جواب إدارة الموقع الرسميِّ
لفضيلة الشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ
على انتقادِ استعمال الشيخ لعبارةِ: «ظُلمِ العبد لربِّه» ونحوِها

نصُّ الانتقاد:

تتداول قنواتٌ محسوبةٌ على أشخاصٍ معروفين نبَأً مَفادُه: أنَّ الشيخَ ـ حَفِظه الله ـ وقَعَ في خطإٍ عَقَديٍّ هو: استعمالُه عبارةَ: «ظُلمُ العبد لربِّه» ونحوها في فتاواه، كما أنَّها تُروِّج لِمُتَتَبِّعِيها أنَّ الشيخَ إنَّما تراجع عنها كتابةً بعد أن كشفُوا هم الخطأَ مِنْ غيرِ تصريحٍ منه بتوبةٍ منها، ولا تنبيهٍ عليها ولا إشارةٍ إلى أنَّه نُبِّه عليها، وأبقاها ـ بخطئها ـ مسموعةً.

فالواجب ـ إذ ذاك ـ على إدارةِ الموقعِ إعلامُ الشيخ وتبليغُه بوجه الصَّواب في العبارة، وأَنْ تبادر ـ وكاتبَ الفتاوى ـ إلى إعلان التوبة، والصَّدع بها مِنْ غير لفٍّ ولا روغان.

الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمَّا بعد:

فما يُثارُ في القنوات التي تَحملُ نَفَسًا مشحونًا بتتبُّع العثرات ومُشرَبًا بالبحث عن الثغرات التي لا يَسْلَمُ منها أحَدٌ، تنقُّصًا وإزراءً، مِنْ عدمِ تطابُقِ المَسموع مِنْ كلام الشَّيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ مع المَكتوب في الموقع، بغرض التَّشكيك في مصداقيَّة ما يُنشَر عن الشَّيخ ـ مِنْ جهةٍ ـ، واتِّهام الشيخ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ بتصحيح الأخطاء وتعديلِ الفتاوى دون التَّصريحِ عَلَنًا، هو مِنْ قبيل التَّلاعبِ بسَير الأحداث وتصويرها على غير صورتها المُطابِقة لواقعها.

وعليه فإنَّ إدارة الموقع تُنهي إلى علم المُنتقِد صاحبِ الرِّسالة وإلى عمومِ القُرَّاء أنَّ لفظةَ «ظُلم العبد لربِّه» وما يماثلها وَرَدَتْ عن الشِّيخ في ثلاثِ فتاوى في وقائعِ حقٍّ وصدقٍ نذكر تفاصيلَها على التَّوالي:

ـ الفتوى رقم: (٤٦٠) بعنوان: «في ضابط التعاون على الإثم». [جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ ـ جوان ٢٠٠٦م].

ـ الفتوى رقم: (٦٢٩) بعنوان: «في ضابط مجالات التعاون المشروع». [ذي الحِجَّة ١٤٢٧ﻫ ـ جانفي ٢٠٠٧م].

ـ الفتوى رقم: (١١٧٦) بعنوان: «في حكم رياضة «تاي شي شوان»». [ربيع الثاني ١٤٣٦ﻫ ـ فبراير ٢٠١٥م].

وكان الشَّيخ ـ حفظه الله ـ يتبَنَّى رأيَ مَنْ يرى أَنْ لا حرَجَ ولا محذورَ في إطلاقِ هذه اللَّفظةِ مِنْ غيرِ نكيرٍ، لأنَّ الجملة (لربِّه) تحتاج إلى مُضمَرٍ مقدَّر ليستقيم به المعنى وهو: (حقِّ ربِّه) وهو معلومٌ، وخاصةً مِنْ سياق الفتوى، وعلى هذا الأساسِ جاء تَسجيلُ صوتيَّات الفتاوى مُتضمِّنًا للعبارة السَّالفةِ، إلى أَنْ راسل بعضُ الطَّيِّبين ـ في سنواتٍ خَلَتْ ترجع إلى حدود سَنَةِ: (١٤٣٦هـ /  ٢٠١٥م) ـ الموقعَ مُستشكِلًا العبارةَ، وناقلًا انتقادَ بعضِ أهل العلم لها، فما كان مِنَ الشَّيخ ـ حَفِظه الله كما هي عادتُه ـ إلَّا أَنْ راجع المسألةَ، فرأى أنَّ الظاهرَ كونُ الخطإ في اللَّفظ والعبارة لا في المعتقد، فآنسَ الصَّوابَ في اجتنابِ هذا التَّعبير، فأمَرَ الشَّيخُ ـ حفظه الله ـ بتصحيحها في الموقع، وغيَّر هذه العبارةَ ـ فعلًا ـ في مجلَّةِ «الإحياء» [العدد: (٢٠) الصفحة: (٦٠) الصادرة سَنَةَ: (١٤٣٩هـ ـ ٢٠١٧م)]، وأشار ـ حَفِظه الله ـ إلى هذا التَّغييرِ في حلقاته المعتادة في عِدَّةِ مناسباتٍ، وشَهِد بذلك بعضُ مَنْ سَمِعه منه في حلقاته، فكان ذلك رجوعًا منه إلى الحقِّ، واعترافًا بالخطإ، ومسارعةً ـ آنَذاك ـ بالتَّصويب والتَّغيير، بحسَبِ ما تيسَّر التَّفطُّنُ له والتَّنبيهُ عليه، فالكمالُ لله وَحْدَه، والمَعصومُ مَنْ عصَمَه اللهُ؛ وكان الشَّيخ ـ حفظه الله ـ يُكرِّر مَطْلَعَ مقولةِ سعيد بنِ جُبيرٍ ـ رحمه الله ـ: «رَحِم اللهُ رجلًا أهدى إليَّ عيوبي، وإذا أُهْدِيَتْ إلينا العيوبُ لا نَحْردُ(١)، ولا نُبرِّئ أَنْفُسَنا حتَّى لا نكون مُعجَبِين، بل نعترف».

