في اقتضاء الأمر المطلقِ الوجوبَ | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الأحد 19 شوال 1445 هـ الموافق لـ 28 أبريل 2024 م

تمام العبارة
في الاستدراكات على كتابِ «الإنارة» شرح «الإشارة»
لأبي الوليد سليمان بنِ خلف الباجي ـ رحمه الله ـ
(ت: ٤٧٤ﻫ)

[الحلقة الثامنة]

[في اقتضاء الأمر المطلقِ الوجوبَ]

إِلَّا أَنَّ لَفْظَ الأَمْرِ فِي الوُجُوبِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي النَّدْبِ؛ فَإِذَا وَرَدَ لَفْظُ الأَمْرِ عَارِيًا مِنَ القَرَائِنِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الوُجُوبِ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّدْبَ مُرَادٌ بِهِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ(١): «يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى وُجُوبٍ وَلَا نَدْبٍ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى المُرَادِ بِهِ»(٢).

وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بْنُ المُنْتَابِ(٣) وَأَبُو الفَرَجِ(٤): «يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَلَا يُعْدَلُ بِهِ إِلَى الوُجُوبِ إِلَّا بِدَلِيلٍ»(٥).

وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ: قَوْلُهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ لِإِبْلِيسَ: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَ[الأعراف: ١٢]، فَوَبَّخَهُ وَعَاقَبَهُ لَمَّا لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَضَاهُ الوُجُوبَ لَمَا عَاقَبَهُ وَلَا وَبَّخَهُ عَلَى تَرْكِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ(٦).

[ش]       والخصم وإِنْ كان يعترض على هذا الدليلِ القرآنيِّ الذي أَوْرَده المصنِّف ـ رحمه الله ـ بخروجه عن محلِّ النِّزاع؛ لأنَّه وَرَد في أمرٍ عُلِم كونُه واجبًا بقرائنَ اتَّصَلَتْ به؛ فإنَّ أهل التحقيقِ ـ بغضِّ النظر عن صحَّةِ هذا الاحتمال ـ يحتجُّون على أنَّ الأوامر تقتضي الوجوبَ بأنَّ تارِكَ المأمورِ به عاصٍ كما أنَّ فاعِله مُطيعٌ؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿أَفَعَصَيۡتَ أَمۡرِي ٩٣[طه]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا ٦٩[الكهف]، وقولِه تعالى: ﴿لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ[التحريم: ٦]، وإذا كان تاركُ المأمور عاصيًا استحقَّ العقابَ، سواءٌ أكان ذلك في أوامر الله تعالى أو أوامرِ رسوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم؛ لقوله تعالى: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣[النور]، ولقوله تعالى: ﴿وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ[الجن: ٢٣]، ولقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡ[الأحزاب: ٣٦]، وقد امتنع رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم عن الأمر بالسِّواك لأجل المَشقَّة مع أنَّ السِّواك مندوبٌ إليه(٧)؛ فلو كان أمرُه للندب لَمَا امتنع منه(٨).

هذا، وقد اتَّسع الخلافُ ـ في المعنى الحقيقيِّ للأمر ـ على ما يربو عن ستَّةَ عَشَرَ قولًا، وما عليه مذهبُ الجمهور: أنَّ الأمر على الوجوب حقيقةً، وإنما يُصْرَف إلى غيره بقرينةٍ، وهو قول الشافعيِّ(٩) وظاهرُ كلام أحمد(١٠) ـ رحمهما الله ـ، وهو مذهبُ الحنفيَّة وجمهورِ المالكيَّة، ورجَّحه المصنِّف، وصحَّحه ابنُ الحاجب(١١) والبيضاويُّ(١٢) ـ رحمهما الله ـ، وقال الفخر الرازيُّ(١٣) ـ رحمه الله ـ: إنَّه الحقُّ(١٤)؛ غير أنهم يختلفون في دلالته على الوجوب: هل هو بوضع اللغة أم بالعقل أم بالشرع؟(١٥) والصحيح أنَّ اقتضاء الصيغة للوجوب إنما ثَبَت عن طريق اللُّغة لا عن طريق الشرع ولا العقل؛ لأنَّ إلحاق العصيان على مَنْ خالف الأمرَ كان بمجرَّدِ ذِكْر الأمر، وقد ثَبَت عن أهل اللغة تسميةُ مَنْ خالف مُطلَقَ الأمر عاصيًا؛ ولأنَّ الوعيد مُستفادٌ مِنَ اللفظ كما يُستفادُ منه الاقتضاءُ الجازم.

وإذا تَقرَّر أنَّ صيغةَ «افْعَلْ» مُقتضِيَةٌ للوجوب بوضع اللغة لَزِم حملُ الأمر على الوجوب ـ سواءٌ كان الأمرُ الوارد مِنْ جهة الشرع أو مِنْ غيره ـ إلَّا ما خَرَج بقرينةٍ أو دليلٍ؛ خلافًا لمَنْ رأى أنها تقتضي الوجوبَ بوضع الشرع فيَقْصُرها على أوامر الشارع؛ أو تقتضي الوجوبَ عن طريق العقل فيَقْصُرها على الأوامر التي يقتضي العقلُ أنها على الوجوب دون غيرها.

هذا، والجدير بالذِّكر أنَّ قاعدةَ: «اقتضاء الأمر الوجوبَ» إنما تتقرَّر إِنْ كان مطلقًا عاريًا مِنَ القرائن، وأنه لا يُصْرَف عن الوجوب إلى الندب إلَّا بقرينةٍ، غير أنَّ العلماء يختلفون في نوع القرينة الصارفة: أهي تلك المُقيَّدة بنصٍّ أو إجماعٍ فقط كما هو عليه مذهبُ الظاهريَّة ومَنْ وافقهم، أم هي على إطلاقها: تصلح أيُّ قرينةٍ قويَّةٍ قادرةٍ على صرفِ الأمر مِنَ الوجوب إلى غيره؟ سواءٌ كانَتْ نصًّا أو إجماعًا ـ وهما محلُّ اتِّفاقٍ ـ أو قياسًا أو مفهومًا أو قاعدةً شرعيةً، أو فعلًا أو مصلحةً أو ضرورةً؛ ومهما اتَّصفَتِ القرينةُ بأنها لفظيةٌ أو حاليَّةٌ أو سياقيةٌ أو خارجيةٌ، وهو مذهبُ الجمهور.

