الفتوى رقم: ٣٠١

الصنف: فتاوى الحج - أحكام الحج

في لحوق الوعيد لمن ترك الحج
 مع القدرة عليه

السؤال:

قرأتُ في كتاب: «الكبائر» للإمام الحافظ شمس الدِّين الذَّهبيِّ رحمه الله أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ حَجَّ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا»، وأنا أملك المال الكافيَ لذلك، ولكنِّي وفَّرتُه أنا وزوجي لشراء مسكن، فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالمقصود مِنَ الحديث: التغليظُ في الوعيد لمَنِ استطاع الحجَّ ولم يحجَّ، والمبالغةُ في الزجر لمَنْ تَرَكه، وذلك بتشبيهه باليهوديِّ والنصرانيِّ، ووجه التخصيص بأهل الكتاب: كونُهما غيرَ عاملَيْن بالكتاب؛ فشبَّه بهما مَنْ تَرَك الحجَّ حيث لم يعمل بكتاب الله تعالى، ونَبَذه وراءَ ظهره كأنه لا يعلمه.

والمعلوم أنَّ الاستطاعة في الحجِّ إنَّما تكون بعد تحصيل الحوائج الأصليَّة للإنسان مِنْ مأكلٍ ومَشرَبٍ ومَلبَسٍ وغيرها مِنْ أساسيَّات المعيشة.

غيرَ أنَّ الحديث المذكور في السؤال لا يمكن الاستدلالُ به على المعنى السابق لعدم انتهاضه للحجِّيَّة؛ فقَدْ أخرجه الترمذيُّ في كتاب «الحجِّ» رقم: (٨١٢)، مِنْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه مرفوعًا، وقال: «هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلَّا مِنْ هذا الوجه، وفي إسناده مَقالٌ»، وضعَّفه الألبانيُّ في «ضعيف الجامع» برقم: (٥٨٦٠)، وفي «ضعيف الترغيب والترهيب» برقم: (٧٥٣).

هذا، وينبغي للمكلَّف أَنْ يعلم بأنَّ الحاجة الأصليَّة إلى مسكنٍ إنَّما تكون عند انعدامه في حقِّه بحيث لا يمتلك لنفسه سكنًا خاصًّا؛ أمَّا إذا كان له مأوًى لائقٌ أو كان إنما يسعى إلى مسكنٍ آخَرَ زائدًا عن حاجته؛ فالواجبُ عليه ـ والحالُ هذه ـ أَنْ يقدِّم الحجَّ ويؤدِّيَ واجِبَه ما دامَتِ القدرةُ متوفِّرةً.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 

الجزائر في: ١٣ شوَّال ١٤٢٦ﻫ

الموافق ﻟ: ١٥ نوفمبر ٢٠٠٥م

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)