جواب إدارة الموقع عمّن اتهم الشيخ الألباني -رحمه الله-
بالتناقض في حكمه على الأحاديث

 

التاريخ: ١٢ شوال ١٤٢٩هـ الموافق ﻟ: ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨م

الاسم: الغماري.

البلد: وهران.

 

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

لي بعض الملاحظات أرجو أن تفيدونا بالنصح

هناك شيخ اسمه «السقاف» رد على «الألباني» الذي يعتبره السلفية مرجعا في الحديث، في عدة كتب من أشهرها «تناقضات الألبانى الواضحات» وقد وقفت عند هذا الكتاب وتتبعت ما فيه فوجدت حقيقة هذه التناقضات موجودة، فإذا كانت هذه حقيقة هل غابت عنكم يا من تدّعون المشيخة وعلمكم بالكتاب والسنة، أم تحسبون الناس لا يعلمون؟ اتقوا الله وتوبوا.

أنتظر الرد على البريد الإلكتروني، وأنا مستعد للمناظرة إذا سمح لكم الوقت.

 

جواب الإدارة:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

 فالسقاف لا يعرف بعلم العلماء الراسخين في مواطن الشبه ولا بوزن أهل الحديث المتشبعين بالسنن والآثار، ولا بقوة ودقة فهم معاني الكتاب والسنة ولا يجري قلمه بآثار الصحابة وغيرهم، فطعنه كسائر المبغضين للمنهج السلفي والمناوئين والشانئين لا يكون من ناصح أمين، وقد بيّن أهل الرشاد والسداد خطأ السقاف في تصديه وطعنه ومنطقه، وقد قيل إن من تكلّم في غير فنه أتى بالعجائب.

والدارس لمنهج السقاف في نقده يجد أنه ينتهج نهج المبتدعة حيث يورد ما يوافق معتقده الفاسد ولو كان ضعيفًا، ويردّ كل ما خالفه ولو كان صحيحًا اتفق عليه سائر أهل الصنعة.

وعلى تقدير صحة بعض ما طعن فيه ولمز فإن الشيخ الألباني –رحمه الله- محدث العصر، ومن أشد العلماء الذابين عن السنة النبوية المطهرة، وقد كان له الفضل في بيان المنهج السلفي السوي ودعا إلى الانتساب إليه إيمانا واعتقادا وفقها وعبادة وسلوكا وتربية، ومجدد العصر، وهو من أوائل الداعين إلى نبذ التقليد والتزام الدليل، فإن وقع في خطإ فهو كسائر العلماء يصيب ويخطئ، وما حصل له من خطإ أو نقص فلا يهون من عمله المبذول، وجهده في السنة، ودعوته إلى الكتاب والسنة.

هذا، وتتبع أخطاء وعورات من هو أعلم وأكبر منه قدرا وسنا ونشرها في كتاب للطعن فيه -وكثير رجع عنها وينم اعترافه بالخطإ عن شجاعة وخلق وهو محمود عليها- بدل نصحه ومراجعته يدل على تلوث في النفس، ودناءة في التفكير وخساسة في الفهم، ورداءة في الأخلاق، إذ من طبع بعض السلوكات العفنة أنه إذا رأى الفضيلة حاول بجهده وطاقته طمسها، وإذا رأى الخطأ والزلل أبرزه وجعله مطية للطعن واللمز. قال السلف: المؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك ويفضح. قال ابن القيّم رحمه الله: «ومن الناس من طبعُه طبعُ خنزيرٍ، يمرّ بالطيّبات فلا يَلْوي عليها، فإذا قام الإنسانُ من رجيعهِ قَمَّهُ، وهكذا كثير من النّاس يسمعُ منك ويرى من المحاسن أضعافَ المساوئِ فلا يحفَظُها، ولا يَنْقُلُهَا، ولا تُنَاسِبُهُ، فإذا رأى سَقْطَةً، أو كَلِمَةً عَوْرَاءَ، وجد بُغيتَهُ وما يُناسبُها، فجعلها فَاكِهَتَهُ وَنُقْلَهُ»(١).

وادعاء المشيخة كمنصب المتكبرين المستعلين لامِزٍ منقِصٍ هي دعوى، ولم ينقل عن الشيخ ولا غيره ادعاؤها، لكن المناصب العالية هي من مطالب عباد الرحمن الذين يسعون إلى بيان التوحيد والأحكام والدين والإسلام وإرشاد الناس إلى الخيرات المتواصلات، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤] فإمامة المتقين مطلب عزٍّ وكمال يتطلع إليها كل داعية بإخلاص وصدق لينال الأجر الوفير عند الله، ولا تتم إلا بالصبر واليقين كما أخبر به تعالى في قوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: ٢٤] فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين كما نقل عن ابن تيمية -رحمه الله-.

أما التوبة إلى الله فهي مصدر تنافس بين الأتقياء فهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر ربه أكثر من سبعين مرة مع منصب النبوة الذي كان فيه، فمن باب أولى من استناروا من مشكاة النبوة أن يقتدوا بخير الخلق في التوبة والاستغفار.

وأخيرا فإن كانت هذه الكلمات تبتغي بها النصح لأهل الموقع كافة فجزاك الله خيرا، وإن كانت الأخرى فعزاؤنا أننا بيّنا المبتغى وشرحنا المسعى. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

وصلى الله على نبيه وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

 

الجزائر في: ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٨ أفريل ٢٠٠٩م

 

١- «مدارج السالكين» لابن القيم: (١/ ٤٣٥).

إدارة الموقع

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)