الفتوى رقم: ٤٠٠

الصنف: فتاوى الصلاة - الجمعة

في حكم دخول عَرْض الحفظ قبل الجمعة
في النهي عن الحِلَق

السؤال:

هل عَرْضُ الحفظِ بين الطلبة قُبَيْلَ الجمعةِ مِن التحليقِ المنهيِّ عنه؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ عَرْضَ الحفظِ بين الطلبةِ قُبَيْل الجمعة يدخل في عمومِ النهي عن الحِلَقِ يوم الجمعة في المسجد لنهيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه، ولفظُه: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّرَاءِ وَالبَيْعِ فِي المَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الأَشْعَارُ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ، وَعَنِ الحِلَقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ»(١)، والظاهرُ مِن النهيِ خصوصُه بالمسجد لورودِ التنصيص عليه مِن جهةٍ، ولدلالةِ الاقتران بالبيع والشراء وإنشادِ الضالَّة فيه مِن جهةٍ ثانيةٍ؛ لذلك يمتنع التحليقُ مِن الساعةِ الأولى يومَ الجمعة في المسجد مطلقًا لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ [فِي السَّاعَةِ الْأُولَى] فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً...»(٢)، ويجوز التحليقُ في غيرِ المسجد عملًا بدليل الخطاب، والأَوْلى التبكيرُ إلى المسجد والاشتغالُ بالصلاة دون تحليقٍ لذِكْرٍ أو حفظٍ أو غيرِهما، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا»(٣)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ؛ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»(٤)؛ فهذا المأثورُ عن الصحابة رضي الله عنهم؛ فقَدْ كانوا إذا أتَوُا المسجدَ يوم الجمعةِ اشتغلوا بالصلاة مِن حينِ يدخلون ما تيسَّر، فمنهم مَن يُصَلِّي عَشْرَ ركعاتٍ، ومنهم أكثر، ومنهم دون ذلك.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٤ ربيع الأوَّل ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٣ أفريل ٢٠٠٦م

 


(١) أخرجه أبو داود في «الجمعة» بابُ التحلُّقِ يومَ الجمعة قبل الصلاة (١٠٧٩)، وأحمد (٦٦٧٦)، وابنُ خُزَيْمة (١٣٠٦)، مِن حديث عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما. وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ: «مسند أحمد» (١٠/ ١٥٦)، وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦٨٨٥).

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» بابُ فضلِ الجمعة (٨٨١)، ومسلمٌ في «الجمعة» (٨٥٠)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والزيادةُ بين معكوفَيْن مِن رواية مالكٍ (٢/ ١٣٩) بتحقيق الأعظمي.

(٣) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في الغُسْل يومَ الجمعة (٣٤٥)، والترمذيُّ في «الجمعة» بابُ ما جاء في فضلِ الغُسْل يومَ الجمعة (٤٩٦)، والنسائيُّ في «الجمعة» باب فضلِ غُسْلِ يومِ الجمعة (١٣٨١)، وابنُ ماجه في «إقامة الصلاة والسنَّة فيها» بابُ ما جاء في الغُسْل يومَ الجمعة (١٠٨٧)، مِن حديث أَوْسِ بنِ أوسٍ الثَّقَفيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦٤٠٥).

(٤) أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» باب الدُّهْنِ للجمعة (٨٨٣) مِن حديث سلمان الفارسيِّ رضي الله عنه.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)