والخلاف في هذه المسألةِ معنويٌّ له آثارُه على فروع الأحكام:

مِثْلَ ما تقدَّم في مكاتبة العبد الرقيق، فعلى مذهب الجمهور فإنَّ المكاتبة على الندب؛ لوجودِ صارفٍ مِنَ الوجوب إليه، أمَّا على مذهب الظاهريَّة فإنَّ المكاتبة واجبةٌ، ويُجْبِر الحاكمُ المالكين عليها إِنْ عَلِم في المكاتبين خيرًا؛ لعدمِ وجودِ صارفٍ مِنْ نصٍّ أو إجماعٍ.

وكذلك القولُ في مسألةِ حكمِ الأكل مِنَ الهدي في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا[الحج: ٣٦].

ومسألةِ حكمِ وليمة العُرس في قوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لعبد الرحمن بنِ عوفٍ(١٦) رضي الله عنه حين تَزوَّج: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»(١٧)، وغيرها مِنَ المسائل التطبيقية المبنيَّة على هذا الأصلِ المُختلَف فيه.

فصل
[في ورود الأمر بعد الحَظْر]

إِذَا وَرَدَتْ لَفْظَةُ: «افْعَلْ» بَعْدَ الحَظْرِ اقْتَضَتِ الوُجُوبَ ـ أَيْضًا ـ عَلَى أَصْلِهَا.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّهَا تَقْتَضِي الإِبَاحَةَ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ: أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ لَفْظَ الأَمْرِ بِمُجَرَّدِهِ يَقْتَضِي الوُجُوبَ، وَهَذَا لَفْظُ الأَمْرِ مُجَرَّدًا؛ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَضِيَ الوُجُوبَ؛ وَتَقَدُّمُ الحَظْرِ عَلَى الأَمْرِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مُقْتَضَاهُ، كَمَا أَنَّ تَقَدُّمَ الأَمْرِ عَلَى الحَظْرِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مُقْتَضَاهُ.

[ش]       مسألةُ ورودِ الأمر بعد الحظر خلافيَّةٌ كما أشار المصنِّفُ ـ رحمه الله ـ إلى ذلك في كلامه، وهي على الوجوب عند عامَّة الحنفيَّة والمعتزلة، وهذا القولُ مرويٌّ عن الباقِلَّانيّ ـ رحمه الله ـ، ورجَّحه المصنِّف والفخر الرازيُّ ـ رحمه الله ـ، وتوقَّف فيه الجُوَيْنيُّ(١٨) ـ رحمه الله ـ.

أمَّا ما عليه أكثرُ الفقهاء والمتكلِّمين فاقتضاؤُها للإباحة، وهو ظاهرُ قولِ الشافعيِّ وأحمد ـ رحمهما الله ـ، واختاره الآمديُّ(١٩) ورجَّحه ابنُ الحاجب ـ رحمهما الله ـ.

هذا، ولعلَّ أَقرَبَ الأقوالِ إلى الصواب ـ في تقديري ـ: مذهبُ القائلين بأنَّ الأمر بعد الحَظْرِ يُفيدُ رجوعَ الفعل إلى ما كان عليه قبل الحظر: فإِنْ كان قبله جائزًا رَجَع إلى الجواز والإذنِ والإباحة، وإِنْ كان واجبًا رَجَع إلى الوجوب، وهذا المذهب هو المعروفُ عند السَّلف والأئمَّة، ويدلُّ عليه الاستقراء:

فمِنْ ذلك: قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْ[المائدة: ٢] بعد قوله تعالى: ﴿غَيۡرَ مُحِلِّي ٱلصَّيۡدِ وَأَنتُمۡ حُرُمٌ[المائدة: ١]، وقولُه تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ[الجمعة: ١٠] بعد قوله: ﴿فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَ[الجمعة: ٩]، وقولُه تعالى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرۡنَ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ[البقرة: ٢٢٢] بعد قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطۡهُرۡنَ[البقرة: ٢٢٢]، وقولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا؛ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ؛ وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ، فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا»(٢٠)؛ فهذه الصِّيَغُ بعد الحظر ليس المقصودُ بها إلَّا الإذنَ والإباحة في الفعل.

وأمَّا قولُه تعالى: ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ[التوبة: ٥] بعد قوله تعالى: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [التوبة: ٤]، وقولُه تعالى: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ[التوبة: ٧٣؛ التحريم: ٩] بعد نزولِ قوله تعالى: ﴿وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ[الأحزاب: ٤٨]؛ فهذه الصِّيَغُ بعد الحظر ليس المرادُ بها إلَّا حقيقتَها؛ فرَجَع إلى ما كان عليه قبل المنع وهو الوجوب؛ قال ابنُ كثيرٍ(٢١) ـ رحمه الله ـ: «والصحيح الذي يَثْبُتُ على السير: أنه يُرَدُّ الحكمُ إلى ما كان عليه قبل النهي: فإِنْ كان واجبًا ردَّه واجبًا، وإِنْ كان مُستحَبًّا فمُستحَبٌّ، أو مُباحًا فمُباحٌ، ومَنْ قال : إنه على الوجوب ينتقض عليه بآياتٍ كثيرةٍ، ومَنْ قال: إنه للإباحة يَرِدُ عليه آياتٌ أخرى، والذي ينتظم الأدلَّةَ كُلَّها: هذا الذي ذَكَرْناه»(٢٢)، وهذا القول هو اختيارُ محمَّد الأمين الشنقيطيِّ(٢٣) ـ رحمه الله ـ(٢٤).

