قُلتم في الفتوى رقم: (٢٨٠) بعنوان: «في حكم مشاركة المرأة سياسيًّا»: «وإذا كان لا يَحِقُّ لها أَنْ تتولَّى مَنْصِبَ الخلافةِ أو الإمامة فلها أَنْ تُشارِك ـ عن بُعْدٍ ـ في إبداءِ رأيها ...  للمزيد

الفتوى رقم: ١٣٠٤

الصنف: فتاوى منهجية

الجواب عن الاعتراضِ على
القولِ بعمومِ الاستشارةِ النِّسائيةِ

نصُّ الشبهة:

قال كاتب الفتوى رقم: (٢٨٠) بعنوان: «في حكم مشاركة المرأة سياسيًّا»: «وإذا كان لا يَحِقُّ لها أَنْ تتولَّى مَنْصِبَ الخلافةِ أو الإمامة فلها أَنْ تُشارِك ـ عن بُعْدٍ ـ في إبداءِ رأيها فيمَنْ يصلح لهذا المَنْصِب إِنْ كانت أهلًا للرأي والمشورة والاجتهاد، مِنْ غيرِ أَنْ تكون عضوًا في المجلس الشوريِّ؛ لأنَّ إبداء الرأي مِنْ لوازم المشاورة ومُقتضَيَاتها، وتدخل في عمومِ قوله تعالى: ﴿وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ[الشورى: ٣٨]».

وأقول: هذا الاستدلالُ غيرُ صحيحٍ:

ـ لأنه إحداثٌ في تفسير الآية بما لم يفهمه الصحابةُ والأئمَّةُ مِنْ بعدِهم.

ـ ولأنه مع وجود النِّساءِ المجتهداتِ زمنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لم يُدخِلْهنَّ في الشورى، فتركُه يُعتبَر سُنَّةً تركيَّةً تُقدَّمُ على كُلِّ عمومٍ وقياسٍ.

ـ ولأنَّ النِّساءَ وإِنْ كان لهنَّ أحقِّيَّةُ مُطلَقِ الشورى المستفادِ مِنَ العمومِ فلا يَلْزَمُ مِنْ ذلك أَنْ يكون لهنَّ أحقِّيَّةُ الشورى في اختيارِ خليفة المسلمين، إذ هذه أخصُّ مِنْ تلك، وثبوتُ الأعمِّ لا يَلْزَمُ منه ثبوتُ الأخصِّ كما هو معلومٌ في علم أصول الفقه.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالَمِين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فحتَّى تنجلِيَ هذه المسألةُ وضوحًا، فإنَّه ينبغي التَّفريقُ في الحكمِ بين استشارة المرأة ذاتِ أهليَّةِ النَّظرِ ورجاحةِ العقلِ وسَدادِ القولِ في الشَّأنِ العامِّ وغيرِه فيما فيه طاعةُ اللهِ دون معصيةٍ، والأخذِ بمشورتِها فيما يُستحسَنُ الأخذُ به في المحورِ الأوَّلِ، وبين انضمامِها في عضويَّةِ المجلسِ الشُّوريِّ ومشاركتِها فيه بصفةٍ فِعليَّةٍ في المحورِ الثَّاني، والفتوى المُشارُ إليها تَدورُ على المحورِ الأوَّلِ مع الإشارةِ إلى المحاذير المُرتبطةِ بالمحورِ الثَّاني، وفيها ـ علاوةً على ذلك ـ تنبيهٌ على حكمِ المشاركةِ السِّياسيَّة في المجالسِ النِّيابيَّة البرلمانيَّة المؤسَّسة على المبادئ الديمقراطيَّة القائمة على منحِ حقِّ التشريع لغيرِ الله، وتخويلِ الشعبِ اختيارَ كيف يحكم نفسَه بنفسه، وهذا التنبيهُ يتعلَّق بالرِّجال والنساء بالأَوْلى وهو المحور الثالث الذي تدور عليه الفتوى.

