الفتوى رقم: ٢٢٦

الصنف: فتاوى الطهارة - الغُسل

في حكم تعلُّق غُسل الجمعة

السؤال:

في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»(١): هل هذا الغُسلُ هو مِنْ أجل صلاة الجمعة أو ليوم الجمعة؟ فإِنْ كان للصلاة فهل هو واجبٌ على النساء وأصحابِ الأعذار ـ أيضًا ـ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فغُسلُ الجمعة يتعلَّق بالصلاة والذهابِ إلى المسجد؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً»(٢) الحديث، ولحديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ»(٣). والحديثان يدخل فيهما كُلُّ مَنْ يصحُّ التقرُّبُ منه ذَكَرًا وأنثى، حُرَّا وعَبْدًا(٤).

والمرأةُ لها أَنْ تغتسل مرَّةً في الأسبوع، والأفضلُ أَنْ يكون يومَ الجمعة؛ لِمَا رواه النسائيُّ مقيَّدًا بلفظِ: «عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ غُسْلُ يَوْمٍ وَهُوَ يَوْمُ الجُمُعَةِ»(٥). والحديثُ ـ وإِنْ وَرَد فيه ذِكْرُ الرجل المسلم ـ فهو يَتناوَلُ المرأةَ ـ أيضًا ـ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»(٦) أي: في الحكم، ما لم يَرِدْ دليلُ الخصوصية. وقد وَرَدَتْ صِيَغٌ أخرى مُطلَقةٌ يُفْهَمُ منها هذا التناولُ، منها: حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «للهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا»(٧). والحديثُ شاملٌ للمرأة والعبدِ والمسافرِ والمعذور، وتقييدُه بالجمعة للأفضلية.

لكنَّ المرأة وغيرَها ممَّنْ يريد صلاةَ الجمعة ويشهدها فعليهم بالغُسل لتعلُّقه بالرَّواح إلى الجمعة لا بالصلاة ذاتِها(٨) ـ كما تقدَّمَتْ به الأحاديثُ الصحيحة ـ. ويؤكِّده ما أخرجه أبو داود وغيرُه: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحٌ إِلَى الجُمُعَةِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ رَاحَ إِلَى الجُمُعَةِ الغُسْلُ»(٩).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١ جمادى الأولى ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٨ جوان ٢٠٠٥م

 


(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» بابُ فضلِ الغُسل يومَ الجمعة.. (٨٧٩)، ومسلمٌ في «الجمعة» (٨٤٦)، واللفظُ لأحمد (١١٥٧٨)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه.

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» بابُ فضلِ الجمعة (٨٨١)، ومسلمٌ في «الجمعة» (٨٥٠)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» باب: هل على مَنْ لم يشهد الجمعةَ غُسلٌ مِنَ النساء والصبيان وغيرِهم؟ (٨٩٤)، ومسلمٌ في «الجمعة» (٨٤٤)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٤) «فتح الباري» لابن حجر (٢/ ٣٦٦).

(٥) أخرجه النسائيُّ في «الجمعة» بابُ إيجابِ الغُسل يومَ الجمعة (١٣٧٨) مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٤٠٣٤).

(٦) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في الرجل يجد البِلَّة في منامه (٢٣٦)، والترمذيُّ في «الطهارة» بابٌ فيمَنْ يستيقظ فيرى بللًا ولا يذكر احتلامًا (١١٣)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع الصغير» (٢٣٣٣).

(٧) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» باب: هل على مَنْ لم يشهد الجمعةَ غُسلٌ مِنَ النساء والصبيان وغيرِهم؟ (٨٩٨)، ومسلمٌ في «الجمعة» (٨٤٩)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٨) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (٢/ ٣٥٧).

(٩) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في الغُسل يومَ الجمعة (٣٤٢) مِنْ حديثِ ابنِ عمر عن حفصة رضي الله عنهم. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٤٠٣٦).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)