والخلاف في هذه المسألةِ معنويٌّ، له عدَّةُ فروعٍ فقهيةٍ مترتِّبةٍ على هذا الأصلِ منها:

حكمُ زيارة القبور: فهل الأمرُ فيها على الإذن والإباحة، أم الأمرُ بزيارة القبور على حقيقته، لكِنْ صَرَفه إلى النَّدبِ تعليلُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في حديثٍ آخَرَ بأنَّها «تُذَكِّرُ المَوْتَ» أو «تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ»(٢٥)؟

حكم النَّظر إلى المخطوبة: فهل الأمرُ بالنَّظر إليها في قوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»(٢٦) ـ وذلك بعد النَّهي عن النَّظر إلى المرأة الأجنبية ـ يُفيدُ الإذنَ والإباحة، أم أنَّ الأمر يجري على حقيقته، لكنَّ تعليل النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم للنَّظر بأنَّه أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَم بينهما قرينةٌ صارفةٌ إلى النَّدب؟

وغيرهما مِنَ المسائل على هذا المنوال.

ـ يُتبَع ـ



(١) هو أبو بكرٍ محمَّدُ بنُ الطيِّب بنِ محمَّد بنِ جعفر بنِ القاسم البصريُّ البغداديُّ؛ القاضي المالكيُّ المشتهرُ بالباقِلَّانيِّ أو ابنِ الباقِلَّانيِّ؛ الفقيهُ الأصوليُّ المتكلِّم المشهور، مِنْ كِبارِ أعلام المذهب الأشعريِّ، إمامُ وقتِه، انتهَتْ إليه رئاسةُ المالكيَّة، وهو صاحِبُ المصنَّفاتِ الكثيرة، منها: «التمهيد» و«التقريب والإرشاد» و«المُقْنِعُ» في أصول الفقه، و«التبصرةُ»، و«دقائِقُ الحقائق»؛ [و«حقائقُ الكلام»، و«شرحُ اللُّمَع»] [تَفرَّد بذِكرِهما محمَّد مخلوف في «شجرة النور»، واللهُ أَعلَمُ بصِحَّةِ ذلك]؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٤٠٣ﻫ ـ ١٠١٢م)؛ [انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (٥/ ٣٧٩)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٥٨٥)، «الأنساب» للسمعاني (٢/ ٥٢)، «اللُّباب» (١/ ١١٢) و«الكامل» (٩/ ٢٤٢) كلاهما لأبي الحسن بنِ الأثير، «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٤/ ٢٦٩)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» (١٧/ ١٩٠) و«دُوَل الإسلام» (١/ ٢٤٢) كلاهما للذهبي، «مرآة الجِنان» لليافعي (٣/ ٦)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١١/ ٣٥٠)، «الدِّيباج المُذهب» لابن فرحون (٢٦٧)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٣/ ١٦٨)، «شجرة النور الزكيَّة» لمخلوف (١/ ٩٢)، «الفكر السامي» للحَجْوي (٢/ ٣/ ١٢١)، «تاريخ التراث العربي» لسزكين (٢/ ٣٨٤)].

(٢) انظر: «إحكام الفصول» للباجي (١٩٥)، «شرح اللُّمَع» للشيرازي (١/ ٢٠٦)، «المنخول» للغزَّالي (١٠٥)، «الإحكام» للآمدي (٢/ ١٤)، «شرح المَحَلِّي» على «جمع الجوامع» (١/ ٣٧٦)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (٩٤).

(٣) هو أبو الحسن عُبَيْدُ الله بنُ المُنْتاب بنِ الفضل بنِ أيُّوب المالكيُّ البغداديُّ المعروفُ بالكرابيسيِّ، وقِيلَ في اسْمِه غيرُ هذا؛ إمامٌ حافظٌ، تَوَلَّى القضاءَ بالمدينة النبويَّة، وتَفقَّه بالقاضي إسماعيلَ؛ وروى عنه أبو القاسم الشافعيُّ، وأبو إسحاقَ بنُ شعبان، وأبو الفَرَج وغيرُهم؛ له كتابٌ في مَسائِلِ الخلاف والحُجَّةِ لمالكٍ في نحوِ مائتَيْ جزءٍ؛ لم تُذْكَرْ سَنَةُ وفاتِه ـ رحمه الله ـ؛ [انظر ترجمته في: «طبقات الفقهاء» للشِّيرازي (١٦٦)، «الدِّيباج المُذهَب» لابن فرحون (١٤٥)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ٧٧)].

(٤) هو أبو الفَرَجِ عَمْرُو ـ وقِيلَ: عُمَرُ ـ ابنُ محمَّد بنِ عمرٍو الليثيُّ البغداديُّ البصريُّ الأصل؛ القاضي المالكيُّ؛ تَفقَّهَ على القاضي إسماعيلَ ورافقه وكان مِنْ كُتَّابه؛ وعنه أَخَذَ أبو بكرٍ الأبهريُّ؛ مِنْ مصنَّفاته: كتابُ «الحاوي في الفروع»، وكتابُ «اللُّمَع في الأصول»؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٣٣١ﻫ ـ ٩٤٢م)؛ [انظر ترجمته في: «الفهرست» للنديم (٢٥٣)، «طبقات الفقهاء» للشِّيرازي (١٦٦)، «الدِّيباج المُذهَب» لابن فرحون (٢١٥)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ٧٩)، «الفتح المبين» للمراغي (١/ ١٩٢)، «أصول الفقه: تاريخه ورجاله» د. شعبان (١١٤)، «دراساتٌ في مصادر الفقه المالكي» لموراني (٢٠٢)].

(٥) انظر: «إحكام الفصول» للباجي (١٩٨).

وكونُ الأمرِ موضوعًا للندب لا للوجوب هو مذهبُ أبي هاشمٍ الجُبَّائيِّ وكثيرٍ مِنَ المُعتزِلة وجماعةٍ مِنَ الفقهاء، وهو منقولٌ ـ أيضًا ـ عن الإمام الشافعيِّ.

