| الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 18 شوال 1445 هـ الموافق لـ 27 أبريل 2024 م

جواب إدارة الموقع الرسميِّ
لفضيلة الشيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ
على انتقادِ استعمال الشيخ لعبارةِ: «ظُلمِ العبد لربِّه» ونحوِها

نصُّ الانتقاد:

تتداول قنواتٌ محسوبةٌ على أشخاصٍ معروفين نبَأً مَفادُه: أنَّ الشيخَ ـ حَفِظه الله ـ وقَعَ في خطإٍ عَقَديٍّ هو: استعمالُه عبارةَ: «ظُلمُ العبد لربِّه» ونحوها في فتاواه، كما أنَّها تُروِّج لِمُتَتَبِّعِيها أنَّ الشيخَ إنَّما تراجع عنها كتابةً بعد أن كشفُوا هم الخطأَ مِنْ غيرِ تصريحٍ منه بتوبةٍ منها، ولا تنبيهٍ عليها ولا إشارةٍ إلى أنَّه نُبِّه عليها، وأبقاها ـ بخطئها ـ مسموعةً.

فالواجب ـ إذ ذاك ـ على إدارةِ الموقعِ إعلامُ الشيخ وتبليغُه بوجه الصَّواب في العبارة، وأَنْ تبادر ـ وكاتبَ الفتاوى ـ إلى إعلان التوبة، والصَّدع بها مِنْ غير لفٍّ ولا روغان.

الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمَّا بعد:

فما يُثارُ في القنوات التي تَحملُ نَفَسًا مشحونًا بتتبُّع العثرات ومُشرَبًا بالبحث عن الثغرات التي لا يَسْلَمُ منها أحَدٌ، تنقُّصًا وإزراءً، مِنْ عدمِ تطابُقِ المَسموع مِنْ كلام الشَّيخ أبي عبد المُعِزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ مع المَكتوب في الموقع، بغرض التَّشكيك في مصداقيَّة ما يُنشَر عن الشَّيخ ـ مِنْ جهةٍ ـ، واتِّهام الشيخ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ بتصحيح الأخطاء وتعديلِ الفتاوى دون التَّصريحِ عَلَنًا، هو مِنْ قبيل التَّلاعبِ بسَير الأحداث وتصويرها على غير صورتها المُطابِقة لواقعها.

وعليه فإنَّ إدارة الموقع تُنهي إلى علم المُنتقِد صاحبِ الرِّسالة وإلى عمومِ القُرَّاء أنَّ لفظةَ «ظُلم العبد لربِّه» وما يماثلها وَرَدَتْ عن الشِّيخ في ثلاثِ فتاوى في وقائعِ حقٍّ وصدقٍ نذكر تفاصيلَها على التَّوالي:

ـ الفتوى رقم: (٤٦٠) بعنوان: «في ضابط التعاون على الإثم». [جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ ـ جوان ٢٠٠٦م].

ـ الفتوى رقم: (٦٢٩) بعنوان: «في ضابط مجالات التعاون المشروع». [ذي الحِجَّة ١٤٢٧ﻫ ـ جانفي ٢٠٠٧م].

ـ الفتوى رقم: (١١٧٦) بعنوان: «في حكم رياضة «تاي شي شوان»». [ربيع الثاني ١٤٣٦ﻫ ـ فبراير ٢٠١٥م].

وكان الشَّيخ ـ حفظه الله ـ يتبَنَّى رأيَ مَنْ يرى أَنْ لا حرَجَ ولا محذورَ في إطلاقِ هذه اللَّفظةِ مِنْ غيرِ نكيرٍ، لأنَّ الجملة (لربِّه) تحتاج إلى مُضمَرٍ مقدَّر ليستقيم به المعنى وهو: (حقِّ ربِّه) وهو معلومٌ، وخاصةً مِنْ سياق الفتوى، وعلى هذا الأساسِ جاء تَسجيلُ صوتيَّات الفتاوى مُتضمِّنًا للعبارة السَّالفةِ، إلى أَنْ راسل بعضُ الطَّيِّبين ـ في سنواتٍ خَلَتْ ترجع إلى حدود سَنَةِ: (١٤٣٦هـ /  ٢٠١٥م) ـ الموقعَ مُستشكِلًا العبارةَ، وناقلًا انتقادَ بعضِ أهل العلم لها، فما كان مِنَ الشَّيخ ـ حَفِظه الله كما هي عادتُه ـ إلَّا أَنْ راجع المسألةَ، فرأى أنَّ الظاهرَ كونُ الخطإ في اللَّفظ والعبارة لا في المعتقد، فآنسَ الصَّوابَ في اجتنابِ هذا التَّعبير، فأمَرَ الشَّيخُ ـ حفظه الله ـ بتصحيحها في الموقع، وغيَّر هذه العبارةَ ـ فعلًا ـ في مجلَّةِ «الإحياء» [العدد: (٢٠) الصفحة: (٦٠) الصادرة سَنَةَ: (١٤٣٩هـ ـ ٢٠١٧م)]، وأشار ـ حَفِظه الله ـ إلى هذا التَّغييرِ في حلقاته المعتادة في عِدَّةِ مناسباتٍ، وشَهِد بذلك بعضُ مَنْ سَمِعه منه في حلقاته، فكان ذلك رجوعًا منه إلى الحقِّ، واعترافًا بالخطإ، ومسارعةً ـ آنَذاك ـ بالتَّصويب والتَّغيير، بحسَبِ ما تيسَّر التَّفطُّنُ له والتَّنبيهُ عليه، فالكمالُ لله وَحْدَه، والمَعصومُ مَنْ عصَمَه اللهُ؛ وكان الشَّيخ ـ حفظه الله ـ يُكرِّر مَطْلَعَ مقولةِ سعيد بنِ جُبيرٍ ـ رحمه الله ـ: «رَحِم اللهُ رجلًا أهدى إليَّ عيوبي، وإذا أُهْدِيَتْ إلينا العيوبُ لا نَحْردُ(١)، ولا نُبرِّئ أَنْفُسَنا حتَّى لا نكون مُعجَبِين، بل نعترف».

وبناءً على ذلك بادرَتْ إدارةُ الموقعِ ـ وقتَئذٍ ـ إلى تصحيح العبارةِ في فتويَيْن مكتوبتين؛ غيرَ أنَّه قد فاتها التَّصحيحُ ـ سهوًا ـ لفتوَى ثالثةٍ، وبَقِيَتْ على ما كانت عليه، فوقعت أَعيُنُ المُتحامِلين على ملاحظاتِ غيرِهم القديمةِ فنسبوها إلى أنفُسِهم، ادِّعاءً منهم أنَّهم قادرون على البحث والتَّنقيب والتَّحرِّي، وما هم ـ في الحقيقة ـ إلَّا جُندٌ مُفلِسون، زاعمين أنَّ التَّعديلَ كان بناءً على اكتشافهم تشبُّعًا بما لم يُعطَوْا، إذ المجلَّةُ المطبوعةُ شاهدةٌ على ذلك، ولها أكثرُ مِنْ أربعِ سنينَ، فكيف يكون التصويبُ الذي تمَّ وقتَها ناتجًا عن تنبيههم الذي كان منهم هذه السَّنَةَ؟! والعجيب أنهم استغلُّوا أَمْرَ هذه المُلاحظاتِ في التَّأجيج والتَّضخيم والتَّهويل لتغطيةِ ما هم عليه مِنَ المَخازي والمَساوئ والمَعايب والمَثالب، وتعمَّدوا تصديرَ فواجعِهم، ليُشغِلوا النَّاسَ بغيرهم كما جَرَتْ عليه عادةُ المَنفوخين المُفلِسين.

هذا، وأمَّا الصَّوتيَّات المَسموعة فلم يكن إعادةُ تغييرها ممكنًا، نظرًا لأنَّ الموقع ـ آنَذاك ـ افتقد التَّقنيَّ العارف بمثلِ هذه العمليَّات، وأدَّى تأخُّرُ التَّعاقد مع تقنيٍّ آخَرَ خبيرٍ مُتقِنٍ إلى أَنْ طال عهدُ التَّصحيح فدخل النِّسيانُ على الأذهان ـ وهو مِنْ طبيعة البشر ـ مِنْ غيرِ أَنْ يكون مِنَ القائمين على الموقع عزمٌ على الإهمال والتَّقصيرِ أو تعمُّدٌ للخطإ.

فهذا ـ إذن ـ ذِكرٌ لِمُجمَلِ الوقائع على حقيقتها ومُجرَيات الأحداث منقولةً بصِدقٍ لا الْتِواءَ فيها ولا كذِبَ، قطعًا للطريق على أهل الافتراء والتَّلبيس والتَّشويش والتَّشغيب.

