الفتوى رقم: ٢٢٢

الصنف: فتاوى الحدود والديات - الديات

في ضمانِ دِيَةَ طفلةٍ سقطَتْ مِنْ بنيانٍ

السؤال:

سقطَتْ طفلةٌ صغيرةٌ تبلغ مِنَ العمر أربعَ سنواتٍ مِنْ بنيانٍ جديدٍ فماتَتْ، وكانت أمُّها ـ في ذلك الوقت ـ في غرفةٍ مِنْ ذلك البنيان، فهل على أمِّها شيءٌ؟ علمًا بأنَّ هذه الطفلةَ قد سقطَتْ قبل هذه المرَّةِ مِنْ ذلك المكان. وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالظاهر أنَّ المتسبِّب ـ في تقديري ـ في هذه الحادثةِ هو صاحِبُ البنيان الجديد إذا تمَّ تسليمُ البنيان لصاحِبِه أو مالكِه الذي فرَّط في إحاطته بسياجٍ يَقِي الطفلةَ مِنَ السقوط؛ فكان ـ عندئذٍ ـ متعدِّيًا بإهماله في اتِّخاذ الحيطة، والمتسبِّبُ لضررِ غيره يَلْزَمه الضمانُ بالتعدِّي والتفريط، ولا يُنْظَر إلى التعمُّد والقصد لأنَّ حقوق الناس مضمونةٌ شرعًا في حالتَيِ العمد والخطإ، وسواءٌ كان صاحبُ الملكية هو أبا الطفلة الميِّتة أو أمَّها أو غيرهما؛ عملًا بقاعدةِ: «المُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي»(١)؛ ذلك لأنَّ إتلاف المتسبِّب كإتلاف المُباشِر في أصل الضمان.

أمَّا إذا لم يتمَّ تسليمُ البنيان الجديد، وكان تحت حيازة المُقاوِل البنَّاء فإنَّ الضمان عليه لا على صاحب المِلْكية؛ لكونها تحت حيازته إذ إنَّما «يُضافُ الفعلُ إلى الفاعل لا الآمرِ ما لم يكن مُجْبَرًا»(٢)، والفاعل هو المُقاوِل فهو مسؤولٌ ضامنٌ، كما تتقرَّر مسؤوليةُ الفاعل إذا كان هو المالكَ، وفي ذات الوقت هو البنَّاء.

هذا، ويترتَّب على القول بالضمان دِيَةُ الخطإ حقًّا للآدميِّ وصيامُ شهرين مُتتابِعين حقًّا لله تعالى؛ نظرًا لعدمِ وجودِ ـ في وقتنا الحالي ـ رقبةٍ مؤمنةٍ سالمةٍ مِنَ العيوب يُعتِقها.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 


(١) انظر: «الفروق» للقرافي (٢/ ٢٠٦) (٣-٤/ ٢٧)، «المغني» لابن قدامة (١٢/ ٨٨)، «مجلَّة الأحكام» وشروحها، مادَّة (٩٣)، «المدخل الفقهي» للكردي (١١٢).

(٢) «مجلَّة الأحكام» وشروحها، مادَّة (٨٩).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)