انظر المذاهبَ السابقةَ الواردة في المتن في: «الإحكام» للآمدي (٢/ ١٤)، «منتهى السول» لابن الحاجب (٩١)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي (١٢٧)، «الإبهاج» للسبكي وابنه (٢/ ٢٢)، «التمهيد» للإسنوي (٢٦٦)، «شرح الكوكب المنير» للفتوحي (٣/ ٤١)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (٩٤).

(٦) وهو أحَدُ أدلَّةِ الجمهور القائلين بأنَّ الأمر حقيقةٌ في الوجوب.

انظر دليلَ آيةِ الامتناع عن السجود في: «العُدَّة» لأبي يعلى (١/ ٢٢٩)، «التبصرة» (٢٧) و«شرح اللُّمَع» (١/ ٢٠٧) كلاهما للشيرازي، «الوصول» لابن بَرهان (١/ ١٣٧)، «المحصول» للفخر الرازي (١/ ٢/ ٦٩)، «الإحكام» للآمدي (٢/ ١٦)، «منتهى السول» لابن الحاجب (٩١)، «الإبهاج» للسبكي وابنه (٢/ ٢٨)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (٩٥).

غير أنَّ الخصم يعترض على هذا الدليلِ بأنه وَرَد في أمرٍ عُلِم كونُه واجبًا بقرائنَ اتَّصلَتْ به، والمسألةُ في الأمر المُطلَق، [انظر الجوابَ على هذا الاعتراض وتفنيدَه في المصادر السابقة].

(٧) انظر الحديثَ المتَّفَقَ عليه الذي أخرجه البخاريُّ في «الجمعة» (٢/ ٣٧٤) باب السِّواك يومَ الجمعة، ومسلمٌ في «الطهارة» (٣/ ١٤٣) باب السِّواك، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٨) انظر: «مفتاح الوصول» للشريف التلمساني (٤١٦ ـ ٤١٧) بتحقيقي.

(٩) هو أبو عبد الله محمَّدُ بنُ إدريسَ بنِ العبَّاس بنِ عثمانَ بنِ شافعِ بنِ السائب بنِ عُبَيْدِ بنِ عبدِ يزيدَ بنِ هاشمِ بنِ المُطَّلِب بنِ عبدِ مَنافِ بنِ قُصَيٍّ القُرَشيُّ المُطَّلِبيُّ الشافعيُّ المكِّيُّ، وبنو المُطَّلِب مِنْ آل البيت مع بني هاشمٍ؛ وأجدادُه مِنْ شافعٍ إلى عبدِ يَزيدَ أربعةٌ على نَسَقٍ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم؛ وجدُّه السائب بنُ عُبَيْدٍ كانت معه رايةُ بني هاشمٍ يومَ بدرٍ مع المشركين ففدى نَفْسَه ثمَّ أَسلمَ، وابنُه شافع بنُ السائب مِنْ صغار الصحابة؛ وأمُّ الشافعيِّ أزديَّةٌ، ومولده بغَزَّة، وقد رأَتْ حين حَمَلَتْ به كأنَّ المشتريَ خرَجَ مِنْ فَرْجِها حتَّى انقضَّ بمِصرَ، ثمَّ وقَعَ في كُلِّ بلدٍ منه شظِيَّةٌ؛ وهو الإمامُ المجتهد المُحدِّث الفقيه صاحِبُ المذهبِ وتلميذُ مالكٍ ـ رحمه الله ـ وشيخُ أحمدَ ـ رحمه الله ـ، وهو أَقرَبُ الأئمَّةِ الأربعةِ نَسَبًا إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم؛ مَناقِبُه عديدةٌ؛ له مُصنَّفاتٌ في أصول الفقه وفروعِه وغيرِها، أَشْهَرُها: «الرسالةُ» في أصول الفقه، و«الأمُّ» في الفقه، و«أحكامُ القرآن»، و«اختلافُ الحديث»؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٢٠٤ﻫ ـ ٨١٩م)؛ [انظر ترجمته في: «التاريخ الكبير» (١/ ٤٢) و«التاريخ الصغير» (٢/ ٢٧٥) كلاهما للبخاري، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٧/ ٢٠١)، «الفهرست» للنديم (٢٦٣)، «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (٢/ ٥٦)، «ترتيب المَدارِك» للقاضي عياض (١/ ٣٨٢ ـ ٣٩٧)، «الكامل» (٦/ ٣٥٩) و«اللُّباب» (٢/ ١٧٥) كلاهما لأبي الحسن بنِ الأثير، «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٤/ ١٦٣)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» للذهبي (١٠/ ٥)، «طبقات الشافعيَّة» للإسنوي (١/ ١٨)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٠/ ٢٥١)، «الدِّيباج المُذهَب» لابن فرحون (٢٢٧)، «وفَيَات ابنِ قنفذ» (٣٩)، «تهذيب التهذيب» لابن حجر (٩/ ٢٥ ـ ٣١)، «طبقات الحُفَّاظ» للسيوطي (١٥٧)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٢/ ٩)، «الفكر السامي» للحَجْوي (١/ ٢/ ٣٩٤)، «تاريخ المذاهب» لأبو زهرة (٤٣٦ ـ ٤٨٢)، «تاريخ التراث العربي» لسزكين (٢/ ١٦٥ ـ ١٧٦)، كتاب «الإمام الشافعي» لعبد الحليم الجندي].