وعليه، فإنَّ إدارة الموقع ـ إذ توضِّح ما سبَقَ بيانه ـ، فإنَّها تُجدِّد الدَّعوةَ ـ لكُلِّ مَنْ يَلْحظ ما يجب استدراكُه ـ أَنْ يُبادِر إلى مراسلتها نُصحًا وإرشادًا، وتُؤكِّد على أنَّ أبوابَها مفتوحةٌ لكُلِّ مَنْ يتعاون معها بالأمانة، تحقيقًا للبِرِّ والتَّقوى.

كما أنَّ المَعهود عن الشَّيخِ ـ حفظه الله ـ رحابةُ صدرِهِ لكُلِّ نقدٍ عِلميٍّ بنَّاءٍ يُرادُ ـ مِنْ خلاله ـ الوصولُ إلى الحقِّ والصَّوابِ، ولا يجد في نفسه غضاضةً في استدراكِ ما جانَبَ فيه الصَّوابَ قِيلًا ومَقالًا، شاكرًا مَنْ كان سببًا في ذلك بيانًا وتوضيحًا، وليس التَّصلُّبُ على الخطإ شِيمتَه ولا المُراوغةُ في الحقِّ دِثارَه، وإنَّما ذلك عيبٌ يتحمَّل عَوارَه وشَنَارَه مَنْ تلُوح له الدَّلائلُ ظهورًا، والبراهينُ سطوعًا، ويأبى بعد التَّبيُّنِ إلَّا عن الحقِّ صدودًا، وعن الرُّجوع عن الباطل إلَّا نُكوسًا، وبالعناد إلَّا تمسُّكًا واستظهارًا.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر: الأحد ٢١ شوال ١٤٤٣هـ
الموافق ﻟ: ٢٢ ماي ٢٠٢٢م



(١) أي: لا نغضب؛ وهو مِنْ بابِ «ضَرَبَ» و«سَمِعَ». [انظر: «تاج العروس» للزَّبيدي (٨/ ١٧)].



جواب عن بعض الانتقادات

 

رقم الرسالة: ١٥٦٣٧.

التاريخ: السبت ٤ / ٢ /  ٢٠١٢

الاسم: بن قادة.

البلد: معسكر.

شيخَنا الكريم، لا يخفى عليكم ما يحاول بعض الأغمار من الطعن في شخصكم وبعض المشايخ السلفيين في الجزائر، ولولا أنَّنا خفنا أن يلبِّسوا على إخواننا - ممَّن اطلعوا على كلامهم- لَما طلبنا منكم – حفظكم الله- الردَّ، فكما قيل:

لو كلّ كلب عوى ألقمته حجرا *** لأصبح الصّخر مثقالا بدينارِ

• زعم الكاتب أنكم تُثنون على أصحاب الأفكار الهدَّامة، من رؤوس أهل البدع والضلال في هذا العصر، وتعتبرون دعوتهم حركاتٍ إصلاحيةً دينيةً!! كجمال الدين الأفغاني الشيعي الماسوني، ومحمد عبده الماسوني المعتزلي، ومحمَّد رشيد رضا العقلاني الضالِّ، وأنكم قرنتم دعوة الأخير بدعوتي الإمام النجدي، والإمام الشوكاني رحمهما الله.

• قوله أنكم تخلطون في أخبار الآحاد ونصرتم شبهات المعتزلة.

• بخصوص الفتوى رقم: ٧٩٣ الصنف: فتاوى المرأة : هل يصحُّ أثر ابن عبَّاسٍ ليُستدَلَّ به على جواز إظهار الكُحْل وَالخَاتَم وَالسِّوَار وَالخِضَاب ؟

• نقله أنكم تطعنون في مشايخ الدعوة السلفية، وأنكم تزهِّدون في علم الجرح والتعديل.

• كما زعم أنكم تتَّبعون الأقوالَ الشاذَّة عن الدليل، ورُخَص وزلاَّتِ العلماء.

نريد منكم –جزاكم الله- توضيحًا أكثر لهذه المسائل.

جواب الإدارة:

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على خير الأنام، أما بعد:

فقد قُدِّم هذا الانتقاد لفضيلة الشيخ حفظه الله، ولم يكن من الشيخ إلا أن أوضح هذه الشبهات بالأجوبة التالية:

• أوَّلا: العبارة المذكورة في «الفتح المأمول» (٢٢ ط٤) وكذلك في «الأعلام» (١٨٧)، عند ذكر سيرة ابن باديس رحمه الله الذاتية ومراحل تحصيله وتعلُّمه، وهي ما يأتي: «وقد سمحت له هذه الفترة بالاطِّلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحاتٍ دينيةٍ وسياسيةٍ، مثل «حركة جمال الدين الأفغاني» والشيخين «محمَّد عَبدُه» و«محمَّد رشيد رضا» في مصر، و«شَكِيب أَرْسَلان» و«الكواكبي» في الشام وغيرهم».

فإنَّ هذه العبارة لا تحمل في ثناياها مدحًا ولا ثناءً على الشخصيات التاريخية المذكورة، غاية ما في الأمر أنها إخبارٌ لظاهرِ واقعٍ تاريخيٍّ جرت أحداثه في ذلك الزمن بالمواصفات المذكورة التي كان ينادي أصحابها بأنها إصلاحيةٌ دينيةٌ بغضِّ النظر عن حقيقة هذه الدعوات هل هي إصلاحيةٌ فعلاً في جوهرها أم لا؟ وإنما المقصود منها التغيرات السياسية والتحوُّلات الدينية.

•أمَّا محمَّد رشيد رضا فورد مذكورًا مع الإمام النجدي والشوكاني [في الفتح (٢٣)، والإعلام (١٨٧-١٨٨)]، فإنما ذلك من جهة تأثُّر العديد من الشخصيات الإسلامية بدعوة محمَّد بن عبد الوهَّاب -رحمه الله-، فقد تأثَّر به الألوسي الكبير، وصدِّيق حسن خان، والأمير الصنعاني، وتلميذه محمَّد بن علي الشوكاني، ومحمَّد عبده مفتي مصر، ومحمَّد رشيد رضا وغيرهم كثيرٌ -كما ذكر المؤرِّخون-، وكذلك من جهة فضله وجهوده في نشر السنَّة والردِّ على القاديانيين، وذلك بقطع النظر عن مؤاخذاته.

وجهود محمَّد رشيد رضا قد أثنى عليها الألباني -رحمه الله- في شريط (٤٢) الدقيقة: (٣:٤٣) في معرض المقارنة بين أحمد شاكر ومحمَّد رشيد رضا حيث قال -رحمه الله-: «لا شكَّ أنَّ أحمد شاكر -رحمه الله- كان أقعد وأوزن في الحديث من محمَّد رشيد رضا، وإن كان لمحمَّد رشيد رضا مشاركةٌ في هذا المجال، وله فضلٌ كبيرٌ جدًّا في نشر السنَّة وعلم الحديث بواسطة مجلَّته المنار».

وقال الألباني -رحمه الله- في الشريط نفسه د: (٤٧:٥٨): «نحن -بلا شكٍّ- لا نريد الانضمام إلى أيِّ جماعةٍ، خاصَّةً إذا كانوا معروفين بالمروق عن الشريعة، لكن نحن نتصوَّر أن المسألة قابلةٌ للاجتهاد، فأنا أظنُّ في السيِّد رشيد رضا -وهو قد خدم الإسلام خدمةً جُلَّةً- نظنُّ به أنَّ انضمامه إلى الماسونية إنما كان باجتهادٍ خاطئٍ منه، ولم يكن لمصلحةٍ شخصيةٍ كما يفعل كثيرٌ ممَّن لا خلاق لهم، فنسبته إلى الضلال لأنه صدر منه خطأٌ وضلالٌ، هذا -أظنُّ- توسُّعٌ غير محمود في إطلاق الضلال على مثل هذا الرجل الذي -في اعتقادي- له المنَّة على كثيرٍ من أهل السنَّة في هذا الزمان بسبب إشاعته لها ودعوته إليها في مجلَّته المعروفة المنار حتى وصل أثرها إلى بلادٍ كثيرةٍ من بلاد الأعاجم المسلمين، فهذا أرى أن فيه غلوًّا ... ما ينبغي أن يصدر من مثل أخينا هذا مقبل وعلى كلِّ حالٍ:

تريد صديقًا لا عيب فيه         وهل عودٌ يفوح بلا دخان»

نعم، قد تَرِدُ مؤاخذتي من جهة عدم التنبيه على هذا الأمر أو التعليق عليه أو عدم التعريف بالشخصيات المذكورة بوضع ترجمةٍ موجزةٍ لبيان حالهم، وهذا -بلا شكٍّ- سهوٌ منِّي أو خطأٌ أو تقصيرٌ، والنقص طبيعة البشر، فالكمال لله وحده، والعصمة لمن عصمه الله، وكما قيل قديمًا: «الكتاب كالمكلَّف لا يسلم من المؤاخذة ولا يرتفع عنه القلم»، وسأحاول أن أستدرك هذه الهفوة -إن شاء الله- في الطبعات اللاحقة مع تعديلٍ في النصِّ.