فقد بيَّنتُ في هذه الفتوى أنَّ المرأةَ لا تَصلُح شرعًا لِتَولِّي مَنصِبِ الإمامة العُظمى، لأنَّ الذُّكورةَ شرطٌ مُجمَعٌ عليه فيها؛ قال إمامُ الحَرَمَيْن الجُوَينيُّ ـ رحمه الله ـ: «وأجمعُوا أنَّ المرأةَ لا يجوز أَنْ تكون إمامًا»(١)، وهو ما نصَّ عليه ابنُ حزمٍ ـ رحمه الله ـ(٢) لِمَا رواه البخاريُّ وغيرُه مِنْ حديثِ أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: «لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الجَمَلِ، بَعْدَمَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ»، قَالَ: «لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»»(٣)؛ ومنه استُنبِط عدمُ صلاحِيَةِ المرأةِ للوِلايَات العامَّة؛ قال الشَّوكانيُّ ـ رحمه الله ـ: «فيه دليلٌ على أنَّ المرأةَ ليست مِنْ أهْلِ الوِلايَات، ولا يَحِلُّ لقومٍ تولِيَتُها، لأنَّ تجنُّبَ الأمرِ المُوجِب لعدمِ الفَلاح واجِبٌ»(٤).

هذا، وليستِ الذُّكورةُ شرطًا في رتبةِ الاجتهادِ والفَتْوى والتَّعليمِ، لأنَّ المطلوبَ في المرأةِ في هذا المَقامِ: حُسْنُ رأيِها ورجَاحةُ عقْلِها وسَدادُ قولِهَا وتوجيهِها، ومِنْ نماذج ذلك:

فقد كانت خديجةُ رضي الله عنها مِنْ حَصَافةِ رأيِها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قد ثبَّت اللهُ قلبَ نبيِّه بما قالته له حين ظنَّ أنه لُعِبَ بعقلِه وخَشِيَ على نفسِه، فقَدْ «دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، قَالَ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي؟ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، فَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، قَالَتْ خَدِيجَةُ: «كَلَّا، أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ»، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: «يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ»، قَالَ وَرَقَةُ: «يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟» فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: «هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا..» ذَكَرَ حَرْفًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟» قَالَ وَرَقَةُ: «نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا»، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(٥).

وقد كانت عائشةُ رضي الله عنها مِنْ أَفقَهِ النَّاس وأعلَمِهم بالسُّنَّة؛ قال أبو بُردةَ بنُ أبي موسى الأشعريِّ عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: «مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا ـ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إِلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا»(٦)، ومِنْ ذلك أنَّ معاويةَ بنَ أبي سفيانَ رضي الله عنهما ـ وهو خليفةٌ ـ كان يُكاتِبُها لِيَسألَها ويستفتِيَها أو يستنصِحَها فتُجيبُه، كما كانت تُراسِلُه ابتداءً بالنَّصيحة(٧)، وقد تُعاتِبُه أو تَلومُه على بعضِ ما كان منه فيما يتعلَّق بأمر النَّاس أو في خاصَّةِ نفسِه مِنْ مسائل الحكم أو الفقه، فيقبل النَّصيحةَ منها أو يُبدي عُذْرَه، أو يُقِرُّ بذنبه(٨)، وإذا أتى المدينةَ فرُبَّما أتى بابَها فكلَّمها أو كلَّمَتْه مِنْ وراءِ حجابٍ في ذلك، وكذلك كان حالُهَا مع مروانَ بنِ الحَكَمِ وهو أميرٌ على المدينةِ، وهذا يدلُّ على أنَّ الاجتهادَ والإفتاءَ غيرُ مقصُورٍ على الرِّجال وغيرُ محظُورٍ على النِّساء، وقد صرَّح الفقهاءُ بأنَّ الأُنوثَةَ لا تَمنعُ الأهليَّةَ للإفتاء والاجتهاد(٩)؛ قال ابنُ حزمٍ ـ رحمه الله ـ: «لو تفقَّهَتِ امرأةٌ في علومِ الدِّيانة لَلَزِمَنا قبولُ نِذارتِها»(١٠).

هذا، وإذا كانت الأنوثةُ لا تَمنَعُ أهليَّةَ الإفتاءِ والاجتهاد والتَّعليم والشَّهاداتِ ـ في الجُملة إذا تحقَّقَتْ في المرأةِ شرائطُها ـ فلا تَمنعُ ـ عند الحنفيَّة ـ مِنْ تَولِّي المرأةِ مَنصِبَ القضاءِ في كُلِّ ما تُقبَل فيه شهادتُها؛ قال الكاسانيُّ ـ رحمه الله ـ: «لأنَّ المرأةَ مِنْ أهلِ الشَّهاداتِ في الجُملةِ، إلَّا أنَّها لا تَقضِي بالحدودِ والقِصاصِ لأنَّه لا شهادةَ لها في ذلك، وأهليَّةُ القضاءِ [يعني: عندهم] تدورُ مع أهليَّةِ الشَّهادة»(١١).