(١٠) هو أبو عبد الله أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حنبلِ بنِ هلالِ بنِ أَسَدٍ الوائليُّ الذُّهليُّ الشَّيْبانيُّ ـ مِنْ بكر بنِ وائلٍ ـ المروزيُّ ثمَّ البغداديُّ؛ المُحدِّثُ الفقيه، أحَدُ الأئمَّةِ الأعلام، وصاحِبُ المذهبِ الرابع في الفقه السُّنِّيِّ، ومَذْهَبُه مُفضَّلٌ عند أصحاب الحديث؛ له فضائلُ ومَناقِبُ وخِصالٌ كثيرةٌ؛ مِنْ كُتُبه: «المُسْنَدُ»، و«التاريخُ»، و«الناسخُ والمنسوخ»، و«عِلَلُ الحديث»؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٢٤١ﻫ ـ ٨٥٥م)؛ [انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٧/ ٣٥٤)، «التاريخ الكبير» (٢/ ٥) و«التاريخ الصغير» (٢/ ٣٤٤) كلاهما للبخاري، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (١/ ٢٩٢)، «الفهرست» للنديم (٢٨٥)، «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (٤/ ٤١٢)، «الكامل» لأبي الحسن بنِ الأثير (٧/ ٨٠)، «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (١/ ٦٣)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» (١١/ ١٧٧) و«دُوَل الإسلام» (١/ ١٤٦) و«الكاشف» (١/ ٦٨) كُلُّها للذهبي، «مرآة الجِنان» لليافعي (٢/ ١٣٢)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٠/ ٣٢٥)، «وفَيَات ابنِ قنفذ» (٤٢)، «طبقات الحُفَّاظ» للسيوطي (١٨٩)، «طبقات المُفسِّرين» للداودي (١/ ٧١)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٢/ ٩٦)، «الفضل المبين» للقاسمي (٢٧١)، «الرسالة المُستطرَفة» للكتَّاني (١٨)، «الفكر السامي» للحَجْوي (٢/ ٣/ ١٨)، «تاريخ التراث العربي» لسزكين (٢/ ١٩٦)].

(١١) هو عثمانُ بنُ عمر بنِ أبي بكرِ بنِ يونس جمالُ الدِّين أبو عمرٍو الكرديُّ الأَسْنائيُّ؛ المقرئ النحويُّ الأصوليُّ، والفقيه المالكيُّ المعروفُ بابنِ الحاجب المصريِّ؛ واشتهر بهذا الاسم لأنَّ أباه كان حاجبًا للأمير عِزِّ الدِّين يوسفَ الصلاحيِّ؛ وكان بارعًا في العلوم الأصوليَّة، وتحقيقِ علم العربيَّة ومذهبِ مالكٍ؛ له تصانيفُ مُفيدةٌ منها: «الجامع بين الأُمَّهات»، و«المختصر»، و«منتهى السول والأمل في علمَيِ الأصول والجدل» المعروف ﺑ «كتابِ ابنِ الحاجب الأصلي»، و«الكافيةُ»، و«الشَّافيةُ» في النحو والصرف؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٦٤٦ﻫ ـ ١٢٤٨م)؛ [انظر ترجمته في: «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٣/ ٢٤٨)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» (٢٣/ ٢٦٤) و«معرفة القُرَّاء الكِبار» (٢/ ٦٤٨) كلاهما للذهبي، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٣/ ١٧٦)، «الدِّيباج المُذهَب» لابن فرحون (١٨٩)، «وفَيَات ابنِ قنفذ» (٧١)، «البُلْغة» للفيروزآبادي (١٤٠)، «بُغْية الوُعَاة» للسيوطي (٣٢٣)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٥/ ٢٣٤)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٦٧)، «الفتح المبين» للمراغي (٢/ ٦٧)، «مُعجَم المؤلِّفين» لكحالة (٢/ ٣٦٦)].

(١٢) هو أبو الخيرِ ناصرُ الدِّينِ عبدُ الله بنُ عمر بنِ محمَّدِ بنِ عليٍّ البيضاويُّ [نسبةً إلى البيضاء: اسْمُ عِدَّةِ مواضعَ منها: بلدةٌ مِنْ بلاد فارس، وهي أكبرُ مدينةٍ في كورة إصطخر، وإنما سُمِّيَتْ البيضاءَ لأنَّ لها قلعةً تبين مِنْ بُعدٍ ويُرى بياضُها، وكانت مُعسكَرًا للمسلمين يقصدونها في فتحِ إصطخر، وأمَّا اسْمُها بالفارسيَّة فهو نسايك، وهي مدينةٌ تُقارِبُ إصطخر في الكِبَر، وبناؤهم مِنْ طينٍ، وهي تامَّةُ العمارة خصبةٌ جدًّا، ينتفع أهلُ شِيرازَ بمِيرَتِها، وبينها وبين شِيرازَ ثمانيةُ فَراسِخَ؛ [انظر: «مُعجَم البلدان» لياقوت (١/ ٥٢٩)، «اللُّباب» لابن الأثير (١/ ١٩٨)]] القاضي الشافعيُّ الأشعريُّ؛ الأصوليُّ الفقيه، صاحِبُ التصانيفِ الكثيرة، منها: «المصباحُ» في أصول الدِّين، و«الغايةُ القُصوى» في الفقه، و«المنهاجُ» في أصول الفقه، و«أنوارُ التنزيل» في التفسير؛ وَلِيَ القضاءَ بشِيرازَ؛ وتُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٦٨٥ﻫ ـ ١٢٨٦م)؛ [انظر ترجمته في: «مرآة الجِنان» لليافعي (٤/ ٢٢٠)، «طبقات الشافعيَّة» للإسنوي (١/ ١٣٦)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٣/ ٣٠٩)، «طبقات الشافعيَّة» لابن قاضي شُهبة (٢/ ١٧٢)، «بُغْية الوُعَاة» للسيوطي (٢٨٦)، «طبقات المفسِّرين» للداودي (١/ ٢٤٨)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٥/ ٣٩٢)، «الفتح المبين» للمراغي (٢/ ٩١)، «الفكر السامي» للحَجْوي (٢/ ٤/ ٣٤١)].

