من عجائب لغتنا (٢)
النشوز: أصل النشوز الارتفاعُ إلى الشرور، ونشوزُ المرأة بغضُها لزوجها، وارتفاع نفسها عليه تكبُّرًا، ويقال: علوت نشْزًا من الأرض ونشَزًا بسكون الشين وفتحها. ونشز الشيءُ عن مكانه ارتفع، ونشزت إليَّ النفس: جاشت من الفزع، وامرأةٌ ناشزٌ. ومن غريب أمر النون والشين أنهما لا تقعان فاءً وعينًا للكلمة إلَّا دلَّتا على هذا المعنى أو ما يقاربه: ارتفاعٌ عن الشيء ومباينةٌ لأصله، وعدمُ انسجامٍ مع حقيقته، ومنه: «نشأ الإنسان»، أي: ارتفع وظهر ﴿أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ [الواقعة: ٣٥]، ومن أين نشأت؟ ﴿الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ﴾ [الرحمن: ٢٤]: السفن الماخرة عُبَابَ البحر، ونشب العظمُ في الحلق: عَلِقَ وارتفع عليه، وترامَوْا بالنشاب، ونشبت الحرب، ونشج الباكي نشجًا، وهو: ارتفاع البكاء وتردُّده في الصدر، وأنشد الشعر إنشادًا حسنًا، لأنَّ المنشد يرفع صوتَه، إلى آخر ما اشتملت عليه هذه المادَّة، وهذا من عجائب ما تميَّزت به لغتُنا الشريفة.
[«إعراب القرآن الكريم وبيانه» للدرويش (٢/ ١٧)]