أمَّا التجنِّي على الحقِّ بسبب هفوةٍ في حرفٍ أو تعبيرٍ أو زلَّةٍ في معنًى أو وهمٍ أو خطإٍ، فهذا بلا شكٍّ أنه من البغي والظلم المحرَّم، قال ابن القيِّم -رحمه الله- في «مدارج السالكين» (٢/  ٤٠): «فلو كان كلُّ من أخطأ أو غلط تُرك جملةً وأُهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطَّلت معالمها».

• ثانيًا: أمَّا القول بأنَّنا نخلط في أخبار الآحاد ونصرْنا شبهاتِ المعتزلة فهذا الخلط إنما هو في ذهن المنتقد؛ لأنَّ جمهور الأصوليين يفرِّقون بين حجِّيَّة الخبر في ذاته من غير قرائنَ وبين العمل به.

وخبر الواحد حجَّةٌ ظنِّيَّةٌ عندهم إلاَّ إذا انضمَّت إليها قرائنُ أفادت بالقرائن علمًا، أمَّا العمل بخبر الواحد فحكمُه الوجوب، سواءً في الأحكام أو الاعتقاد أو غيرهما قولاً واحدًا عند أهل السنَّة خلافًا للمعتزلة الذين يمنعون العمل بخبر الواحد في الاعتقاد ولا يوجبون إلاَّ ما يفيد القطع.

• ثالثًا: أمَّا بالنسبة لأثر ابن عبَّاسٍ في الكحل والخاتم والسوار والخضاب فهو واردٌ في التفسير، ويغني عنه أثر ابن عبَّاسٍ الصحيح في تفسير الزينة الظاهرة بالوجه والكفَّين. انظر «الردَّ المفحم» للألباني (١٣١).

• رابعًا: أمَّا القول بأننا نطعن في مشايخ الدعوة السلفية ونزهِّد في الجرح والتعديل فهذا محض افتراءٍ تكذِّبه المقالات والفتاوى المبثوثة في موقعي الرسمي، كما أنَّ عموم مشايخ الدعوة تجمعني وإيَّاهم علاقاتُ تواصلٍ ومحبَّةٍ، ولله الحمد أوَّلاً وأخيرًا.

• خامسًا: المستمسك بالدليل سواءً من جهة النصِّ أو الاعتبار لا يُنسب إليه الشذوذ كما أوضحتُه في فتوى رقم (٤٥٩) «في الشذوذ في الفقه»، وكل الفتاوى المذكورة في كلام المنتقد لا تخلو من هذا المعنى، والعلماء يختلفون فيها، ولا يلزم لأهل النظر التقليدُ فيما يرونه بالنظر والاعتبار.

هذا، وأنا مستعدٌّ في بيان المسائل المبثوثة في السؤال العالقة في الأذهان وحوار مقفلاتها مع من يريد الحقَّ ويسعى إليه، كما أنني على أتمِّ استعدادٍ في الرجوع عن أيِّ فتوى جانبتُ فيها الصواب.

• ويرجى مراجعة هذه الفتاوى على الموقع ليكون المرء على بيِّنةٍ من أمره، هدانا الله إلى أقوم صراط وجنَّبنا الغلوَّ في الدين وتقديس النفس والرجال وملاحقة أهل التقوى والدين باللمز والطعن والتهوين والبهتان.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ملاحظة: مواضع التعديل على الترجمة موجودة على الروابط التالية:

١- من التغيرات السياسية والتحولات الدينية

٢- والذين تأثَّروا بدعوته كالأمير الصنعاني

٣- التراجم

إدارة الموقع
الجزائر في:
الأربعاء ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٣
الموافق لـ: ١٦ مارس ٢٠١٢م.

 

توضيح ما أشكل في كلمة شهرية

 

رقم الرسالة: ١٢٣٩٤.

التاريخ: الأربعاء ٣٠ جمادى الثانية ١٤٣٢ ﻫ /  ٠١ جوان ٢٠١١م.

الاسم: أبو عبد الله.

البلد: الجزائر.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إنَّ كلمتكم الشهرية «التلازم الحقيقي بين الطائفة المنصورة وعملها الجهادي» وقع فيها لبسٌ على بعض المفاهيم في مسألة الجهاد بالنفس والمال واللسان أنه إنما يقع مع الجهاد باليد، ولم نجد في هذه الجزئية التفصيل المعهود منكم.

كما وقعت بعض العبارات التي ذكرتم فيها أنها من شروط الجهاد، وهي ليست شرطا بالمعنى الأدق، فهل تقصدون بذلك شرط وجوب في الجهاد، أو شرطا لكماله؟ وقد انجر عنها إشكالات يرجى منكم توضيحها وحلّها.

 

جواب الإدارة:

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على خير الأنام، أما بعد:

فقد راجع الشيخ أبو عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله- الكلمة الشهرية، وتبيّن له أنه ينبغي أن يعاد في صيغتها وعباراتها ما يزيل الإلباس ويحقق المعنى المراد من هذه الكلمة، وقد أنجز ذلك -جزاه الله خيرا- وستجده من خلال هذا الرابط:

http://www.ferkous.com/home/?q=art-mois-54

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

إدارة الموقع
الجزائر في:
الأربعاء ٣٠ جمادى الثانية ١٤٣٢ ﻫ
الموافق لـ: ٠١ جوان ٢٠١١م.

 



تنبيه حول خدمة الـ RSS

 

رقم الرسالة:١٠٩٨٢

التاريخ: الأحد ١١ ربيع الأول ١٤٣٢ هـ /  ١٤ فبراير ٢٠١١ م

الاسم: رضوان

البلد: الجزائر (العاصمة)

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد، فاني أعلمكم جميعا يا إخوان أني أحبكم في الله، من الشيخ حفظه الله إلى آخر موظف يشرف على الموقع و الدعوة السلفية المباركة، إلا أني فقط أريد التنبيه على أن خدمة الـ RSS لا تعمل على INTERNET EXPLORER ٨ إنما تعمل فقط على Mozilla Firefox و الله الموفق.

 

جواب الإدارة:

الجواب:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:

فمن تباشير الخير أن تجد إدارة الموقع من زوارها الكرام تتبعا لما تنشره من خدمات إلكترونية تقصد من خلالها سرعة اطلاع الزوار على جديد المواد المدرجة بالموقع، وقد تلقت الإدارة التنبيه في المراسلة وكلها عزم على توفير الخدمة في المتصفح المشار إليه. وقد تم ذلك ولله الحمد والمنة.

والشكر موصول للمراسل الكريم ولكل من يضع الثقة في إدارة الموقع بتعاونه وانتقاداته البناءة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

إدارة الموقعالجزائر في: ١ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـالموافق لـ: ٠٦ مارس ٢٠١١ م

 



جواب الإدارة على من استشكل فتوى «تشييخ الحدث»

 

التاريخ: ١٧ جمادى الثانية ١٤٣٠ﻫ الموافق ﻟ: ١١ جوان ٢٠٠٩م

الاسم: أبو الحسن

البلد: الجزائر (العاصمة)

 

السلام عليكم ورحمة الله..... وبعد:

لقد أشكل عليّ جواب فضيلتكم حول مسألة إطلاق لقب «الشيخ» وفق المعيار والاصطلاح الذي حددتم به هذه اللفظة، فيا ترى كيف ننادي أئمة المساجد ومعلمي القرآن الكريم ممن لم يبلغوا سن الخمسين؟  ويا ترى كيف كان يحب فضيلتكم أن ينادى به قبل خمس سنين؟؟؟

 

جواب الإدارة:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

ففتوى الشيخ أبي عبد المعز -حفظه الله- عن تشييخ الحدث كانت منصبةً عن ظاهرة منتشرة وبخاصة في مجتمعاتنا الجزائرية من إطلاق وصف الشيخ على كل من تصدّر للتدريس وإن كانت بضاعته في العلم مزجاة، بل وصل الحد إلى إطلاق وصف الشيخ على كل من لبس عباءة وأرخى لحية ولو كان رأسا في الضلالة والبدعة، ومن ثمّ كانت فتوى الشيخ -حفظه الله- موضحة بأن وصف الشيخ لقب علمي كالمحدث والفقيه والحاكم وغيرها لا تطلق إلاّ على من كان أهلا لها ولا ينبغي أن تمنح  جزافا.

كما أشار -حفظه الله- إلى أنّ وصف الشيخ إن كان مقيّدا من غير تعميم فلا بأس بذلك، كشيخ القبيلة، أو كشيخ المسجد، ويكون بذلك موضحا لمنصب إداري لا لمرتبة علمية شرعية.

هذا، ونلفت نظر المراسل الكريم أن الشيخ أبا عبد المعز -حفظه الله- يناهز في عمره الستين وقبل خمس سنوات كان مستحقا للقب الشيخ سنا وعلما.