(١٣) هو أبو عبد الله فخرُ الدِّين محمَّد بنُ عمر بنِ الحسين بنِ الحسن بنِ عليٍّ القُرَشيُّ التيميُّ البكريُّ الشافعيُّ الأشعريُّ الرازيُّ الطَّبَرِسْتانيُّ الأصلِ، المعروفُ بابنِ الخطيب أو ابنِ خطيبِ الرَّيِّ ذو الشهرة العالية؛ كان إمامًا مفسِّرًا، وحيدَ زمانِه في المعقول والمنقول وعلومِ الأوائل؛ كانت له اليدُ الطُّولَى في العلوم الفلسفيَّة والفقهيَّة وعلوم العربيَّة والوعظِ باللسانَيْن العربيِّ والعجميِّ؛ وهو مِنْ كِبارِ مُتكلِّمي الأشاعرة، وهو الذي اشترط اليقينَ في مسائل الصِّفات لإفادةِ نصوص الكتاب والسُّنَّة، وهو الذي عارض صحيحَ المنقول بما سمَّاهُ: القانونَ الكُلِّيَّ؛ وهو صاحِبُ المُصنَّفاتِ المشهورة، منها: «التفسيرُ الكبير»، و«المحصولُ» و«المَعالِمُ» في الأصول، و«المَطالِبُ العالية» و«نهايةُ العقول» في أصول الدِّين؛ وقد عَلِم ـ آخِرَ عُمره ـ أنَّ الطُّرُقَ الكلاميَّة لا تَشفي عليلًا ولا تُروِي غليلًا، وأنَّ الاعتماد عليها يُوقِعُ في الحيرة والحسرة والشكِّ وإضاعةِ العُمر والأوقات، وأنَّ أقربَ الطُّرُقِ طريقةُ القرآنِ الكريم، وأنَّ فيه الفائدةَ والطُّمَأنينةَ واليقين؛ تُوُفِّيَ ـ عفا الله عنه ـ سَنَةَ: (٦٠٦ﻫ ـ ١٢٠٩م)؛ [انظر ترجمته في: «الكامل» لابن الأثير (١٢/ ٢٨٨)، «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٤/ ٢٤٨)، «دُوَل الإسلام» (٢/ ١١٢) و«سِيَر أعلام النُّبَلاء» (٢١/ ٥٠٠) كلاهما للذهبي، «طبقات الشافعيَّة» لابن السبكي (٨/ ٨١)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٣/ ٥٥)، «لسان الميزان» لابن حجر (٤/ ٤٢٦)، «طبقات المُفسِّرين» للداودي (٢/ ٢١٥)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٥/ ٢١)، «الفكر السامي» للحَجْوي (٢/ ٤/ ٣٣٧)، «الأعلام» للزركلي (٦/ ٣١٣)].

(١٤) انظر: «المحصول» للفخر الرازي (١/ ٢/ ٦٦).

(١٥) انظر مسألةَ اقتضاءِ صيغة الأمر للوجوب عند تجرُّدها مِنَ القرائن في: «أصول الشاشي» (١٢٠ ـ ١٢٣)، «المُعتمَد» لأبي الحسين (١/ ٥٧)، «العُدَّة» لأبي يعلى (١/ ٢٢٤)، «إحكام الفصول» للباجي (١٩٥)، «شرح اللُّمَع» (١/ ٢٠٦) و«التبصرة» (٢٦) كلاهما للشيرازي، «البرهان» للجُوَيْني (١/ ٢١٦)، «أصول السرخسي» (١/ ١٤)، «المستصفى» (١/ ٤١٧) و«المنخول» (١٠٤) كلاهما للغزَّالي، «التمهيد» للكلوذاني (١/ ١٤٥)، «الوصول» لابن بَرهان (١/ ١٣٣)، «ميزان الأصول» للسمرقندي (٩٦)، «المحصول» للفخر الرازي (١/ ٢/ ٦٦)، «روضة الناظر» لابن قدامة (٢/ ٧٠)، «الإحكام» للآمدي (٢/ ١٣)، «منتهى السول» لابن الحاجب (٩١)، «التحصيل» للسراج الأرموي (١/ ٢٧٤)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي (١٢٧)، «المغني» للخبَّازي (٣٠)، «المسوَّدة» لآل تيمية (١٣)، «بيان المختصر» للأصفهاني (٢/ ١٩)، «شرح العَضُد» (٢/ ٧٩)، «الإبهاج» للسبكي وابنه (٢/ ٢٢)، «التمهيد» (٢٦٦) و«نهاية السول» (٢/ ١٨) كلاهما للإسنوي، «المختصر» لابن اللحَّام (٩٩)، «شرح المَحلِّي» على «جمع الجوامع» (١/ ٣٧٥)، «مناهج العقول» للبدخشي (٢/ ١٨)، «غاية الوصول» لأبي يحيى (٦٤)، «فتح الغفَّار» لابن نُجَيْم (١/ ٣١)، «شرح الكوكب المنير» للفتوحي (٣/ ٣٩)، «شرح العبَّادي على الورقات» (٨٠)، «إجابة السائل» للصنعاني (٢٧٧)، «فواتح الرحموت» للأنصاري (١/ ٣٧٣)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (٩٤)، «تفسير النصوص» لمحمَّد أديب صالح (٢/ ٢٤٠).

