الفتوى رقم: ٩٢١

الصنف: فتاوى الصلاة - أحكام الصلاة

في إشكال وضعِ النعلين بين رِجْلَيِ المصلِّي

السؤال:

لقد طَرَأَ لي إشكالٌ في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم فَلَا يَضَعْ نَعْلَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا عَنْ يَسَارِهِ فَتَكُونَ عَنْ يَمِينِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ، وَلْيَضَعْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ»(١). ووجهُ الإشكال: أنَّ الصفوف إذا كانَتْ مُكْتمِلةً ووَضَعَ المُصَلِّي نعلَيْه بين رجلَيْه فتكون حينذاك أمامَ رأسِ مُصَلٍّ في الصفِّ الخلفيِّ، وإذا كان الحديثُ نهى عن وضعِهما عن يسارِ المُصَلِّي حتَّى لا تكونا عن يمينِ غيرِه فمِن بابٍ أَوْلى أن لا تكونا أمامَ رأسه، أرجو منكم حَلَّ هذا الإشكالِ، وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ ـ وفَّقك اللهُ تعالى ـ أنه لا إشكالَ في وَضْعِ النعلين بين رجلَيِ المُصَلِّي على ما وَرَدَ فيه الحديثُ ولو كانَتَا تتقدَّمان رأسَ المُصَلِّي خَلْفَ صفِّه إذا كانَتَا طاهرتين، وقد دلَّتْ أحاديثُ قوليةٌ وفعليةٌ صحيحةٌ وآثارٌ عن الصحابة على ثبوتِ شرعيةِ الصلاة في النعال، ولا يخفى أنَّ الصلاة فيهما يقتضي أن تكونا أمامَ رأسِ مَن يُصَلِّي خَلْفَه، ولعلَّ نهيَه صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث عن وضعِ النعل عن اليمين وهو يسارَها وَرَدَ تعبُّدًا، أو لئلَّا يُقْطَع بالنعلين الصفُّ المأمورُ بوَصْلِه وسَدِّ فُرَجِه؛ ولذلك كان وضعُهما بين رجلَيْه لِمَن أراد نَزْعَهما فيه امتناعٌ لانقطاع الصفِّ.

هذا، وإنَّما الحَرَجُ فيما إذا كان النعلُ تَعَلَّقَ بها قَذَرٌ أو نجاسةٌ أو خَبَثٌ وهو غيرُ عالِمٍ بها أو نَسِيَها ثمَّ تذكَّرها في أثناءِ صلاته؛ فالواجبُ إزالةُ النجاسةِ أو الخَبَثِ وعدَمُ جوازِ تركِ نعلَيْه بهذه الصفةِ بين رجلَيْه خشيةَ إيذاءِ مَن يُصَلِّي معه، بل يَلْزَمه خَلْعُهما والاستمرارُ في صلاته، ثمَّ يبني على ما قد صلَّى على ما تَرَجَّحَ مِن أقوالٍ عند أهل العلم، عملًا بحديثِ أبي سعيدٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه «صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟» فَقَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا»، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَقْلِبْ نَعْلَهُ فَلْيَنْظُرْ فِيهَا، فَإِنْ رَأَى بِهَا خَبَثًا فَلْيُمِسَّهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا»»(٢).

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٢ ذو القعدة ١٤١٥ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٢ أبريل ١٩٩٥م


(١) أخرجه أبو داود في «الصلاة» بابُ المصلِّي إذا خَلَعَ نعلَيْه أين يضعهما؟ (٦٥٤) مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٦٦١).

(٢) أخرجه أحمد (١١١٥٣)، وأبو داود في «الصلاة» بابُ الصلاة في النعل (٦٥٠)، مِن حديث أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٢٨٤).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)