الفتوى رقم: ٢٩٩

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ إنشاء عقد الزواج

في اشتراط التوقُّف عن العمل لإبرام عَقْدِ الزواج

السؤال:

أختٌ تعمل مُضطرَّةً في مؤسَّسةٍ مُختلِطةٍ، تَقدَّم لخِطبتها أخٌ مستقيمٌ، فاشترط عليها التخلِّيَ عن هذا العملِ والمكوثَ في البيت بسبب الاختلاط وبُعْدِ مَقَرِّ العمل [٨٨ كلم]، فقَبِلَتِ الأختُ هذا الشرطَ، غير أنَّ والِدَ الأختِ تَدخَّل في الأمر واشترط على الخاطب أَنْ تُواصِلَ ابنتُه العملَ الذي لم يَبْقَ مِنْ عَقْدِه غيرُ أربعةِ أشهرٍ لإدماجها وترسيمها فيما بعدُ، لكنَّ الخاطب رَفَضَ هذا الطلبَ إطلاقًا؛ وسعيًا لإنجاح المشروع تُضْطَرُّ الأختُ لمواصَلة عقدِ العمل، وفي هذه الفترةِ تتمكَّن مِنَ الالتحاق ببيت الزوج، وتتحرَّر مِنْ مَطالِب أبيها السالفةِ الذِّكر.

فهل يجوز لها أَنْ تقوم بهذا العملِ المذكور؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالمؤمنون على شروطهم، فما دام أنهم اتَّفقوا على أَنْ لا تعمل فالواجبُ عليها أَنْ تلتزم بالعهد لقوله تعالى: ﴿وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡ‍ُٔولٗا ٣٤[الإسراء]، وقد خيَّرها الخاطبُ بين أَمْرَين: بين الزواجِ وبيتِ الزوجيَّة وبين بقائها في عَمَلِها فاختارت الأوَّلَ، والأوَّلُ أحَبُّ إلى الشرع مِنَ الثاني؛ لأنَّ أَمْرَ الزواج مرغوبٌ فيه، وإيجادَ الذرِّيَّة ممَّا نَدَب الشرعُ إليه؛ أمَّا العملُ فَمَنَعَهُ إلَّا لضرورةٍ أو حاجةٍ وبالضوابطِ الشرعيَّة، لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰ[الأحزاب: ٣٣]؛ فالأصلُ أنَّ المرأة تَلْزَم بيتَها، ولا تختلطُ بالرجال، ولا تُخالِفُ أَمْرَ ربِّها، وتعملُ على تَحاشي ما فيه تضييعٌ للقِيَمِ والأخلاقِ مِنْ جَرَّاءِ خروجها فيما لا حاجةَ إليه، لكفايةِ زوجها لها في نَفَقَتِها ومُؤنَتِها.

فالحاصل: أنَّ الحقَّ مع الزوج، وإِنِ امتنع فامتناعُه مُوافِقٌ لدلالة النصوص السابقة، وشرطُه هذا ليس مِنْ قبيلِ ما أَحلَّ حرامًا وحرَّم حلالًا، بل هو ممَّا حرَّم حرامًا، وطاعةُ الوالدَيْن إنما تكون في المعروف لا في المعصية.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٢ رمضان ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ أكتوبر ٢٠٠٥م

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)