الفتوى رقم: ٦٧٧

الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - الإجارة

في مشروعية استخدام المقاول مال المستصنع
في مشروعه العمراني

السـؤال:

أمتلكُ قطعةَ أرضٍ وأريدُ أن أبنيَ عليها عمارةً تحتوي شُقَقًا للبيع يُدفع الثمن على شكلِ أقساطٍ، بعضه معجّل، علمًا أنّي لا أملك مالاً وإنّما أبتدئ البناء بما يدفعه الزبائن من الأقساط المعجّلة، فما حُكم هذا العمل؟ وبارك الله فيكم.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمّا بعدُ:

فلا يُشترطُ في الصانع أن يعمل بماله الشخصيِّ في عقد الاستصناع(١)، بل يجوز أن يستخدمَ مالَ المُستصنِعِ في مشروعه سواء قَبَضَ رأسَ مالِ المستصنِعِ في مجلس العقد كُـلَّه أو أجّل الثمنَ كُـلَّه أو أخذه منه على شكلِ أقساطٍ معلومةٍ لآجالٍ معلومةٍ؛ لأنّ الاستصناعَ عَقْدٌ واردٌ على العمل والعَيْنِ في الذِّمَّة، وإنما يُشترَطُ فيه بيانُ جنسِ المستصنَعِ، وقدره، ومساحته، ونوعه، وأوصافه المشروطة والمطلوبة منها تحديد الأجل ويكون مُلْزِمَ الطَّرفينِ إذا توفّرت فيه الأركان والشروط.

وكذا القول بالنسبة لعقد السَّلَمِ(٢) غيرَ أنه يُشترط فيه قبضُ رأسِ المالِ في مجلسِ العقد حتى يَصِحَّ عند الجمهور خلافًا لمالك -رحمه الله-.

كما يفارق السَّلَمُ عقدَ الاستصناعِ في أنّ المبيعَ في السَّلَم دَيْنٌ تحتمله الذِّمَّة، أمَّا المبيع في الاستصناع فهو عينٌ لا دَيْنٌ، ولا يشترطُ فيه قبضُ رأسِ مالِ المستصنِعِ كما تقدّم، لكن في كِلاَ العقدين يجوز له استعمال مالِ المستصنِعِ أو المُسلم فيه المعطى له في كلا المبيعين، ويتحقّق الارتفاق لكلا الطرفين، فيرتفق الصانع أو المسلَم إليه برأس المال المعجّل أو بعضِ أقساطِهِ فينفقه في مصالحه فتندفع حاجتُهُ الحاضرةُ، ويرتفق المسلِم أو المستصنع بالرخص، فيربح الفرق بين قيمة المبيع والبيع المطلق تحقيقًا لمصلحة الطرفين معًا، فلو لا ذلك لعمّ الضيقُ والحَرَجُ على كثير من الناس و«المَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ»، قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٥ ربيع الثاني ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٣ ماي ٢٠٠٧م


(١)   الاستصناع: عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل على وجه مخصوص بثمن معلوم.

أركانه: - ١ المستصنِع: وهو طالب الصنعة فردا أو مؤسسة أو دولة.

٢- الصانعُ: هو من يقوم بتحضير المواد الأولية ويتولى عمل تصنيعها، وهو بمثابة البائع في البيع.

٣- العين المصنوعة: وهي المادة الأولية الخام، وهي التي يقوم الصانع بتحويلها إلى المطلوب.

٤- الثمن: وهو المال الذي يدفعه المستصنع للصانع نظير المطلوب.

٥- الصيغة: وهي ما يعبر به عن العقد ويتم بها إبرامه.

(٢) السلم: وهو بيع موصوفٌ في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد.

أركانه:

١- العاقدان: البائع والمشتري (المُسْلِم: المشتري، والمُسْلَم إليه: البائع).

٢- المعقود عليه: شيئان رأس مال السَّلَم: الثمن، والمُسْلَم فيه: المُثْمَن.

٣- الصيغة: الوسيلة التي يتم بها العقد.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)