وبناءً على ذلك بادرَتْ إدارةُ الموقعِ ـ وقتَئذٍ ـ إلى تصحيح العبارةِ في فتويَيْن مكتوبتين؛ غيرَ أنَّه قد فاتها التَّصحيحُ ـ سهوًا ـ لفتوَى ثالثةٍ، وبَقِيَتْ على ما كانت عليه، فوقعت أَعيُنُ المُتحامِلين على ملاحظاتِ غيرِهم القديمةِ فنسبوها إلى أنفُسِهم، ادِّعاءً منهم أنَّهم قادرون على البحث والتَّنقيب والتَّحرِّي، وما هم ـ في الحقيقة ـ إلَّا جُندٌ مُفلِسون، زاعمين أنَّ التَّعديلَ كان بناءً على اكتشافهم تشبُّعًا بما لم يُعطَوْا، إذ المجلَّةُ المطبوعةُ شاهدةٌ على ذلك، ولها أكثرُ مِنْ أربعِ سنينَ، فكيف يكون التصويبُ الذي تمَّ وقتَها ناتجًا عن تنبيههم الذي كان منهم هذه السَّنَةَ؟! والعجيب أنهم استغلُّوا أَمْرَ هذه المُلاحظاتِ في التَّأجيج والتَّضخيم والتَّهويل لتغطيةِ ما هم عليه مِنَ المَخازي والمَساوئ والمَعايب والمَثالب، وتعمَّدوا تصديرَ فواجعِهم، ليُشغِلوا النَّاسَ بغيرهم كما جَرَتْ عليه عادةُ المَنفوخين المُفلِسين.

هذا، وأمَّا الصَّوتيَّات المَسموعة فلم يكن إعادةُ تغييرها ممكنًا، نظرًا لأنَّ الموقع ـ آنَذاك ـ افتقد التَّقنيَّ العارف بمثلِ هذه العمليَّات، وأدَّى تأخُّرُ التَّعاقد مع تقنيٍّ آخَرَ خبيرٍ مُتقِنٍ إلى أَنْ طال عهدُ التَّصحيح فدخل النِّسيانُ على الأذهان ـ وهو مِنْ طبيعة البشر ـ مِنْ غيرِ أَنْ يكون مِنَ القائمين على الموقع عزمٌ على الإهمال والتَّقصيرِ أو تعمُّدٌ للخطإ.

فهذا ـ إذن ـ ذِكرٌ لِمُجمَلِ الوقائع على حقيقتها ومُجرَيات الأحداث منقولةً بصِدقٍ لا الْتِواءَ فيها ولا كذِبَ، قطعًا للطريق على أهل الافتراء والتَّلبيس والتَّشويش والتَّشغيب.

وعليه، فإنَّ إدارة الموقع ـ إذ توضِّح ما سبَقَ بيانه ـ، فإنَّها تُجدِّد الدَّعوةَ ـ لكُلِّ مَنْ يَلْحظ ما يجب استدراكُه ـ أَنْ يُبادِر إلى مراسلتها نُصحًا وإرشادًا، وتُؤكِّد على أنَّ أبوابَها مفتوحةٌ لكُلِّ مَنْ يتعاون معها بالأمانة، تحقيقًا للبِرِّ والتَّقوى.

كما أنَّ المَعهود عن الشَّيخِ ـ حفظه الله ـ رحابةُ صدرِهِ لكُلِّ نقدٍ عِلميٍّ بنَّاءٍ يُرادُ ـ مِنْ خلاله ـ الوصولُ إلى الحقِّ والصَّوابِ، ولا يجد في نفسه غضاضةً في استدراكِ ما جانَبَ فيه الصَّوابَ قِيلًا ومَقالًا، شاكرًا مَنْ كان سببًا في ذلك بيانًا وتوضيحًا، وليس التَّصلُّبُ على الخطإ شِيمتَه ولا المُراوغةُ في الحقِّ دِثارَه، وإنَّما ذلك عيبٌ يتحمَّل عَوارَه وشَنَارَه مَنْ تلُوح له الدَّلائلُ ظهورًا، والبراهينُ سطوعًا، ويأبى بعد التَّبيُّنِ إلَّا عن الحقِّ صدودًا، وعن الرُّجوع عن الباطل إلَّا نُكوسًا، وبالعناد إلَّا تمسُّكًا واستظهارًا.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر: الأحد ٢١ شوال ١٤٤٣هـ
الموافق ﻟ: ٢٢ ماي ٢٠٢٢م



(١) أي: لا نغضب؛ وهو مِنْ بابِ «ضَرَبَ» و«سَمِعَ». [انظر: «تاج العروس» للزَّبيدي (٨/ ١٧)].

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)