أمَّا استشارةُ المرأةِ العاقلةِ الحصيفةِ ذاتِ الرأيِ ـ في الجملةِ ـ والعملُ بما يُستحسَنُ ويُستصوَبُ مِنْ قولها ورأيِها فلا بأسَ بذلك، لأنه ليستِ الذُّكورةُ في المُشير مِنْ شرطِ جوازِ العمل بالرأي الصائب مِنْ المشير به، ولا مِنْ شرطِ جوازِ استشارته، وقد جاء النَّصُّ القُرآنيُّ مبيِّنًا هذهِ الإشارةَ النِّسائيَّةَ مِنِ ابنةِ شيخِ مَدْيَنَ الكبيرِ في السِّنِّ الحَيِيَّةِ والتي صارت ـ بعد ذلك ـ (هي أو أختُها) زوجَ موسى عليه السلام، فقَدْ أشارت على أبِيها بقولها: ﴿يَٰأَبَتِ ٱسۡتَ‍ٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَيۡرَ مَنِ ٱسۡتَ‍ٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡأَمِينُ ٢٦[القَصص: ٢٦]، وقد عمِلَ أبوهَا بما أَشارت عليه ابنتُه، فإِنْ قِيلَ: هذا شرعُ مَنْ قبلنا؛ فجوابُه: أنَّه وَرَدَ في شرعِنا ما يُؤَيِّدُه ويُقوِّيه عن أمِّ المؤمنين أمِّ سَلَمةَ هند بنتِ أبي أُمَيَّةَ القُرَشيَّةِ المخزوميَّةِ رضي الله عنها، فقَدْ أَخرجَ البخاريُّ في «صحيحه» أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم «دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ [بعد صُلحِ الحُديبِية]، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «يَا نَبِيَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ»، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ: نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِق بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا»(١٢)، وقد عرفَتْ أمُّ سلمةَ رضي الله عنها أنَّ للعملِ بالأمر الأثرَ البالغَ في الاستجابةِ للأوامِر؛ لذلكَ أشَارَت بهِ؛ قال ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «وفيه: فضلُ المشورة، وأنَّ الفعلَ إذا انضمَّ إلى القول كان أبلَغَ مِنَ القولِ المُجرَّد، وليس فيه أنَّ الفعلَ مُطلَقًا أبلغُ مِنَ القولِ، وجوازُ مُشاورَةِ المرأة الفاضلة، وفضلُ أُمِّ سَلَمَةَ ووُفُورُ عَقْلِها حَتَّى قالَ إمامُ الحَرَمَيْنِ: «لا نَعلمُ امْرَأةً أشارَتْ برَأيٍ فَأصابَتْ إلَّا أُمَّ سَلَمَةَ» كذا قال، وقد اسْتَدرَكَ بعضُهم عليه بنتَ شعيبٍ في أمرِ موسى»(١٣).

