فائدةٌ بديعةٌ في دخول «أن» على الفعل | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م



فائدةٌ بديعةٌ في دخول «أن» على الفعل

«في دخول «أن» على الفعل دون الاكتفاء بالمصدر ثلاثُ فوائد: أحدها: أنَّ المصدر قد يكون فيما مضى وفيما هو آتٍ وليس في صيغته ما يدلُّ عليه، فجاءوا بلفظ الفعل المشتقِّ منه مع «أن» ليجتمع لهم الإخبار عن الحدث مع الدلالة على الزمان. الثانية: أنَّ «أن» تدلُّ على إمكان الفعل دون الوجوب والاستحالة. الثالثة: أنها تدلُّ على مجرَّد معنى الحدث دون احتمالِ معنًى زائدٍ عليه، ففيها تحصينٌ من الإشكال وتخليصٌ له من شوائب الإجمال. بيانُه أنك إذا قلت: «كرهتُ خروجَك» و«أعجبني قدومُك» احتمل الكلامُ معانيَ منها: أن يكون نفس القدوم هو المُعْجِب لك دون صفةٍ من صفاته وهيآته وإن كان لا يوصَف في الحقيقة بصفاتٍ ولكنها عبارةٌ عن الكيفيات، واحتمل أيضًا أنك تريد أنه أعجبك سرعتُه أو بطؤه أو حالةٌ من حالاته، فإذا قلتَ: «أعجبني أن قَدِمْتَ» كانت «أن» على الفعل بمنزلة الطبائع والصوابِ من عوارض الإجمالات المتصوَّرة في الأذهان، وكذلك زادوا «أن» بعد «لمَّا» في قولهم: «لمَّا أن جاء زيدٌ أكرمتُك» ولم يزيدوها بغير ظرفٍ سوى «لمَّا» وذلك أنَّ «لمَّا» ليست في الحقيقة ظرفَ زمانٍ ولكنَّه حرفٌ يدلُّ على ارتباط الفعل الثاني بالأوَّل وأنَّ أحدهما كالعلَّة للآخَر بخلاف الظرف إذا قلت: «حين قام زيدٌ قام عمرٌو»، فجعلت أحدَهما وقتًا للآخَر على اتِّفاقٍ لا على ارتباطٍ، فلذلك زادوا أن بعدها صيانةً لهذا المعنى وتخليصًا له من الاحتمال العارض في الظرف، إذ ليس الظرف من الزمان بحرفٍ فيكون قد جاء لمعنًى كما جاءت «لمَّا»».

[«بدائع الفوائد» لابن القيِّم (١/ ٩٠)]