(١٦) هو الصحابيُّ الجليل أبو محمَّدٍ عبدُ الرحمن بنُ عَوْفِ بنِ عبدِ عَوْفٍ القُرَشيُّ الزُّهريُّ المَدَنيُّ رضي الله عنهكان اسْمُه في الجاهليَّة: عَبْدَ عمرٍو، وقِيلَ: عَبْدَ الكعبة؛ فسمَّاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: عَبْدَ الرحمن؛ وهو أحَدُ الخمسة الذين أَسْلَمُوا على يدِ أبي بكرٍ رضي الله عنه، وأحَدُ الثمانية الذين بادَرُوا إلى الإسلام، وأحَدُ السابقين البدريِّين، وأحَدُ العَشَرةِ المُبشَّرين بالجنَّة، وأحَدُ السِّتَّةِ أهلِ الشورى؛ هاجَرَ الهجرتين، آخَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم بينه وبين سعد بنِ الربيع رضي الله عنه، وكان كثيرَ الإنفاق في سبيل الله، شَهِدَ المَشاهِدَ كُلَّها مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم؛ له أحاديثُ ومَناقِبُ كثيرةٌ؛ تُوُفِّيَ رضي الله عنه سَنَةَ: (٣٢ﻫ ـ ٦٥٢م) على الراجح؛ [انظر ترجمتَه وأحاديثَه في: «طبقات ابنِ سعد» (٣/ ١٢٤)، «مُسنَد أحمد» (١/ ١٩٠)، «التاريخ الكبير» (٥/ ٢٣٩) و«التاريخ الصغير» (١/ ٧٥، ٨٤، ٨٦) كلاهما للبخاري، «المَعارِف» لابن قُتَيْبة (٢٣٥)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٥/ ٢٤٧)، «المُستدرَك» للحاكم (٣/ ٣٠٦)، «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ (٢/ ٨٤٤)، «جامع الأصول» لأبي السعادات بنِ الأثير (٩/ ١٩)، «أُسْد الغابة» لأبي الحسن بنِ الأثير (٣/ ٣١٣)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» (١/ ٦٨) و«دُوَل الإسلام» (١/ ٢٦) و«الكاشف» (٢/ ١٧٩) كُلُّها للذهبي، «البداية والنهاية» لابن كثير (٧/ ١٦٣)، «وفَيَات ابنِ قنفذ» (١١)، «الإصابة» (٢/ ٤١٦) و«تهذيب التهذيب» (٦/ ٢٤٤) كلاهما لابن حجر، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (١/ ٣٨)].

(١٧) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «النكاح» (٩/ ٢٣١) باب الوليمة ولو بشاةٍ، ومسلمٌ في «النكاح» (٩/ ٢١٥ ـ ٢١٧) باب الصداق وجوازِ كونِه تعليمَ قرآنٍ وخاتمَ حديدٍ وغيرَ ذلك، مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.

(١٨) هو أبو المَعالي ضياءُ الدِّين عبدُ الملك بنُ عبد الله بنِ يوسفَ بنِ عبد الله بنِ يوسف بنِ محمَّدٍ الجُوَيْنيُّ ثمَّ النَّيْسابوريُّ الشافعيُّ المُلقَّبُ بإمام الحَرَمَيْن؛ العلَّامة رئيسُ الشافعيَّة بِنَيْسابور؛ كان فقيهًا أصوليًّا مِنْ كِبارِ المتكلِّمين على مذهب الأشاعرة، وكان أعلمَ أهلِ زمانِه بالكلام والأصولِ والفقه، وهو أوَّلُ مَنْ نَفَى الصِّفاتِ الخبريَّةَ مِنَ الأشاعرة، حيث كان أوَّلَ مَنْ تَوسَّع في وضعِ القواعد الفلسفيَّة والكلاميَّة وقانونِ تأويل الصِّفات بعد الجهميَّة والمعتزلة، فوَقَع في الحيرة والشكِّ لالْتِباس الحقِّ والباطل عليه في تقريرِ مسائل الاعتقاد، لكِنْ مَنَّ اللهُ عليه بالرجوع إلى مذهب السلف، حيث قرَّر مذهبَهم في الصِّفات في كتابه: «العقيدة النِّظاميَّة»؛ له تصانيفُ كثيرةٌ في الفقه والأصلين، منها: «الشاملُ» و«الإرشادُ» في أصول الدِّين، و«البرهانُ» و«الورقات» في أصول الفقه، و«نهاية المَطْلَب» في الفقه، و«غِيَاثُ الأُمَم» في الأحكام السلطانيَّة، و«مدارك العقول»: لم يُتِمَّه؛ تُوُفِّيَ ـ غَفَر اللهُ له ـ سَنَةَ: (٤٧٨ﻫ ـ ١٠٨٥م)؛ [انظر ترجمته في: «تبيين كَذِبِ المفتري» لابن عساكر (٢٧٨)، «الكامل» (١٠/ ١٤٥) و«اللُّباب» (١/ ٣١٥) كلاهما لأبي الحسن بنِ الأثير، «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٣/ ١٦٧)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» (١٨/ ٤٦٨) و«دُوَل الإسلام» (٢/ ٨) كلاهما للذهبي، «مرآة الجِنان» لليافعي (٣/ ١٢٣)، «طبقات الشافعيَّة الكبرى» لابن السُّبكي (٥/ ١٦٥)، «طبقات الشافعيَّة» للإسنوي (١/ ١٩٧)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٢/ ١٢٨)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٣/ ٣٥٨)، «الفكر السامي» للحَجْوي (٢/ ٤/ ٣٣٠)، «الأعلام» للزركلي (٤/ ١٦٠)].

(١٩) هو أبو الحسن سيفُ الدِّين عليُّ بنُ أبي عليِّ بنِ محمَّد بنِ سالمٍ التغلبيُّ الآمديُّ الحنبليُّ ثمَّ الشافعيُّ الأشعريُّ؛ الفقيه الأصوليُّ؛ قال سِبْطُ ابنِ الجوزيِّ: «لم يكن في زمانه مَنْ يُجارِيهِ في الأصلين وعلمِ الكلام»، وقال الذهبيُّ: «وبكُلٍّ قد كان السيفُ غايةً، ومعرفتُه بالمعقول نهايةً»؛ مِنْ كُتُبه: «الإحكامُ في أصول الأحكام»، و«منتهى السول في الأصول» وغيرُهما؛ تُوُفِّيَ ـ غفَرَ اللهُ له ـ سَنَةَ: (٦٣١ﻫ ـ ١٢٣٣م)؛ [انظر ترجمته في: «وفَيَات الأعيان» لابن خلِّكان (٣/ ٢٩٣)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» (٢٢/ ٣٦٤) و«دُوَل الإسلام» (٢/ ١٣٦) كلاهما للذهبي، «طبقات الشافعيَّة الكبرى» لابن السُّبكي (٨/ ٣٠٦)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٣/ ١٤٠)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٥/ ١٤٤)].