وممَّا يدلُّ على فَضْلِ أمِّ سَلَمةَ رضي الله عنها ورَجَاحةِ عقلِها وسَدادِ قولها: أنَّها صارت مرجِعًا بعد ذلك في طلبِ الإشارَة ولو في قضيَّةٍ متعلِّقةٍ بسياسة الحكم، فقَدْ روى ابنُ عبد البرِّ عَنْ وهْبِ بْنِ كَيْسانَ قالَ: سَمِعْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «لَمَّا قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ [المُرِّيُّ وهو قائدُ جيشِ يزيدَ الذي بعَثَه لقتالِ أهل المدينة في وقعة الحَرَّة] المَدِينَةَ أتَتِ الأحْياءُ يُبايِعُونَهُ، فَأتى بَنُو سَلِمَةَ(١٤) ولَمْ آتِ مَعَهُمْ، فَقالَ: «لا أُبايِعُكُمْ حَتَّى يَخْرُجَ إلَيَّ جابِرٌ»، قالَ: «فَأتانِي قَوْمِي فَنَاشَدُونِي اللَّهَ»، فَقُلْتُ لَهُمْ: «أَنْظِرُونِي»، فَأتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فاسْتَشَرْتُها فِي الخُرُوجِ إلَيْهِ، فَقالَتْ: «واللَّهِ إنِّي لَأُراها بَيْعَةَ ضَلالَةٍ، ولَكِنْ قَدْ أمَرْتُ أخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أبِي أُمَيَّةَ أَنْ يَأْتِيَهُ فَيُبايِعَهُ»، كَأنَّها أرادَتْ أَنْ تَحْقِنَ دَمَهُ، قالَ جابِرٌ: «فَأتَيْتُهُ فَبايَعْتُهُ»»(١٥)، وهذا يدلُّ على جوازِ إبداءِ رأيِها فيمَنْ يَصلُحُ لهذا المَنصِبِ مع مُراعاةِ المصالِح والمفاسِدِ إِنْ كانت أهلًا للرَّأي والمَشُورةِ والاجتهاد، مِنْ غيرِ أَنْ تكونَ عضوًا في المجلسِ الشُّوريِّ، لأنَّ إبداءَ الرَّأي مِنْ لوازِم المشاوَرةِ ومُقتضَيَاتِها، وتدخل في عموم الآية في قوله تعالى: ﴿وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ[الشورى: ٣٨] ، ويشهَدُ لذلك مَا ذكَرَه ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ في [«البداية والنهاية»] في قصَّةِ اختيار الخليفَة بعد وفاةِ عمرَ بنِ الخطَّاب رضي الله عنه مِنْ بين السِّتَّة الذين اختارهم عمر بنُ الخطَّاب رضي الله عنه حيث قال ما نصُّه: «ثُمَّ نَهَضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه يَسْتَشِيرُ النَّاسَ فيهما [أي: عليٍّ وعثمانَ رضي الله عنهما] ويجمع رأيَ المسلمين برأيِ رؤوسِ النَّاس وأقيادِهم جَمِيعًا وأشْتاتًا، مَثْنَى وفُرادَى ومُجْتَمِعِينَ، سِرًّا وجَهْرًا، حَتَّى خَلَصَ إلى النِّساءِ المُخَدَّراتِ فِي حِجابِهِنَّ، وحَتَّى سَألَ الوِلْدانَ فِي المَكاتِبِ، وحَتَّى سَألَ مَنْ يَرِدُ مِنَ الرُّكْبانِ والأعْرابِ إلى المَدِينَةِ، فِي مُدَّةِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ بِلَيالِيها»(١٦)، وهو ما ذكَرَه ابنُ تيميَّة رحمه الله ـ أيضًا ـ بقوله: «بقي عبدُ الرحمن يُشاوِر النَّاسَ ثلاثةَ أيَّامٍ، وأَخبرَ أنَّ النَّاس لا يعدِلُون بعُثمان، وأنَّه شاور حتَّى العذارى في خُدورِهنَّ»(١٧)؛ وهذه الرِّوايةُ الواردَةُ في هذا الكتابِ التَّاريخيِّ لا سَندَ لها، وقد ذكَرَها الحافظ ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ بصيغَةِ التَّمريض، والظَّاهرُ أنَّه إنَّما استشهدَ بها ابنُ تيميةَ ـ رحمه الله ـ وغيرُه لِمَا تَقرَّر عندهم بالأدلَّة والشواهدِ الكثيرةِ مِنْ أنَّ الأُنوثَةَ لا تَمنَع الأهليَّةَ للإفتاءِ والاجتهادِ والإدلاءِ بالرَّأي عند سَدادِ قولِ المرأةِ ورجاحةِ عقلِها وقوَّةِ نظرِها، خاصَّةً إِنْ تَبيَّن بالشواهد أنَّ ما أشارت به هو عينُ الصواب، وقد دلَّتِ السِّيرةُ النَّبويَّةُ على استشارتِها والأخذِ بمَشُورَتِها ـ كما تقدَّم مع أمِّ سلمة رضي الله عنها ـ بل هي شقيقَةُ الرَّجُل في كونها مأمورةً ـ أيضًا ـ بأَنْ تَنْصَحَ لله وللمسلمين، عملًا بعمومِ قوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «الدِّين النَّصيحة»(١٨)، وتأمُرَ بالمعروف وتنهَى عن المُنكر مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٧١[التوبة].

