الفتوى رقم: ٨٤٤

الصنـف: فتاوى المعاملات المالية

في حكم الانتفاع بالمال المحرم المقبوض قبل حصول العلم

السـؤال:

تحصَّلتُ على مالٍ كثيرٍ أَقَلُّ ما يُقال فيه: إنه مالٌ فيه شبهةٌ، اشتريتُ منه مَنْزِلاً وأثاثًا وأُمورًا أخرى، وفي ذلك الوقت لم يُوجَد من يُبَصِّرني بحُكْمه، ولكِنْ وبعد مَعرفتي للحكم الشرعيِّ فيه، فهل يجوز لي الانتفاعُ بما اقتنيتُ مِن ذلك المال؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعدُ:

فكُلُّ مَن يُعَدُّ جاهلاً بالحُكم الشرعيِّ غيرَ مُقصِّرٍ في معرفته، جَهْلاً يَتعذَّرُ الاحترازُ عنه عادةً، كاشتهار العملِ به بين الناس وشيوعه بينهم مِن غيرِ نَكِيرٍ يُعْلَم، وخاصَّةً مع وجود الفقهِ في الدِّين وأهله، ممَّن يبيِّنون الحكمَ الشرعيَّ ويقيمون الحجَّةَ، فكيف مع غيابه؟ فإنَّ جَهْلَ المكلَّفِ بالحُكم ـ والحالُ هذه ـ مُوجِبٌ للعُذْرِ، ينتفي بوجوده الإثمُ في أحكام الدنيا والآخرة ـ إن شاء اللهُ ـ ويُباحُ له الانتفاعُ بالمال المحرَّم المقبوضِ جهلاً بعقدٍ أو عملٍ محرَّمٍ؛ لأنَّ أَخْذَه وَقَعَ في ظَرْفٍ يعتقد المكلَّف حِلِّيَّةَ اكتسابِهِ مِن غيرِ أن يتعمَّد إيقاعَه على الوجه المحرَّمِ، لتَنَاوُلِ الآيةِ الكريمةِ له في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ[البقرة: ٢٧٥]؛ إِذْ هي تَشْمَل بعمومها ما اكْتَسَبَ مِنْ مالٍ حرامٍ قبلَ الإسلام وبعدَ نزولِ التحريمِ، كما تَشْمَل ـ أيضًا ـ ما حازه مِنْ مَالٍ محرَّمٍ قَبَضَهُ بعد الإسلام وقبل نزول التحريم، فالأوَّل لا حرامَ يقترن بكسبه في مُعتقده؛ لأنَّه قابضٌ قبل شمول حُكمِ الحرام له، والثاني ينتفي عنه التحريمُ في نظره؛ لأنَّه قابضٌ له قبل معرفته بالحكم الشرعيِّ.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٠ ربيع الأوَّل ١٤٢٢ﻫ
الموافق ﻟ: ١٣ جوان ٢٠٠١م

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)