 سائلين الله لنا ولكم حسن العلم وخير العمل والله الموفق للصواب

 

الجزائر في: ٢٧ جمادى الثانية ١٤٣٠

الموافق ﻟ: ٢١ جوان ٢٠٠٩م

 

إدارة الموقع

 



جواب إدارة الموقع
في التفريق بين حقيقة أصول الجماعات الإسلامية وأفرادها

 

التاريخ: ١ شوال ١٤٢٩ﻫ الموافق ﻟ: ٠٢أكتوبر ٢٠٠٨م

الاسم: عبد المنعم.

البلد: خنشلة.

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شيخنا العزيز محمَّد اطلعت على فتواكم فيما يخصُّ جماعة التبليغ وأيضًا ردود الإخوة على من انتقد فتواكم. ولكن شيخنا المتأمّل في حالة جماعة التبليغ وتفرعاتها في البلدان يجد هناك مباينة كبيرة في منهجها بين متصوّف قبوري إلى مبتدع خرافي... ولكن ليس هذا فحسب بل هناك منهم كما ذكر العلامة ابن جبرين أناس درسوا في الجامعات الإسلامية في المملكة وليس لهم علاقة لا بالتصوف ولا غير ذلك من البدع والأهواء. بل هم على عقيدة سلفية ومنهج سلفي ولكن انظموا إلى جماعة التبليغ من أجل أن يقوموا بمسار تصحيحي للجماعة وأيضًا ليسهل عليهم الطريق للدعوة.

وما أحسن ما قاله العلامة عبد الكريم الخضير في شرح البيقونية عندما تكلَّم في جماعة الإخوان فقال بمعنى كلامه: «أنَّ الجماعة لا تلزم أحدًا بمنهج معيَّن وعليهم فمبتدعهم مبتدع وسلفيهم سلفي، يعني كل يعامل بحسبه ولا يبدعون على الإطلاق ولا نزكيهم أيضًا على الإطلاق».

والله شيخنا أحبك في الله ولكن لا أحب مثل هاته التعميمات الجائرة في حق الجماعات المنتسبة للدعوة.

أرجو أن تراجع نفسك شيخنا الحبيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جواب الإدارة:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، أمَّا بعد:

فكلام الشيخ أبي عبد المعزِّ -حفظه الله- عن جماعة التبليغ كان منصبًّا عن حكم الجماعة من حيث تأسيسها ومؤسِّسها الذي كان صوفيًّا، وعن معتقداتها المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة، وعن البدع التي تحويها، وكونها تسكت عن الشِّرك الذي حاربه الأنبياء جميعًا، بل تُقِرُّه وتنكر عمَّن ينكر عليهم، ولا شكَّ أنَّ الانخراط في جماعةٍ هذه أُسُسُها ومنهجها يُعَدُّ مخالفةً صريحةً لمنهج أهل السُّنَّة والجماعة، وأمَّا ما نقلته عن الشيخين الفاضلين فهو عن حكم أفراد تلك الجماعة، والشأن في ذلك كشأن كلام شيخ الإسلام ابن القيم ‑رحمه الله‑ عن الشيعة حيث يقول: «الوجه التاسع: إنَّ فقهاء الإمامية مِن أولهم إلى آخرهم ينقلون عن أهل البيت أنه لا يقع الطلاق المحلوف به وهذا متواتر عندهم عن جعفر بن محمَّد وغيره من أهل البيت، وهب أنَّ مكابرًا كذبهم كلهم، وقال: قد تواطئوا على الكذب عن أهل البيت، ففي القوم فقهاء وأصحاب علم ونظر في اجتهاد، وإن كانوا مخطئين مبتدعين في أمر الصحابة فلا يوجب ذلك الحكم عليهم كلّهم بالكذب والجهل، وقد روى أصحاب الصحيح عن جماعة من الشيعة، وحملوا حديثهم واحتجّ به المسلمون، ولم يزل الفقهاء ينقلون خلافهم ويبحثون معهم، والقوم وإن أخطأوا في بعض المواضع لم يلزم من ذلك أن يكون جميع ما قالوه خطأ حتى يردّ عليهم، هذا لو انفردوا بذلك عن الأُمَّة، فكيف وقد وافقوا في قولهم من قد حكينا قولهم وغيره ممَّن لم تقف على قوله» [«الصواعق المرسلة»: (٢/ ٦١٦)].

فهل يقول عاقلٌ إنَّ ابن القيم ‑رحمه الله‑ يزكي الشيعة؟ أو لم يحذِّر منهم؟ وإنما الحكم عليهم أفرادًا يختلف عن الحكم عن أصول وعقائد الجماعة.

وصَلَّى اللهُ على نبيِّه وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

 

الجزائر في: ١٥ جمادى الأولى ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٠ ماي ٢٠٠٩م

إدارة الموقع

 



جواب إدارة الموقع عمّن اتهم الشيخ الألباني -رحمه الله-
بالتناقض في حكمه على الأحاديث

 

التاريخ: ١٢ شوال ١٤٢٩هـ الموافق ﻟ: ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨م

الاسم: الغماري.

البلد: وهران.

 

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

لي بعض الملاحظات أرجو أن تفيدونا بالنصح

هناك شيخ اسمه «السقاف» رد على «الألباني» الذي يعتبره السلفية مرجعا في الحديث، في عدة كتب من أشهرها «تناقضات الألبانى الواضحات» وقد وقفت عند هذا الكتاب وتتبعت ما فيه فوجدت حقيقة هذه التناقضات موجودة، فإذا كانت هذه حقيقة هل غابت عنكم يا من تدّعون المشيخة وعلمكم بالكتاب والسنة، أم تحسبون الناس لا يعلمون؟ اتقوا الله وتوبوا.

أنتظر الرد على البريد الإلكتروني، وأنا مستعد للمناظرة إذا سمح لكم الوقت.

 

جواب الإدارة:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

 فالسقاف لا يعرف بعلم العلماء الراسخين في مواطن الشبه ولا بوزن أهل الحديث المتشبعين بالسنن والآثار، ولا بقوة ودقة فهم معاني الكتاب والسنة ولا يجري قلمه بآثار الصحابة وغيرهم، فطعنه كسائر المبغضين للمنهج السلفي والمناوئين والشانئين لا يكون من ناصح أمين، وقد بيّن أهل الرشاد والسداد خطأ السقاف في تصديه وطعنه ومنطقه، وقد قيل إن من تكلّم في غير فنه أتى بالعجائب.

والدارس لمنهج السقاف في نقده يجد أنه ينتهج نهج المبتدعة حيث يورد ما يوافق معتقده الفاسد ولو كان ضعيفًا، ويردّ كل ما خالفه ولو كان صحيحًا اتفق عليه سائر أهل الصنعة.

وعلى تقدير صحة بعض ما طعن فيه ولمز فإن الشيخ الألباني –رحمه الله- محدث العصر، ومن أشد العلماء الذابين عن السنة النبوية المطهرة، وقد كان له الفضل في بيان المنهج السلفي السوي ودعا إلى الانتساب إليه إيمانا واعتقادا وفقها وعبادة وسلوكا وتربية، ومجدد العصر، وهو من أوائل الداعين إلى نبذ التقليد والتزام الدليل، فإن وقع في خطإ فهو كسائر العلماء يصيب ويخطئ، وما حصل له من خطإ أو نقص فلا يهون من عمله المبذول، وجهده في السنة، ودعوته إلى الكتاب والسنة.

هذا، وتتبع أخطاء وعورات من هو أعلم وأكبر منه قدرا وسنا ونشرها في كتاب للطعن فيه -وكثير رجع عنها وينم اعترافه بالخطإ عن شجاعة وخلق وهو محمود عليها- بدل نصحه ومراجعته يدل على تلوث في النفس، ودناءة في التفكير وخساسة في الفهم، ورداءة في الأخلاق، إذ من طبع بعض السلوكات العفنة أنه إذا رأى الفضيلة حاول بجهده وطاقته طمسها، وإذا رأى الخطأ والزلل أبرزه وجعله مطية للطعن واللمز. قال السلف: المؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك ويفضح. قال ابن القيّم رحمه الله: «ومن الناس من طبعُه طبعُ خنزيرٍ، يمرّ بالطيّبات فلا يَلْوي عليها، فإذا قام الإنسانُ من رجيعهِ قَمَّهُ، وهكذا كثير من النّاس يسمعُ منك ويرى من المحاسن أضعافَ المساوئِ فلا يحفَظُها، ولا يَنْقُلُهَا، ولا تُنَاسِبُهُ، فإذا رأى سَقْطَةً، أو كَلِمَةً عَوْرَاءَ، وجد بُغيتَهُ وما يُناسبُها، فجعلها فَاكِهَتَهُ وَنُقْلَهُ»(١).