(٢٠) أخرجه أحمد في «مُسنَدِه» (٥/ ٣٥٠، ٣٥٥، ٣٥٦)، ومسلمٌ في «الجنائز» (٧/ ٤٦) وفي «الأضاحي» (١٣/ ١٣٤ ـ ١٣٥) بابُ بيانِ ما كان مِنَ النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ في الإسلام وبيانِ نسخه وإباحته إلى متى شاء، مِنْ حديثِ بُرَيْدة رضي الله عنه.

ومِنْ ألفاظِ أحمد: «إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ؛ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ، فَانْتَبِذُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ، وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ؛ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَكُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا»؛ والحديث أو بعضُه واردٌ مِنْ حديثِ عليٍّ وابنِ مسعودٍ وأبي سعيدٍ وأنسٍ وعائشة رضي الله عنهم.

(٢١) هو أبو الفداء عِمادُ الدِّينِ إسماعيلُ بنُ عمر بنِ كثير بنِ ضوء بنِ كثير بنِ زرعٍ القُرَشيُّ البُصرَوِيُّ الأصلِ الدمشقيُّ؛ الإمامُ الحافظ، أخَذَ عن القاسم بنِ عساكر والمِزِّيِّ وابنِ تيميَّة؛ وبَرَعَ في علمِ التفسير والفقه والحديث والنحو والتاريخ، وصنَّف في هذه العلومِ تصنيفًا مُفيدًا انتفع به الناسُ؛ ومِنْ مُصنَّفاته: «تفسيرُ القرآن العظيم»، و«البدايةُ والنهاية»، و«اختصارُ علومِ الحديث»، و«تحفةُ الطالبِ في تخريجِ أحاديثِ مختصرِ ابنِ الحاجب»، و«طبقاتُ الشافعيَّة»؛ تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ سَنَةَ: (٧٧٤ﻫ ـ ١٣٧٢م)؛ [انظر ترجمته في: «الدُّرَر الكامنة» لابن حجر (١/ ٣٧٣)، «شَذَرات الذَّهب» لابن العِماد (٦/ ٢٣١)، «البدر الطالع» للشوكاني (١/ ١٥٣)، «الرسالة المُستطرَفة» للكتَّاني (١٧٥)، «الأعلام» للزركلي (١/ ٣٢٠)، «مُعجَم المؤلِّفين» لكحالة (١/ ٣٧٣)].

(٢٢) «تفسير ابن كثير» (٢/ ٥).

(٢٣) انظر: «أضواء البيان» (٢/ ٤ ـ ٥) و«المذكِّرة الأصوليَّة» (١٩٢) كلاهما للشنقيطي.

(٢٤) انظر تفصيلَ مسألةِ ورود الأمر بعد الحظر في: «المُعتمَد» لأبي الحسين (١/ ٨٢)، «الإحكام» لابن حزم (٣/ ٧٦)، «العُدَّة» لأبي يعلى (١/ ٢٥٦)، «إحكام الفصول» للباجي (٢٠٠)، «التبصرة» (٣٨) و«شرح اللُّمَع» (١/ ٢١٣) كلاهما للشِّيرازي، «البرهان» للجُوَيْني (١/ ٢٦٣)، «أصول السرخسي» (١/ ١٩)، «المستصفى» (١/ ٤٣٥) و«المنخول» (١٣١) كلاهما للغزَّالي، «التمهيد» للكلوذاني (١/ ١٧٩)، «الوصول» لابن بَرهان (١/ ١٥٨)، «ميزان الأصول» للسمرقندي (١١١)، «المحصول» للفخر الرازي (١/ ٢/ ١٥٩)، «روضة الناظر» لابن قدامة (٢/ ٧٥)، «الإحكام» للآمدي (٢/ ٤٠)، «منتهى السول» لابن الحاجب (٩٨)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي (١٣٩)، «التحصيل» للسراج (١/ ٢٨٦)، «المسوَّدة» لآل تيمية (١٦)، «بيان المختصر» للأصفهاني (٢/ ٧٢)، «شرح العَضُد» (٢/ ٩١)، «الإبهاج» للسبكي وابنه (٢/ ٤٣)، «مفتاح الوصول» للتلمساني (٤١٠) بتحقيقي، «نهاية السول» (٢/ ٣٤) و«التمهيد» (٢٧١) كلاهما للإسنوي، «المختصر» لابن اللحَّام (١٠٠)، «شرح المحلِّي» على «جمع الجوامع» (١/ ٣٧٨)، «مناهج العقول» للبدخشي (٢/ ٣٤)، «غاية الوصول» لأبي يحيى (٦٥)، «شرح الكوكب المنير» للفتوحي (٣/ ٥٦)، «تفسير النصوص» لمحمَّد أديب صالح (٢/ ٣٦٠).

(٢٥) أخرجه باللَّفظِ الأوَّلِ مسلمٌ في «الجنائز» (٧/ ٤٦) بابُ استئذانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ربَّه عزَّ وجلَّ في زيارةِ قبر أمِّه، وأخرجه باللَّفظِ الثَّاني ابنُ ماجه في «الجنائز» (١/ ٥٠٠) بابُ ما جاء في زيارة القبور، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢٦) أخرجه الترمذيُّ في «النكاح» (٣/ ٣٩٧) بابُ ما جاء في النَّظر إلى المخطوبة، والنَّسائيُّ في «النكاح» (٦/ ٦٩ ـ ٧٠) باب إباحة النَّظر قبل التزويج، وابنُ ماجه في «النكاح» (١/ ٦٠٠) باب النَّظر إلى المرأة إذا أراد أَنْ يتزوَّجها، مِنْ حديثِ المغيرة بنِ شُعْبة رضي الله عنه؛ وصحَّحه الألبانيُّ في «المشكاة» (٢/ ٩٣٢ ـ ٩٣٣).