وقد ذكَرَ ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ في ترجمة الشِّفاء بنتِ عبد الله القُرَشيَّة العَدَويَّة رضي الله عنها أنَّها «كانت مِنْ عُقَلاءِ النِّساءِ وفُضَلائهنَّ... وكان عمرُ رضي الله يقدِّمها في الرأي ويرعاها ويفضِّلها، وربَّما ولَّاها شيئًا مِنْ أمر السوق»(١٩).

وهذه النصوصُ تدلُّ على جوازِ مشاركةِ المرأةِ بالرَّأيِ والمشورةِ في الشَّأنِ العامِّ فيما فيه طاعةٌ لله دون معصيةٍ، مِنَ النُّصحِ لله ولكتابه ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهِم، والأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المُنكَرِ، وإقامَةِ الصَّلوات والجُمَعِ والأعياد وغيرِها مِنَ الأمور العامَّة إلَّا ما كان خاصًّا بالرِّجال، فضلًا عن جوازِ تَولِّيها مَهمَّةَ الاجتهادِ والإفتاءِ والاستشارةِ وفصلِ الخلاف اتِّفاقًا، وتَولِيَتِها مَنصِبَ القضاءِ على اختلافٍ.

هذا، ولا يَلْزَمُ ـ مِنْ جوازِ استشارةِ المرأة الرَّزينةِ الحصيفة وإدلائِها برأيها والأخذِ بمَشورتِها فيما يُستصوَبُ ويُستحسَن الأخذُ به ـ جوازُ عُضويَّتها في المجلس الشُّوريِّ ومشاركتِها الفِعليَّة فيه، فقَدْ تُبدي الرَّأيَ على وجهِ الاستقلالِ عن المجلسِ الشُّوريِّ إذا أشارت برأي حَسَنٍ واحْتِيجَ إلى حُسنِ رأيِها وسَدادِ قولها، ومَثَلُ ذلك كمَثَلِ مُشاركتِها بالاجتهادِ والفتوى، ولا يَلْزَمُ مشاركتُها الفعليَّة في مجلسِ الفتوى؛ وكم مِنْ جاريةٍ أو زوجةٍ في التاريخ فرَّجَتْ عن زوجها أو سيِّدِها كُربةً ـ حين كاشفها بما يُكرِبُه ـ برأيٍ أشارَتْ عليه به في خلوتهما استصوبه منها وهي في مَخدَعِها لم تُفارِقْ منزلَهَا.

وأمَّا القولُ بأنَّه: «إحداثٌ في تفسير الآية لم يفهمهُ الصَّحابةُ والأئمَّة مِنْ بعدهم» فجوابُه: أنَّ الصَّحابةَ رضي الله عنهم كانوا يفهمونَ العمومَ مِنْ صِيَغهِ وألفاظهِ(٢٠)، وأنَّهم كانوا يطلبون دليلَ التَّخصيص لا دليلَ العموم، لذلك كان النَّافي للأصل مُطالَبًا بالدَّليل، إذ الأصلُ العمومُ؛ ولم يكونوا يتوقَّفون عن العمل به حتَّى يَرِدَ دليلُ الخُصوصِ، ولا شكَّ أنَّ قوله تعالى: ﴿وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ[الشورى: ٣٨] شاملٌ لجميع الأمور والأشخاص، لأنَّه مِنْ صِيَغِ العمومِ الذي لا يُستفادُ العمومُ إلَّا ممَّا في آخِرِهِ، فهو المُضَافُ إلى المعرفةِ سواءٌ كان مُفرَدًا أو جمعًا، ويكون أمرُ السِّياسةِ والحكمِ مُندرِجًا تحت عمومِ الآية، وإنما استثنَتِ النصوصُ توليةَ القومِ المرأةَ أَمْرَهم ولم تمنع إشارتَها عليهم بما تراه مناسبًا، وممَّا يؤكِّد ذلك أنَّ أمَّ سَلَمةَ قد أَبْدَتْ رأيَها لجابر بنِ عبد الله رضي الله عنهم فيما يتعلَّق بأمرِ البَيْعةِ لمسلم بنِ عُقبةَ قائدِ جيشِ يزيدَ [وكان على شاكلة الحجَّاج إلَّا أنه دونه]، فصارحَتْه أنها بيعةُ ضلالةٍ، ومع ذلك نصحَتْه بالبيعة له حقنًا للدم وامتثالًا لتحريم الخروج على الخليفة، لا سِيَّما وهي مِنْ جملةِ رُوَاةِ الأحاديث في هذا الباب، وهي مسألةٌ داخلةٌ في السِّياسة والحكم.