وادعاء المشيخة كمنصب المتكبرين المستعلين لامِزٍ منقِصٍ هي دعوى، ولم ينقل عن الشيخ ولا غيره ادعاؤها، لكن المناصب العالية هي من مطالب عباد الرحمن الذين يسعون إلى بيان التوحيد والأحكام والدين والإسلام وإرشاد الناس إلى الخيرات المتواصلات، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: ٧٤] فإمامة المتقين مطلب عزٍّ وكمال يتطلع إليها كل داعية بإخلاص وصدق لينال الأجر الوفير عند الله، ولا تتم إلا بالصبر واليقين كما أخبر به تعالى في قوله: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: ٢٤] فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين كما نقل عن ابن تيمية -رحمه الله-.

أما التوبة إلى الله فهي مصدر تنافس بين الأتقياء فهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر ربه أكثر من سبعين مرة مع منصب النبوة الذي كان فيه، فمن باب أولى من استناروا من مشكاة النبوة أن يقتدوا بخير الخلق في التوبة والاستغفار.

وأخيرا فإن كانت هذه الكلمات تبتغي بها النصح لأهل الموقع كافة فجزاك الله خيرا، وإن كانت الأخرى فعزاؤنا أننا بيّنا المبتغى وشرحنا المسعى. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

وصلى الله على نبيه وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

 

الجزائر في: ١٣ ربيع الثاني ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٨ أفريل ٢٠٠٩م

 

١- «مدارج السالكين» لابن القيم: (١/ ٤٣٥).

إدارة الموقع

 



جواب إدارة الموقع في بيان منهج أهل الاعتدال في التيسير الشرعي

 

التاريخ: ٢٢ صفر ١٤٣٠هـ الموافق ﻟ: ١٧ فيفري ٢٠٠٩م

الاسم: موسى م

البلد: الجزائر

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته  وبعد:  

سمعت عنكم أنكم متشددون دون أن أعرفكم و لعل هذا يتأتي عن طريق بعض الأتباع الجهلة للأسف الشديد، فقلت في نفسي: لا يمكن لعالم في مستوى الشيخ يكون كذلك  فمنهج الإسلام كما هو معروف منهج التيسير  فما اختار رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.    

هذه وجهة نظري  أفيدونا حفظكم الله،  والسلام عليكم، ورحمكم الله

 

 

جواب الإدارة:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

 فإن إدارة موقع الشيخ فركوس -حفظه الله- تحيطكم علما بأنكم إن تقصدون بالتيسير رفع الحرج عن الأمة الإسلامية التي كانت واقعة على الأمم السابقة كما في قوله تعالى ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ فهذا تيسير يعتقده الشيخ ويدعو إليه، وأما إن كان المقصود من التيسير تمييع قضايا الشرع ومسايرة أهواء الناس ومتطلباتهم على حساب الدين والشرع فهذا خطأ في فهم شرع الله ويتضمن اتهاما لدين الله ودعاته، وادعاء بأن أدعياء التيسير أعلم بمصالح العباد من الله.

أما المستند الذي أسست عليه دعوى الاختيار فإنما يكون بين أمرين مباحين أو جائزين يختار أيسرهما ما لم يكن أحدهما واجبا والآخر مباحا فيقدم الواجب، لأنه أقوى حكما وأعظم مصلحة، ومن باب أولى يقدم التحريم على المباح، فترك المباح لاجتناب المحرم أولى من العكس، وهذا كله داخل تحت قاعدة: «المشقة تجلب التيسير».

كما نلفت انتباه المراسل الكريم إلى أنه لا ينبغي مؤاخذة الناس بأخطاء غيرهم من أمثال من وصفتهم بالأتباع الجهلة  -إن كانوا كذلك- ولا يستقيم مع العدل المأمور به في الأحكام والأقوال مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [الأنعام: ١٥٢]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: ٥٨]

ويمكنكم لمعرفة منهج الشيخ وما يدعو إليه الاطلاع على ما كتبه الشيخ أبو عبد المعز محمّد علي فركوس حفظه الله تعالى على موقعه الرسمي:

 www.ferkous.com  مثـل: 

«السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد»، وهذا رابط الكلمة:  http:/ / www.ferkous.com/ rep/ M٢٢.php

 

«نقد وتوضيـح في تحديد أهل الإصلاح وسبب تفرّق الأمة»، وهذا رابط الكلمة: http:/ / www.ferkous.com/ rep/ M٢١.php

 

«منزلة الأخلاق في الإسلام» وهذا رابط الكلمة:

 http:/ / www.ferkous.com/ rep/ M٤.php

 

«مَكمنُ عِزِّ الداعية وجوالبُ مَحبَّتِهِ» وهذا رابط الكلمة:

 http:/ / www.ferkous.com/ rep/ M٢٦.php

 

وصلَّى الله على نبيه وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

  

الجزائر في: ٢٣ صفر ١٤٣٠هـ

الموافق ﻟ: ١٨ فيفري ٢٠٠٩م

إدارة الموقع

 

جواب على منتقد فتوى
الشيخ أبي عبد المعز محمَّد علي فركوس حفظه الله تعالى
 الموسومة بعنوان:
في تحقيق تأويل ابن عبَّاس رضي الله عنهما لصفة «الساق»
في الآية: ﴿يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ[القلم: ٤٢]

لقد اطلعت إدارة الموقع على ما نشر في أحد المنتديات، استشكال أحد المشاركين فيه عن فتوى الشيخ المذكورة أعلاه، ووجهه أنّ القرطبي: «بيَّن في تفسيره للآية الكريمة أنَّه لا يقصد إثبات الأعضاء لله تعالى»، فأجابه أحدهم بنص الانتقاد الآتي:

«هذا الوهابي المدَّعي بالمشيخة لا حياء له بحيث يتهم سيدنا عبد الله بن عباس بالاعتزال لقوله: «كانت الآية في هذه الحالة من جملة آيات الصفات التي يجب إثباتها من غير تأويلها بشدَّة الهول وعظم الأمر خلافًا للمعطِّلة الذين حَمَلوا الآية على شدَّة الأمر».

والشخص الذي طرح له السؤال أحرجه بنقله تأويل ابن عباس لهذه الآية ويطلب منه رأيه، هذا الوهابي على عادته يفر بقوله: هذا معنى لغوي، وإنما المعنى الصحيح أنّ لله ساقًا نثبته.

نسأل الله أن يعافينا من هؤلاء الوهابيين الذين ينسبون أعضاءً لله.

هؤلاء الناس لا يتراجعون أمام أي شيء لبث سمومهم حتى أمام كلمة عالم كابن حجر أو النووي أو البيهقي أو السيوطي، حتى أمام كلام صحابي كما هو الحال هنا لابن عباس.

حسبنا الله ونعم الوكيل».

جواب الإدارة:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقد اعترض نكرةٌ على فتوى شيخِنا أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله تعالى ـ في تحقيق ما نُسب إلى ابن عباسٍ رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: ﴿يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ[القلم: ٤٢]، بأنه شدة الأمر والهول، وقرَّر المعترض نفي هذه الصفة عن الله تعالى، ووصف المثبِتَ لها بالانحراف، وأنَّ الشيخ الوهابي ليست له الأهلية لتقويم سيِّدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كعادة الوهابيِّين الذين يقولون: إنَّ لله حقيقة ساقًا، ثمَّ دعا الله تعالى أن يحفظه من الوهابيِّين الذين ينشرون سمومهم.

هذا، ومِن مُنطلَق العدلِ المأمورِ به في كلِّ أحدٍ صديقًا أو عدوًّا في قوله تعالى: ﴿‌يَٰٓأَيُّهَا ‌ٱلَّذِينَ ‌ءَامَنُواْ ‌كُونُواْ ‌قَوَّٰمِينَ ‌لِلَّهِ ‌شُهَدَآءَ ‌بِٱلۡقِسۡطِۖ ‌وَلَا ‌يَجۡرِمَنَّكُمۡ ‌شَنَـَٔانُ ‌قَوۡمٍ ‌عَلَىٰٓ ‌أَلَّا ‌تَعۡدِلُواْۚ ‌ٱعۡدِلُواْ ‌هُوَ ‌أَقۡرَبُ ‌لِلتَّقۡوَىٰۖ ‌وَٱتَّقُواْ ‌ٱللَّهَۚ ‌إِنَّ ‌ٱللَّهَ ‌خَبِيرُۢ ‌بِمَا ‌تَعۡمَلُونَ ٨[المائدة: ٨]، ومن مبدأ وجوه الإنصاف الذي هو غاية العدل في المناظرة، وهو أنه من أتى ببرهان ظاهر وجب الانصراف إلى قوله الذي يشهد له قوله تعالى: ﴿قُلۡ فَأۡتُواْ ‌بِكِتَٰبٖ ‌مِّنۡ ‌عِندِ ‌ٱللَّهِ ‌هُوَ ‌أَهۡدَىٰ ‌مِنۡهُمَآ ‌أَتَّبِعۡهُ ‌إِن ‌كُنتُمۡ ‌صَٰدِقِينَ ٤٩ فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٥٠[القَصص]، لذلك كان للإدارة جواب يظهر فحواه في المقامات التالية:

المقام الأول:

