بين القياس والسماع

قال سهلُ بنُ محمَّدٍ السجستانيُّ: قرأ عليَّ أعرابيٌّ: «طِيبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ»، فقلتُ: ﴿طُوبَى﴾، فقال: «طِيبَى»، فقلتُ ثانيًا: ﴿طُوبَى﴾، فقال: «طِيبَى»، فلمَّا طال عليَّ قلتُ: «طُو طُو»، فقال الأعرابيُّ: «طِي طِي»، أما ترى إلى هذه النحيزةِ ما أبقاها وأشدَّ محافظةَ هذا البدويِّ عليها؟ حتى أنه استُكره على تركِها فأبى إلَّا إخلادًا إليها! ونحو ذلك قال عمرٌو الكلبيُّ وقد أنشدَ بعضَ أهل الأدب:

بَانَتْ نُعَيْمَةُ وَالدُّنْيَا مُفَرِّقَةٌ * وَحَالُ مَنْ دُونَهَا غَيْرَانُ مَزْعُوجُ

فَقِيلَ له: «لا يُقال له: مزعوجٌ، إنما يقال: مُزعَجٌ»، فجفا ذلك عليهنَّ وقال يهجو النحويين:

مَاذَا لَقِينَا مِنَ المُسْتَعْرِبِينَ وَمِنْ * قِيَاسِ نَحْوِهِمُ هَذَا الَّذِي ابْتَدَعُوا

إِنْ قُلْتُ قَافِيَةً بِكْرًا يَكُونُ بِهَا * بَيْتٌ خِلَافَ الَّذِي قَاسُوهُ أَوْ ذَرَعُوا

قَالُوا لَحَنْتَ وَهَذَا لَيْسَ مُنْتَصِبًا * وَذَاكَ خَفْضٌ وَهَذَا لَيْسَ يَرْتَفِعُ

وَحَرَّضُوا بَيْنَ عَبْدِ اللهِ مِنْ حُمُقٍ * وَبَيْنَ زَيْدٍ فَطَالَ الضَّرْبُ وَالْوَجَعُ

كَمْ بَيْنَ قَوْمٍ قَدِ احْتَالُوا لِمَنْطِقِهِمْ * وَبَيْنَ قَوْمٍ عَلَى إِعْرَابِهِمْ طُبِعُوا

مَا كُلُّ قَوْلِيَ مَشْرُوحًا لَكُمْ فَخُذُوا * مَا تَعْرِفُونَ وَمَا لَمْ تَعْرِفُوا فَدَعُوا

لِأَنَّ أَرْضِيَ أَرْضٌ لَا تُشَبُّ بِهَا * نَارُ الْمَجُوسِ وَلَا تُبْنَى بِهَا الْبِيَعُ

[«شرح ديوان المتنبِّي» للبرقوقي (١/ ٨٤)]

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)