وأمَّا قوله بأنَّه: «مع وجود النِّساء المجتهداتِ زمنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لم يُدخِلهُنَّ في الشُّورى فتركُه يُعتبَرُ سُنَّةً تَركيَّةً تُقدَّمُ على كُلِّ عمومٍ وقياسٍ»، فلعلَّ المعترضَ لم يفرِّق بين الاستشارة النِّسائيَّة التي دلَّ عليها النَّصُّ القرآنيُّ والحديثيُّ وبين الانخراطِ أو الانضمامِ في عضويَّةِ المجلس الشُّوري، فالأُولى أَثبَتَتْها الفتوى المذكورةُ، والثَّانية نَفَتْها، وذلك منذ صدورِ الفتوى في صورتها الأولى والتي ضاقت عن فهمِ المُرادِ منها أفهامُ بعضِ المُعترِضين وتعسَّف آخَرون في حملها على ما صرَّحْتُ فيها بنفيه مِنَ الصُّوَر، ممَّا استدعى تجليةَ ذلك ببعضِ التعديلات والإضافات التوضيحيَّة وإِنْ كان المضمونُ لم يتغيَّرْ، وقد بيَّنتُ فيها بعضَ المحاذِير الشَّرعيَّة المترتِّبةِ على عضويَّةِ المرأة في المجلس الشُّوريِّ عمومًا، وعلى مفسدة عضويَّة الرَّجل والمرأة ـ على حدٍّ سواءٍ ـ في المجالس النيابيَّة البرلمانيَّة القائمة على حُكم الأغلبيَّة والشعبِ على وجه الخصوص؛ وكما قال أبو الطَّيِّب المُتنبِّي:

وكَمْ مِنْ عائِبٍ قَوْلًا صَحيحًا *** وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقيمِ

وَلَكِنْ تَأْخُذُ الآذَانُ مِنْهُ *** عَلَى قَدْرِ القَريحَةِ والعُلومِ

وأمَّا الاعتراضُ الأخِير فجوابُه في مضمونِ الرَّد على هذه الشُّبهةِ.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٨ ذي القَعدة ١٤٤٣هـ
المُـوافق ﻟ: ٢٩ جـــــــوان ٢٠٢٢م

 



(١) «الإرشاد» للجُوَيْني (٤٢٧).

(٢) انظر: «مراتب الإجماع» لابن حزم (١٢٦).

(٣) أخرجه البخاريُّ في «المغازي» بابُ كتابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم إلى كِسرَى وقيصرَ (٤٤٢٥)، مِنْ حديثِ أبي بَكرةَ الثَّقَفيِّ رضي الله عنه مولَى رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم.

(٤) «نيل الأوطار» للشوكاني (١٠/ ٢٥٥).

(٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «تفسير القرآن» سورة: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١[العَلَق] (٤٩٥٣) وفي «التعبير» باب: أوَّلُ ما بُدِئ به رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مِنَ الوحي: الرُّؤيا الصالحة (٦٩٨٢)، ومسلمٌ في «الإيمان» (١٦٠)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٦) أخرجه الترمذيُّ في «أبواب المناقب» بابٌ مِنْ فضل عائشة رضي الله عنها (٣٨٨٣). وصحَّحه الألبانيُّ في «المشكاة» (٦١٩٤)، وعبد القادر الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ «جامع الأصول» (٩/ ١٣٤).

(٧) انظر مثالًا على ذلك ما أخرجه الترمذيُّ في «الزهد» (٢٤١٤): كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنِ: «اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ»، فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: «سَلَامٌ عَلَيْكَ؛ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ»، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ» وصحَّحه الألبانيُّ.

وما أخرجه النسائيُّ في «السنن الكبرى» (١١٨٥٣): عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: «أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقِ اللهَ، فَإِنَّكَ إِنِ اتَّقَيْتَ اللهَ كَفَاكَ النَّاسَ، وَإِنِ اتَّقَيْتَ النَّاسَ لَمْ يُغْنَوْا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا».

