدوية سببًا في خروج الدَّمِ واستمراره، فدمُ الاستحاضة ـ إذن ـ هو دمٌ ليس بعادة ولا طبع ولا خِلقة، وإنَّما هو عِرق انقطع، سائله دمٌ أحمرُ لا ينقطع إلَّا عند البرء منه.

فإذا استمرَّ على المرأةِ الدَّمُ دائمًا ـ سواءٌ قليلًا أو كثيرًا ـ فإنها تُعَدُّ مستحاضةً.

·   فإذا كانَتْ لها عادةٌ معروفةٌ فتعمل بالعادة: فلا تصوم ولا تصلِّي، ولا يأتيها زوجُها، ولا تَمَسُّ المصحفَ في أيَّام حيضها؛ وما زاد عن ذلك فهو استحاضةٌ: فتغتسل بعد انقضاءِ أيَّامِ عادتها، وتُعَدُّ مِنَ الطَّاهرات: فتصلِّي وتصوم، وتقضي الصيامَ الذي تَرَكَتْهُ في أيَّام حيضها ولو رأَتِ الدَّمَ بعدها؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «تَنْتَظِرُ قَدْرَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ وَقَدْرَهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ فَتَدَعُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَثْفِرْ، ثُمَّ تُصَلِّي»(١).

·   أمَّا إِنْ لم يكن لها عادةٌ لكنَّها تُميِّزُ الحيضَ عن غيره فتعملُ بالتمييز؛ لحديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ رضي الله عنها أنها كانَتْ تُسْتَحَاضُ؛ فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذَا كَانَ دَمُ الحَيْضَةِ فإنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فإذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فإذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ»(٢).

·   فإِنْ لم تكن لها عادةٌ ولا تمييزٌ فإنها تمكث ستَّةَ أيَّامٍ أو سبعةً ـ على غالِبِ عادة النساء ـ وتعتبرها أيَّامَ حَيْضٍ، وما زاد على ذلك فهو استحاضةٌ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم لِحَمْنَةَ بنتِ جَحْشٍ رضي الله عنها: «إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أيَّامٍ أوْ سَبْعَةَ أيَّامٍ فِي عِلْمِ اللهِ ثُمَّ اغْتَسِلِي، حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيكِ»(٣).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٠ مِنَ المحرَّم ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠١ فيفري ٢٠٠٧م

 



(١) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في المرأة تُستحاضُ، ومَنْ قال: تَدَعُ الصلاةَ في عِدَّةِ الأيَّام التي كانَتْ تحيض (٢٧٤)، وأحمد (٢٦٥١٠)، مِنْ حديثِ أمِّ سَلَمة رضي الله عنه. قال النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٢٣٨): «صحيحٌ .. بأسانيدَ على شرط البخاريِّ ومسلمٍ»، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٥٠٧٦).

(٢) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابُ مَنْ قال: إذا أقبلَتِ الحيضةُ تَدَعُ الصلاةَ (٢٨٦)، والنسائيُّ في «الطهارة» بابُ الفرق بين دم الحيض والاستحاضة (٢١٥)، مِنْ حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ رضي الله عنها. قال النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٢٣٢): «صحيحٌ رواه أبو داود والنسائيُّ بأسانيدَ صحيحةٍ، وسَبَق أصلُه عن «الصحيحين» بغير هذا اللفظ»، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٢٣) رقم: (٢٠٤).

(٣) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابُ مَنْ قال: إذا أقبلَتِ الحيضةُ تَدَعُ الصلاةَ (٢٨٧)، والترمذيُّ في «الطهارة» بابٌ في المستحاضة: أنها تجمع بين الصلاتين بغُسْلٍ واحدٍ (١٢٨)، مِنْ حديثِ حمنةَ بنتِ جحشٍ رضي الله عنها. وحسَّنه البغويُّ في «شرح السنَّة» (٢/ ١٤٨)، والألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٢٤) رقم: (٢٠٥).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)