الفتوى رقم: ١٠٥

الصنف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع

في حكم شراء السلعة وبيعِها في السوق نَفْسه

السؤال:

تاجرٌ يشتري سلعةً ويدفع عليها عربونًا، ثمَّ يبيعها في نَفْس السوق بسعرٍ أغلى وهي لا تزال عند البائع، فهل هذه الصورة جائزةٌ شرعًا؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ هذه الصورةَ مِنَ البيع غيرُ جائزةٍ لعدمِ حيازةِ المشتري سِلْعتَه إلى رَحْله وهو المكان الخاصُّ به، ودليلُه حديثُ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما قال: «ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لِنَفْسِي، لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: «لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ»»(١).

ولأنَّ المشتريَ إذا لم يَحُزْها أو يَقْبِضْها لا تدخل تحت ضمانه إذا تَلِفَتْ ويكون الضمانُ على البائع في مالِه، وفي ذلك ربحٌ للمشتري لم يَضْمَنْه، وقد نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه: عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما ـ «عَنْ ربحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ»(٢)، والربحُ غيرُ المضمون ظلمٌ، والظلمُ مَنْهِيٌّ عنه شرعًا.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.



(١) أخرجه أبو داود في «الإجارة» بابٌ في بيع الطعام قبل أَنْ يُستوفى (٣٤٩٩). وانظر: «صحيح أبي داود» للألباني (٣٤٩٩).

(٢) أخرجه أبو داود في «الإجارة» بابٌ في الرجل يبيع ما ليس عنده (٣٥٠٤)، والترمذيُّ في «البيوع» بابُ ما جاء في كراهيةِ بيعِ ما ليس عندك (١٢٣٤)، والنسائيُّ في «البيوع» باب: شرطان في بيعٍ، وهو أن يقول: أبيعُك هذه السلعةَ إلى شهرٍ بكذا، وإلى شهرين بكذا (٤٦٣١)، وابنُ ماجه في «التجارات» باب النهي عن بيعِ ما ليس عندك، وعن ربحِ ما لم يُضْمَنْ (٢١٨٨). وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (١٣٨٦).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)