ينبغي على من ينتقد غيرَه أن يسلك سبيلَ الأدب، وأن يقدّم على جدله تقوى الله عزّ وجلّ ليَزْكُوَ نظره، وأن يجتنب التهويل الذي ليس وراءَه تحصيلٌ، فإنَّ الحقَّ لا يُنصرُ بالسِّباب والشتم، ولا بالنَّبْزِ واللَّمْزِ، وإنما بالحُجج والبراهين، كما قال ابنُ جريرٍ الطبريُّ: «فأمَّا الدعاوي فلا تتعذّر على أحد..» [«جامع البيان» (٦/ ١٧)]، وقال السخاوي: «وقد روينا عن المُزني قال: سمعني الشافعي يومًا وأنا أقول: «فلان كذاب»، فقال لي: يا إبراهيم أكسُ ألفاظَك أحسنها، لا تقل: كذَّاب، ولكن قل: حديثُه ليس بشيء» [«الإعلان بالتوبيخ» للسخاوي (٦٩)]، وأن يصلح منطقه ويهذّبه، فيجتنب الفحش في الخطاب، والتقعير في الكلام، والوحشي من الألفاظ، فإنه لا يضيف إلى الحجّة قوة ولا إلى الكلام حلاوة، بل يورث البلادة، ويقطع مادة الفهم والخاطر، وقد تنازع الأصمعي والمفضَّل يومًا في بيتٍ من الشعر، فرفع المفضَّل صوتَه، فقال له الأصمعي: «لو نفخت في الشّبور ـ أي: البوق ـ لم ينفعك، تكلَّم كلام النمل وأصب» [«الروض الأنف» للسهيلي: (١/ ٢٤٠)]، وقال أبو الوليد الباجي: «ويجتنب إظهار العجب من كلام خصمه، والتشنيع عليه في جداله، فإنّ ذلك يفعله الضعفاء، ومن لا إنصاف عنده» [«المنهاج في ترتيب الحجاج» (١٠)]، وقال أبو محمّد ابن حزم: «ولا تحقر أحدًا حتى تعرف ما عنده، فربما فاجأك منه ما لم تحتسب، وليس ذلك إلاّ من فِعل أهل النُّوك(١) الذين لا يحصِّلون» [«التقريب لحد المنطق» (١٩٦)].

وبعد هذا، فرمي المعترض مَن يُثبت الصفاتِ لله تعالى على الوجه اللائق به بالوهابية «شِنْشِنَةٌ أعرفها مِن أَخْزَمَ»(٢)، فإنَّ شيخ الإسلام محمَّد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ لم يأت بشيءٍ جديدٍ، وإنَّما جدَّد للناس ما اندثر من معالم الدِّين، كما قال العلاَّمة مبارك الميلي عن شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأمَّا ابن تيمية فلم يبتدع ضلالةً، وإنما أحيا السُّنَّة، ودعا إلى الهُدى، واجتهد في النُّصح، وليست الدعوة إلى التوحيد بمذهبٍ خاصٍّ، ولكنّه دين الله العام» [«الشرك ومظاهره» (٩٧)].

فما قرَّره الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب في مسائل التوحيد هو الإسلام الصحيح الذي بعث به محمَّد بن عبد الله صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ولم يبتدع للأمَّة دينًا جديدًا حتى تخصَّص دعوته باسمٍ خاصٍّ، [انظر: «فتاوى محمَّد بن إبراهيم»: (١/ ٧)]؛ قال أبو عبد المعز محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله تعالى ـ: «أمَّا لفظة «الوهابية» فهي من إطلاق خصوم دعوة الحقّ من أهل الأهواء والبدع يريدون بذلك نبزَ الشيخِ محمّد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ والتنقّص من دعوته الإصلاحية إلى تجريد التوحيد من الشركيات، ونبذ جميع السبل إلاّ سبيل محمّد صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وما دعوته ـ رحمه الله ـ إلاّ امتداد لدعوة المتبعين لمحمّد صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من السلف الصالح ومن سار على نهجهم من أهل السنّة والجماعة، التي لا تخرج عن أصولهم ولا على مسلكهم في الدعوة إلى الله بالحجّة والبرهان قال تعالى: ﴿‌قُلۡ ‌هَٰذِهِۦ ‌سَبِيلِيٓ ‌أَدۡعُوٓاْ ‌إِلَى ‌ٱللَّهِۚ ‌عَلَىٰ ‌بَصِيرَةٍ ‌أَنَا۠ ‌وَمَنِ ‌ٱتَّبَعَنِيۖ ‌وَسُبۡحَٰنَ ‌ٱللَّهِ ‌وَمَآ ‌أَنَا۠ ‌مِنَ ‌ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨[يوسف]، وقد كانت دعوتُه ودعوةُ أئمّةِ الهدى والدِّين قائمةً على محاربة البدعِ والتعصّبِ المذهبيِّ والتفرّقِ، وعلى منع وقوعِ الفتن بين المذاهب والانتصار لها بالأحاديث الضعيفة والآراء الفاسدة، وترك ما صحّ عن النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من السُّنن والآثار، كما حاربت دعوته تَنْزيل الإمام المتبوع في أتباعه مَنْزلة النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أُمَّته، والإعراض عن الوحي والاستغناء عنه بأقوال الرجال، فمثل هذا الالتزام بمذهب واحد اتخِذَ سبيلاً لجعل المذهب دعوة يُدعى إليها يوالى ويعادى عليها، الأمر الذي أدّى إلى الخروج عن جماعة المسلمين، وتفريق صفّهم، وتشتيتِ وحدتهم، وقد حصل بسبب ذلك تسليط الأعداء عليهم واستحلال بيضتهم، فأهل السُّنَّة والجماعة إنما يدعون إلى التمسّك بوصية رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المتمثّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة وما اتفقت عليه الأُمَّة، فهذه أصول معصومة دون ما سواها، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا أَوْ عَمِلْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ، وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»(٣)، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي: عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»(٤).

إنّ استصغار أهلِ السُّنَّة والجماعة والتنقصَ من قدرهم بنبزهم «بالوهابية» تارة، و«بعلماء البَلاط» تارة، و«بالحشوية» تارة، و«بأصحاب حواشٍ وفروع» تارة، وﺑ «علماء الحيض والنفاس» تارة، وﺑ «جهلة فقه الواقع» تارة، وﺑ «تَلَفِيُّون أتباع ذنب بغلة السلطان» تارة، وﺑ «العُملاء» تارة، وﺑ «علماء السلاطين»، ما هي إلاّ سُنَّة المبطلين الطاعنين في أهل السُّنَّة السلفيين، ولا تزال سلسلة الفساد متصلة لا تنقطع يجترُّها المرضى بفساد الاعتقاد، يطلقون عباراتهم الفَجَّة في حقّ أهل السُّنَّة والجماعة، ويلصقون التهم الكاذبة بأهل الهدى والبصيرة، لإبعاد الناس عن دعوتهم، وتنفيرهم عنها وصدِّهم عمّا دعوا إليه، والنظر إليهم بعين الاحتقار والسخط والاستصغار، وهذا ليس بغريب ولا بعيد على أهل الباطل في التجاسر على العلماء وما يحملونه من علم ودين باللمز والغمز والتنقّص، فقد طُعن في النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بألقاب كاذبة ووصف بأوصاف خاطئة، قال تعالى: ﴿‌كَذَٰلِكَ ‌مَآ ‌أَتَى ‌ٱلَّذِينَ ‌مِن ‌قَبۡلِهِم ‌مِّن ‌رَّسُولٍ ‌إِلَّا ‌قَالُواْ ‌سَاحِرٌ ‌أَوۡ ‌مَجۡنُونٌ ٥٢ أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ ٥٣[الذاريات]، وقد جاء هذا الخُلُق الذميم على لسان رجلٍ من الخوارج في قوله للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «اعْدِلْ»(٥)، وقال آخر منهم لعثمان رضي الله عنه عندما دخل عليه ليقتله: «نعثل»(٦). قال: الشاطبي: «ورُوِي أنَّ زعيمًا من زعماء أهلِ البدعِ كان يريد تفضيلَ الكلام على الفِقه، فكان يقول: إنَّ عِلم الشافعيِّ وأبي حنيفةَ جُملته لا يخرج من سراويل امرأة» فعلّق عليه قائلاً: «هذا كلامُ هؤلاء الزائغين، قاتلهم الله»(٧). والطعن في ورثة الأنبياء بريد المروق من الدِّين، ﴿‌فَلۡيَحۡذَرِ ‌ٱلَّذِينَ ‌يُخَالِفُونَ ‌عَنۡ ‌أَمۡرِهِۦٓ ‌أَن ‌تُصِيبَهُمۡ ‌فِتۡنَةٌ ‌أَوۡ ‌يُصِيبَهُمۡ ‌عَذَابٌ ‌أَلِيمٌ ٦٣[النور: ٦٣]، ومتى وُجدت أُمّةٌ ترمي علماءَها وصفوتَهَا بالجهل والتنقّص فاعلم أنهم على بابِ فتنةٍ وهَلَكةٍ، وأيّ سعادة تدخل على أعداء الإسلام بمثل هذا الأذى والبهتان» [«الإصلاح النفسي للفرد» (٤٩ ـ ٥٦)].

