الفتوى رقم: ٢٥٢

الصنف: فتاوى المعاملات المالية - الإجارة

في حكم أخذِ ثمنٍ على وقتٍ لم يَتمَّ استغلالُه

السؤال:

أنا شابٌّ أعملُ في مقهى الإنترنت، حيَّرَني سؤالٌ هو: ما حُكمُ أخذِ مالٍ بمقدار (١) دينارٍ ـ مثلًا ـ عندما يأتي شخصٌ ويستعمل الجهازَ لمدَّةِ (٥٥) دقيقةً، علمًا أنَّ سعر الساعة (٥٠) دج، حيث إنَّني أَحْتسِبُها بسعرِ ساعةٍ وأطلبُ منه دَفْعَ (٥٠) دج؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالواجب على صاحِبِ مقهى الإنترنت أَنْ يُحدِّدَ سِعْرَ كُلِّ فترةٍ زمنيةٍ بثمنها، أي: تحديد الوقت المُسْتهلَكِ بثمنٍ معلومٍ للزبون، حتَّى يكون التعاملُ سالمًا مِنْ أيِّ غررٍ بين المُتعاقِدَيْن؛ فيَلْتزِمُ ـ حالَتَئذٍ ـ كُلُّ واحدٍ منهما بواجبه تُجاهَ الآخَرِ مِنْ غير تجاوُزٍ باطلٍ؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِ[المائدة: ١]، والعقودُ عهودٌ يجب الوفاءُ بها؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡ‍ُٔولٗا ٣٤[الإسراء].

هذا، وإذا كان التعاقدُ الجاري مع الزبون معلومًا بسعرين: سعرِ الساعة وسعرِ ما دونها ـ وإِنْ تَضمَّنَ هذا التعاملُ غررًا ـ إلَّا أنه يسيرٌ مُغْتفَرٌ للمصلحة الراجحة؛ وعليه فإنَّ ثمنَ العوضِ ينبغي أَنْ يكون بحسَبِ الاتِّفاق بين الطرفين، وليس لصاحِبِ المقهى ـ والحالُ هذه ـ التعدِّي على مال الزبون بأَنْ يَحْتسِبَ ثَمَنَ ما دون الساعةِ ثَمَنَ الساعةِ فيأخذَ منه فضلًا ماليًّا زائدًا عمَّا استغلَّه الزبونُ مِنْ وقتٍ على جهاز المقهى على وجه الظلم والتعدِّي؛ لذلك لا يَحِقُّ له الزيادةُ الماليةُ المأخوذةُ إلَّا إذا عَلِمَها الزبونُ وتَنازَلَ له عنها بمحضِ إرادته؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(١)، وإِنِ امتنع عن التنازل عنها وَجَبَ ردُّ قيمة الفترة غيرِ المستغَلَّة؛ لأنَّ «الغُنْمَ بِالغُرْمِ»، فإِنْ لم يَعُدْ إليه أَنْفَقَ تلك الزيادةَ عن صاحِبِها في المَرافِقِ العامَّة أو على الفُقَراء والمساكين.

هذا، وينبغي الحرصُ على توجيه مقاهي الإنترنت باستخدامها في مَنافِعِ المسلمين بما يرضي اللهَ تعالى، والحذرُ مِنَ الانحراف بها في إفساد دِينِهم وأخلاقهم.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٠ جمادى الثانية ١٤٢٦
الموافق ﻟ: ٢٦ جويلية ٢٠٠٥م

 



(١) أخرجه أحمد (٢٠٦٩٥)، والبيهقيُّ ـ واللفظ له ـ (١١٥٤٥) مِنْ حديثِ حنيفة الرَّقَاشيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (١٤٥٩) وفي «صحيح الجامع» (٧٦٦٢).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)