وما أخرجه أحمد (٢٤٥٦٦، ٢٥١٦٢): عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَتْ إِحْدَانَا عَلَى الْأُخْرَى، فَكَانَ مِنْ آخِرِ كَلَامٍ كَلَّمَهُ: أَنْ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ وَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي، يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي» ثَلَاثًا، فَقُلْتُ لَهَا: «يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ كَانَ هَذَا عَنْكِ؟» قَالَتْ: «نَسِيتُهُ ـ وَاللهِ ـ فَمَا ذَكَرْتُهُ»؛ قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَرْضَ بِالَّذِي أَخْبَرْتُهُ حَتَّى كَتَبَ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنِ اكْتُبِي إِلَيَّ بِهِ، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ بِهِ كِتَابًا. وإسنادُه صحيحٌ.

(٨) كلَومِها إيَّاه في قتلِ أخيها محمَّد بنِ أبي بكرٍ وقتلِ حُجر بنِ عَدِيٍّ الكِنديِّ رضي الله عنهم.

(٩) انظر: «أدب القاضي» للماوردي (١/ ٦٢٨).

(١٠) «الإحكام» لابن حزم (٣/ ٨٢).

(١١) «بدائع الصنائع» للكاساني (٧/ ٣). قلت: ومذهب الحنفيَّة في هذا البابِ مذكورٌ للتمثيلِ لا للترجيحِ.

(١٢) أخرجه البخاريُّ في «الشروط» باب الشروط في الجهاد، والمصالحةِ مع أهل الحرب، وكتابةِ الشروط (٢٧٣١) مِنْ حديثِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمة الزُّهريِّ رضي الله عنهما ومروانَ بنِ الحكم الأُمَويِّ.

(١٣) «فتح الباري» لابن حجر (٥/ ٣٤٧).

(١٤) سَلِمة ـ بكسر اللام ـ: بطنٌ مِنَ الخزرج مِنَ الأنصار وهو سَلِمةُ بنُ سعد بنِ عليِّ بنِ أسَدِ بنِ ساردةَ بنِ تَزيدَ بنِ جُشَم بنِ الخزرج بنِ حارثةَ بنِ ثعلبة؛ منهم: جابر بنُ عبد الله رضي الله عنهما، والنسبةُ إليهم سَلَميٌّ ـ بفتح السين واللام وفي آخِرِها ميمٌ ـ، [انظر: «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (٣٥٨، ٤٧٢)، «اللُّباب» لابن الأثير (٢/ ١٢٩)].

ويُذكَرُ مُعاذُ بنُ جبلٍ رضي الله عنه معهم وليس منهم، وكان إمامَهم، وإنما هو أُدَوِيٌّ مِنْ بني عمِّهم بني أُدَيٍّ أخي سَلِمة، وهو بطنٌ صغيرٌ مِنَ الخزرج، وقد انقرض بنو أُدَيٍّ، وآخِرُهم وفاةً: مُعاذٌ أو ابنُه عبدُ الرحمن في طاعونِ عمواس، [انظر: «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (٣٥٨، ٤٧٢)، «اللُّباب» لابن الأثير (١/ ٣٨)].

(١٥) «التمهيد» لابن عبد البرِّ (١٦/ ٣٥٤ ـ ٣٥٥) قال أبو عُمَرَ: «كَذا قالَ: أخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أبِي أُمَيَّةَ؛ وصَوابُهُ: ابْنَ أخِي: عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي أُمَيَّةَ؛ ولَمْ يُدْرِكْ أخُوها الحَرَّةَ: تُوُفِّيَ قبل ذلك بِكثيرٍ».

(١٦) «البداية والنهاية» لابن كثير (٧/ ١٤٦).

(١٧) «منهاج السُّنَّة النبويَّة» لابن تيمية (٦/ ٣٥٠).

(١٨) أخرجه مسلمٌ في «الإيمان» (٥٥)، مِنْ حديثِ تميم بنِ أوسٍ الداريِّ رضي الله عنه. والحديث أورده البخاريُّ في كتاب «الإيمان» ترجمةً للباب رقم: (٤٢).

(١٩) «الإصابة» لابن حجر (٤/ ٣٤١).

(٢٠) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (٢/ ١٦ وما بعدها)، «المذكِّرة» للشنقيطي (٢٠٦ ـ ٢٠٧).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)