المقام الثاني:

لا يلزم من إثبات الصفات لله تعالى على الوجه اللائق به تشبيه ولا تمثيل، وإنما ذلك وَهْمٌ دائرٌ في خلد الممثِّلة والمعطِّلة، أمَّا الممثلة فتشبيههم ظاهر، وأمَّا المعطِّلة فما جنحوا إلى التعطيل إلاَّ بعد أن تلوثت أذهانهم بمرض التشبيه، وأمَّا أهل السُّنَّة فهداهم الله لما اختلف فيه من الحقِّ بإذنه، فجمعوا بين الإثبات والتَّنْزِيه، وصانهم الله تعالى من وصمة التمثيل والتعطيل، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿‌لَيۡسَ ‌كَمِثۡلِهِۦ ‌شَيۡءٞۖ ‌وَهُوَ ‌ٱلسَّمِيعُ ‌ٱلۡبَصِيرُ ١١[الشورى].

قال نعيم بن حماد: «من شبَّه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف اللهُ به نفسَه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسَه ولا رسوله تشبيهًا» [انظر: «العلو» (٢/ ١٠٩٣) و«السير» (١٠/ ٦١٠ ـ ٦١١) كلاهما للذهبي].

فكلُّ ما ورد به الكتاب والسُّنَّة من صفات الله تعالى فهو حقٌّ على الوجه اللائق به، ويسهل على المعترض فهم ذلك إذا أنعم النظر في أربع قواعد:

القاعدة الأولى: إنَّ الاتفاق في الأسماء لا يقضي التماثل في المسمَّيات، وسبب انحراف المشبِّهة والمُعطِّلة هو عدم تمييزهم بين القَدْرِ المشترك بين صفات الخالق والمخلوق، والقدر المميِّز بينها، فظنُّوا أنَّ الاتفاق في اللفظ والمعنى العامّ يقتضي المماثلة والاتفاق في الكيفية، [انظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (٢/ ١٩٩ ـ ١٢٠، ٢٠٤)، «بدائع الفوائد» لابن القيم (٢/ ٣٩٥)].

القاعدة الثانية: إنَّ القول في الصفات كالقول في الذات، فإذا كان المعترِض يثبت لله ذاتًا تليق بجلاله وكماله، ويثبت للمخلوق ذاتًا تليق بضعفه وعجزه، فكذلك القول بالنسبة للصفات.

القاعدة الثالثة: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.

فإذا كان المعترض لا يستشكل إثبات الحياة والقدرة ـ مثلاً ـ لله تعالى مع أنَّ المخلوق له حياةٌ وقدرة تليقان بعجزه وضعفه، ولم يجعل ذلك مانعًا من إثبات الحياة والقدرة لله تعالى على وجه الحقيقة، فلِمَ يستوحش من صفة الساق التي ورد النصُّ الصحيح بإثباتها؟

فما أورده من لوازم لنفي صفة الساق يلزم مثله، ونظيره فيما أثبته من الصفات ولا سبيل له إلى التفريق بينهما تفريقًا صحيحًا؛ لأنه من قبيل التفريق بين المتماثلات.

القاعدة الرابعة: يجب الاقتصار على ألفاظ الكتاب والسُّنَّة وترك الألفاظ المجملة الموهمة؛ لأنها تحتمل حقًّا وباطلاً، وليس لها ضابطٌ يضبطها، بل كلُّ طائفة تستعملها لتأييد اعتقادها، فلا يجوز اتخاذ الألفاظ المجملة تُكَأَةً لنفيِ وتأويلِ ما ثبت بالكتاب أو السنة من الصفات.

فالسلف ـ كما قال ابن تيمية ـ: «كانوا يراعون لفظ القرآن والحديث فيما يثبتونه وينفونه في الله وصفاته وأفعاله، ولا يأتون بلفظٍ مبتدع في النفي والإثبات، بل كلّ معنى صحيح فإنه داخل فيما أخبر به الرسول صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم» [«شرح حديث النُّزُول» (٧١)].

وبهذا يتبيَّن أنَّ قول المعترض عن القرطبي: «بيَّن في تفسيره للآية الكريمة أنَّه لا يقصد إثبات الأعضاء لله تعالى»اﻫ. داخل في عدم مراعاة هذه القاعدة.

ومن هذا القبيل ما نقله ابن حجر عن الحافظ الإسماعيلي في ترجيحه للفظة: «يكشف عن ساق» على لفظة «عن ساقه»: «هذه أصحُّ لموافقتها لفظ القرآن في الجملة، لا يظن أنَّ الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين» [«الفتح» لابن حجر (٨/ ٦٦٤)].

فمن التزم ألفاظَ الكتاب والسُّنَّة، واجتنب الألفاظَ المجملةَ الموهمةَ سَلِمَ من أمثال هذه المخالفات.

المقام الثالث: إنَّ مِن أهل العلم من ضعَّف ما ورد عن ابن عباس من تفسير الآية بشدَّة الأمر والهَوْلِ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والرواية في ذلك عن ابن عباس ساقطة الإسناد» [«الردُّ على البكري» (٢٩٣)].

المقام الرابع: إنه ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ هذه الآية: ﴿يَوۡمَ تكۡشفُ عَن سَاقٖ﴾ بالتاء المثناة الفوقية من «تكشف».

وإذا كان كذلك فلا إشكال في تفسيرها بالشِّدة والكرب كما هو ظاهر، قال ابن جرير: «وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: «يوم تكشف عن ساق»، بمعنى: تكشف القيامة عن شدَّة شديدة» [«جامع البيان» لابن جرير (٢٩/ ٤٢)، وانظر: «معاني القرآن» للفرّاء (٣/ ١٧٧)].

المقام الخامس: على فرض ثبوت هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما، فليس من باب التأويل لصفة من صفات الله تعالى؛ لأنَّ كلمة «الساق» في الآية نكرةٌ غير مضافة إلى الله تعالى، فلا يلزم من تفسير «الساق» في الآية بالشدَّة تفسيرها كذلك إذا وردت مضافة إلى الله تعالى، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند البخاري (٤٩١٩) بلفظ: «يكشف ربُّنا عن ساقه»، وهذا المعنى الذي قرّره الشيخ محمّد علي فركوس في فتواه.

قال القاضي أبو يعلى: «والذي رُوي عن ابن عباس والحسن فالكلام عليه من وجهين: أحدهما: أنه يحتمل أن يكون هذا التفسير منهما على مقتضى اللغة، وأنَّ الساق في اللغة هو الشِّدَّة، ولم يقصدَا بذلك تفسيره في صفات الله تعالى بموجب الشرع، والثاني: أنه يعارض ما قاله قول عبد الله بن مسعود...» [«إبطال التأويلات» للقاضي أبي يعلى (١/ ١٦٠)].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى؛ لأنه قال: «يوم يكشف عن ساق»، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقًا منكَّرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرَّده لا يدلُّ على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسِّر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرَّج في الصحيحين الذي قال فيه: «فيكشف الرب عن ساقه»» [«بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٤٧٣)، وانظر: «مجموع الفتاوى» (٦/ ٣٩٤ ـ ٣٩٥) كلاهما لابن تيمية].

المقام السادس: إنه قد ثبت عن طائفة من السلف كأبي سعيد الخدري وابن مسعود تفسير «الساق» في الآية بساق الله تعالى. [انظر: «إبطال التأويلات» لأبي يعلى (١/ ١٦٠ ـ ١٦١)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٦/ ٣٩٤)].

وتفسير الآية بذلك أولى موافقة لحديث أبي سعيد عند البخاري.

