نفسُ عصامٍ سوَّدتْ عصامًا | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الأربعاء 15 شوال 1445 هـ الموافق لـ 24 أبريل 2024 م



نفسُ عصامٍ سوَّدتْ عصامًا

قيل‏:‏ إنه عصام بن شهبر حاجبُ النعمان بن المنذر الذي قال له النابغة الذبيانيُّ حين حَجَبَهُ عن عيادة النعمان من قصيدةٍ له:

فَإِنِّي لَا أَلُومُكَ فِي دُخُولٍ * وَلَكِنْ مَا وَرَاءَكَ يَا عِصَامُ‏؟‏

يُضرب المثل في نباهة الرجل من غير قديمٍ، وهو الذي تسمِّيه العربُ ‏«الخارجيَّ»‏، يعنى أنه خرج بنفسِه مِن غيرِ أوَّليةٍ كانتْ له، قال كثير‏:‏

أَبَا مَرْوَانَ لَسْتَ بِخَارِجِيٍّ * وَلَيْسَ قَدِيمُ مَجْدِكَ بِانْتِحَالِ

وفي المثلِ: «كُنْ عِصَامِيًّا، وَلَا تَكُنْ عِظَامِيًّا»‏ وقيل‏:‏

نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا * وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإِقْدَامَا

وَصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا

يقال‏:‏ إنه وُصِف عند الحجَّاج رجلٌ بالجهل وكانت له إليه حاجةٌ، فقال في نفْسِه‏:‏ لأختبرنَّه، ثمَّ قال له حين دخل عليه‏:‏ «أَعِصَامِيًّا أَنْتَ أَمْ عِظَاميًّا‏؟»‏، يريد: «أَشَرُفْتَ أنتَ بنفسك أم تفخر بآبائك الذين صاروا عظامًا‏؟»، فقال الرجلُ:‏ «أنا عصاميٌّ وعظاميٌّ»، فقال الحجَّاج: «هذا أفضلُ الناس»، وقضى حاجتَه وزاده، ومكث عنده مدَّةً، ثمَّ فاتشه فوجده أجهلَ الناس، فقال له‏:‏ «تَصْدُقُني وإلَّا قتلْتُك»، قال له: «قل ما بدا لك وأَصْدُقُك»، قال: «كيف أَجَبْتَني بما أجبْتَ لمَّا سألتُك عمَّا سألتُك؟» قال له: «والله لم أَعْلَمْ: أعصاميٌّ خيرٌ أم عظاميٌّ، فخشيتُ أن أقولَ أحدَهما فأخطئَ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرَّني أحدُهما نفعني الآخَرُ».

وكان الحجَّاجُ ظنَّ أنه أراد: أفْتَخِرُ بنفْسي لفضلي، وبآبائي لشرفِهم، فقال الحجَّاجُ عند ذلك‏:‏ «المقادير تُصيِّر العَيَّ خطيبًا»، فذهبتْ مثلًا‏.‏

[«مجمع الأمثال» (٢/ ٣٧١)]