الفتوى رقم: ٨٦٠

الصنف: فتاوى اللباس

في حكم الخمار لمَنْ تغطِّي بجلبابها الوجهَ والصدر

السؤال:

جاء في فتواكم: (٦١١) المُعَنْوَنة ﺑ: «في صفة الخمار الشرعيِّ» أنَّ على المرأة ـ إذا خرجَتْ ـ أَنْ تَلْبَس الدِّرعَ والخمارَ، وتَضَعَ مُلاءَةً فوق رأسِها، فهل يجب على المرأة التي تضع فوق رأسها سدلًا سابغًا يغطِّي وجهَها ويَصِل حتَّى الصدرِ أَنْ تَلْبَس الخمار؟ أم لها أن تَلْبَس الخمارَ مِنْ غيرِ أَنْ تَلُفَّه كُلَّه على الرقبة؟ وبارَكَ اللهُ فيكم.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالمُلاءةُ والمِلْحَفةُ والجلبابُ مِنْ أَكْسِيَة الرأس والبدن، تضَعُه المرأةُ فوق الخمار وفوق الثياب، وتُرْسِلُه مِنْ أعلى إلى أسفلَ لتستر به رأسَها وصدرَها؛ ويدلُّ عليه قولُه تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٥٩[الأحزاب]؛ قال في «اللسان»: «الجلبابُ ثوبٌ أَوْسَعُ مِنَ الخمار دون الرِّداء تغطِّي به المرأةُ رأسَها وصدرَها»(١)، مع الْتزام الدِّرع والخمار؛ إذ المرأةُ العجوز التي قَعَدَتْ عن المَحيض والولد مِنَ الكِبَر والتي لا تطمع في الأزواج قد رُخِّص لها ـ مع الأجانب ـ أَنْ تَضَع جلبابَها، مع الْتزامها بالخمار والدِّرع مِنْ غيرِ تبرُّجٍ بزينةٍ؛ وقد نُقِل هذا المعنى مُفسَّرًا عن ابنِ مسعودٍ(٢) وابنِ عبَّاسٍ(٣) رضي الله عنهم، حيث فسَّرا «الثيابَ» بالجلباب في قوله تعالى: ﴿وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لَا يَرۡجُونَ نِكَاحٗا فَلَيۡسَ عَلَيۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعۡنَ ثِيَابَهُنَّ غَيۡرَ مُتَبَرِّجَٰتِۢ بِزِينَةٖۖ وَأَن يَسۡتَعۡفِفۡنَ خَيۡرٞ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ٦٠[النور].

هذا، وإنما هذا القولُ مبنيٌّ على مذهب الجمهور القائلين بأنَّ جميعَ جسد المرأة الحُرَّةِ يجب سَتْرُه أمامَ الأجانب إلَّا الوجهَ والكفَّيْن، ومِنْ جهةٍ أخرى يُشْرَعُ في حقِّ المرأة ـ مِنْ مُنطلَقِ آية الأحزاب ـ أَنْ تُرْسِل جلبابَها مِنْ أعلى الرأس إلى أسفلَ لتستر به الوجهَ والصدرَ، بناءً على رأي القائلين بأنَّ جميع بدنِ المرأة الحرَّةِ عورةٌ أمامَ الأجانب بما في ذلك الوجه والكفَّان، والخمار ـ والحالُ هذه ـ مُؤكِّدٌ للسَّتْر لا لزومَ فيه لكونه مِنْ تحصيل الحاصل.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٨ صفر ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٥/ ٠٣/ ٢٠٠٨م

 



(١) «لسان العرب» لابن منظور (٢/ ٣١٧).

(٢) أخرجه ابنُ جرير في «تفسيره» (١٨/ ١٢٦)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٣٥٣٣).

(٣) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٣٥٣١).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)