الفتوى رقم: ٢٩٧

الصنف: فتاوى العقيدة - أركان الإيمان - اليوم الآخر

في سؤال المَلَكين للميِّت الغريق

السؤال:

هل سؤال المَلَكين للميِّت الغريق يكون بعد خروج الروح أم بعد أَنْ يُقْبَرَ؟ جزاكم الله عنَّا كُلَّ خيرٍ.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فمِنَ المعلوم أنَّ سُؤال الملكين: المُنْكَرِ والنكير(١) للمقبور يكون ـ في الغالب ـ بعد وضعِه في قبرِه كما ثَبَتَ ذلك عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «إِنَّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ»، قَالَ: «يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ» الحديث(٢)، ولمَّا كان الغالبُ على الموتى أنهم يُقْبَرون كان أَلْصَقَ بالتسمية.

أمَّا مَنْ لم يُوضَعْ في القبر كمَنْ أكلَتْه السِّباعُ والحيتان، أو مَنِ احترق حتَّى صار رمادًا، أو مَنْ شَتَّتَهُ انفجارُ قنبلةٍ؛ فإنه ـ ولا شكَّ ـ يُسألُ ويَنالُه نصيبُه مِنَ النعيم والعذاب في كِلَا الحالتين: قُبِرَ هذا الميِّتُ أو لم يُقْبَر، لكِنْ مع الجهل بالكيف؛ لأنَّه أمرٌ غَيْبِيٌّ توقيفيٌّ لا يجوز فيه قياسُ عالَمِ الغيب على عالَمِ الشهادة، قال ابنُ أبي العزِّ ـ رحمه الله ـ: «واعْلَمْ أنَّ عذابَ القبرِ هو عذابُ البرزخ؛ فكُلُّ مَنْ مات وهو مُستحِقٌّ للعذاب نالَهُ نصيبُه منه، قُبِرَ أو لم يُقْبَرْ، أكلَتْه السباعُ أو احترق حتَّى صار رمادًا ونُسِفَ في الهواء، أو صُلِبَ، أو غَرِقَ في البحر؛ وَصَلَ إلى رُوحِه وبدنِه مِنَ العذابِ ما يَصِلُ إلى المقبور»(٣).

أمَّا نعيمُ القبرِ وعذابُه فيَقَعُ على الروح والبدن جميعًا باتِّفاقِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة، تُنعَّمُ النفسُ وتُعذَّبُ مُفْرَدةً عن البدن ومُتَّصِلةً به(٤).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٥ رجب ١٤٢٦
الموافق ﻟ: ٣٠ أوت ٢٠٠٥م

 



(١) جاء في «سنن الترمذي» في «الجنائز» بابُ ما جاء في عذاب القبر (١٠٧١) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه تسميتُهما بالمُنْكَرِ والنكير، وأخرجه ـ أيضًا ـ ابنُ أبي عاصمٍ في «السنَّة» رقم: (٨٦٤). وحسَّن الألبانيُّ إسنادَه في «السلسلة الصحيحة» (٣/ ٣٧٩) رقم: (١٣٩١).

(٢) أخرجه البخاريُّ في «الجنائز» بابُ ما جاء في عذاب القبر (١٣٧٤)، ومسلمٌ في «الجنَّة وصِفَةِ نعيمها» (٢٨٧٠)، مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.

(٣) «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ (٤٥١).

(٤) للمزيد مِنَ التوسُّع راجِعِ «الروح» لابن القيِّم (٨١ ـ ٨٨)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ (٤٥١).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)