قال ابن القيم: «ومن حمل الآية على ذلك، [أي: على أنها من آيات الصفات] قال: قوله تعالى: ﴿‌يَوۡمَ ‌يُكۡشَفُ ‌عَن ‌سَاقٖ﴾ مطابق لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فيكشف عن ساقه»، وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة» [«مختصر الصواعق المرسلة» لأحمد الموصلي (١/ ٢٣)].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وقد يقال: إنَّ ظاهر القرآن يدلُّ على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود، والسجود لا يصلح إلاَّ لله، فعلم أنَّه هو الكاشف عن ساقه، وأيضًا فحمل ذلك على الشدة لا يصح؛ لأنَّ المستعمل في الشدة أن يقال: كشف الله الشدة، أي: أزالها كما قال: ﴿‌فَلَمَّا ‌كَشَفۡنَا ‌عَنۡهُمُ ‌ٱلۡعَذَابَ ‌إِذَا ‌هُمۡ ‌يَنكُثُونَ ٥٠[الزخرف]، وقال: ﴿‌فَلَمَّا ‌كَشَفۡنَا ‌عَنۡهُمُ ‌ٱلرِّجۡزَ ‌إِلَىٰٓ ‌أَجَلٍ ‌هُم ‌بَٰلِغُوهُ[الأعراف: ١٣٥]، وقال: ﴿‌وَلَوۡ ‌رَحِمۡنَٰهُمۡ ‌وَكَشَفۡنَا ‌مَا ‌بِهِم ‌مِّن ‌ضُرّٖ ‌لَّلَجُّواْ ‌فِي ‌طُغۡيَٰنِهِمۡ ‌يَعۡمَهُونَ ٧٥[المؤمنون: ٧٥]، وإذا كان المعروف من ذلك في اللغة أنه يقال: كشف الشدّة، أي: أزالها، فلفظ الآية: ﴿يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ﴾، وهذا يراد به الإظهار والإبانة، كما قال: ﴿‌كَشَفۡنَا ‌عَنۡهُمُ﴾، وأيضًا فهناك تحدث الشدَّة لا يُزِيلها، فلا يكشف الشدَّة يوم القيامة، لكنَّ هذا الظاهر ليس ظاهرًا من مجرَّد لفظ ساق، بل بالتركيب والسياق وتدبُّر المعنى المقصود» [«بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٤٧٣ ـ ٤٧٤)، وانظر: «الرَّد على البكري» (٢٩٣) كلاهما لابن تيمية].

فإن قيل: قد رجَّح الحافظ الإسماعيلي في حديث أبي سعيد الخدري روايةَ حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ «يكشف عن ساق» على لفظة عن «ساقه» [انظر: «الفتح» لابن حجر (٨/ ٦٦٤)]، وبذلك يكون لفظ الحديث موافقًا للفظ الآية، أي: ليس فيه إضافة الساق لله تعالى فلا يكون الحديث دالاًّ على الصفة أيضًا!

فالجواب من وجهين:

ـ الأوَّل: أنَّ سياق الحديث دالٌّ على أنَّ المقصود ساق الله تعالى.

قال القاضي أبو يعلى عن تفسير الساق في الحديث بشدَّة الأمر:

«هذا غلط لوجوه:

أحدها: أنَّه قال: «فيتمثَّل لهم الرَّب وقد كشف عن ساقه»، والشدائد لا تسمَّى ربًّا.

والثاني: أنَّهم التمسوه ليتَّبعوه فينجوا من الأهوال والشدائد التي وقع فيها من كان يعبد غيره، وإذا كان كذلك لم يجز أن يلتمسوه على صفة تلحقهم فيها الشدَّة والأهوال.

الثالث: أنَّه قال: «فيخرون سُجَّدًا»، والسجود لا يكون للشدائد، وهذا جواب أبي بكر رأيته في تعاليق أبي إسحاق عنه.

الرابع: إن جاز تأويل هذا على الشدَّة جاز تأويل قوله: «ترون ربَّكم» على رؤية أفعاله وكراماته، وقد امتنع مثبتوا الصفات من ذلك» [«إبطال التأويلات» لأبي يعلى (١/ ١٥٩ ـ ١٦٠)].

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: «وأنا وإن كنت أرى من حيث الرواية أنَّ لفظ: «ساق» أصحُّ من لفظ «ساقه» فإنَّه لا فرق بينهما عندي من حيث الدِّراية؛ لأنَّ سياق الحديث يدلُّ على أنَّ المعنى هو ساق الله تبارك وتعالى، وأصرح الروايات في ذلك رواية هشام عند الحاكم بلفظ: «هَل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق...»، قلت: فهذا صريح أو كالصريح بأنَّ المعنى إنَّما هو ساق ذي الجلالة تبارك وتعالى، فالظاهر أنَّ سعيد بن أبي هلال كان يرويه تارة بالمعنى حيث كان يقول: «عن ساقه»، ولا بأس عليه من ذلك ما دام أنَّه أصاب الحقَّ» [«السلسلة الصحيحة» للألباني (٢/ ١٢٨)].

ـ الوجه الثاني:

أنَّ لحديث أبي سعيد الخدري بلفظ «ساقه» شاهدًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ «فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجودًا، وذلك قول الله تعالى: ﴿‌يَوۡمَ ‌يُكۡشَفُ ‌عَن ‌سَاقٖ ‌وَيُدۡعَوۡنَ ‌إِلَى ‌ٱلسُّجُودِ ‌فَلَا ‌يَسۡتَطِيعُونَ ٤٢[القلم: ٤٢]» [رواه الدارمي في «سننه» (٢/ ٣٢٧) بإسناد جيِّد كما قال العلاَّمة الألباني رحمه الله تعالى في «السلسلة الصحيحة» (٢/ ١٢٩)].

وأخيرًا نختم هذا الردَّ بقول ابنِ بطَّةَ ـ رحمه الله ـ وهو يتحدَّث عن أهل زمانه: «إنهم يناظرون مغالبةً لا مناظرةً، ومكايدةً لا مناصحةً، ولربما ظهر من أفعالهم ما قد كثر وانتشر في كثير من البلدان، فممَّا يظهر من قبيح أفعالهم، وما يبلغ بهم حب الغلبة ونصرة الخطأ أن تحمرَّ وجوههم، وتدر عروقهم، وتنتفخ أوداجهم، ويسيل لعابهم، ويزحف بعضهم إلى بعض، حتى ربما لعن بعضُهم بعضًا، وربما بَزَق بعضُهم على بعض، وربما مدّ أحدهم يده إلى لحية صاحبه، ولقد شهدت حلقة بعض المتصدرين في جامع المنصور فتناظر أهل مجلسه بحضرته فأخرجهم غيظ المناظرة، وحمية المخالفة إلى أن قذف بعضهم زوجةَ صاحبه ووالدتَه، فحسبك ـ بهذه الحال ـ بشاعةً وشناعةً على سفلة الناس وجهالهم» [«الإبانة» (٢/ ٥٨٤)].

وعلى المعترض أن ينظر فيما تقرَّر من الجواب وحُرِّر، بعين الإنصاف والتجرُّد للحقِّ، وابتغاء الرشد، فإن العناد والشغب والعيب لا يُغني من الحقِّ شيئًا، قال المتنبي:

وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا * وَآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقِيـمِ

وَلَكِنْ تَأْخُذُ الأَذْهَانُ مِنْهُ * عَلَى قَدْرِ القَرَائِحِ والفُهُومِ

وعليه أن لا يعترض على الحق بعد ظهوره، ولا يُشهِرَ رُمحَه على أهل السُّنَّة المتمسِّكين بها غير مبالٍ بهم، فإنَّ أهل الحقِّ فيهم رماح يصدون بها أهل الباطل.

جَاءَ شَقِيقٌ عَارِضًا رُمْحَهُ * إِنَّ بَنِي عَمِّكَ فِيهِمْ رِمَـاحْ

نسأل اللهَ الكريم أن يُريَنا الحقَّ حقًّا ويرزقَنا اتباعَه، ويُريَنا الباطلَ باطلاً ويرزقَنا اجتنابَه، قال تعالى: ﴿فَبَشِّرۡ عِبَادِ ١٧ ‌ٱلَّذِينَ ‌يَسۡتَمِعُونَ ‌ٱلۡقَوۡلَ ‌فَيَتَّبِعُونَ ‌أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٨[الزُّمَر: ١٨].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٩ جمادى الثانية ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ جوان ٢٠٠٨م



(١) النُّوك: الحمق. [«لسان العرب» لابن منظور (٤/ ٣٣٤)].

(٢) الشِّنشِنةُ: الطبيعة والعادة، قال ابن الكلبي: إن الشعر لأبي أَخزَمَ الطائي، هو جدُّ أبي حاتم أو جدُّ جدِّه، وكان له ابن يقال له: أَخزَمُ، وقِيلَ: كان عاقًّا، فمات وترك بنين، فوثبوا يومًا على جدِّهم أبي أخزمَ فأَدمَوْه فقال:

«إِنَّ بَنِيَّ ضَرَّجُونِي بِالدَّمِ * شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمِ»

(٣) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٣١٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٢٠٩١٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، قال ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٤/ ٣٣١): «وهذا أيضًا محفوظ معروف مشهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد». وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٩٣٧)

(٤) أخرجه أبو داود في «السنة» باب في لزوم السنة: (٤٦٠٧)، والترمذي في «العلم» باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع: (٢٦٧٦)، وابن ماجه في «المقدمة» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين: (٤٢)، والدارمي في «سننه» (٩٥)، والحاكم في «المستدرك» (٣٢٩)، وأحمد: (١٦٦٢٩)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث حسنه البغوي في «شرح السنة» (١/ ١٨١)، وصححه ابن الملقن في «البدر المنير» (٩/ ٥٨٢)، والألباني في «صحيح الجامع» (٢٥٤٩)، وفي «السلسلة الصحيحة» (٩٣٧).

(٥) أخرجه البخاري في «أبواب الخمس» باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين: (٢٩٦٩)، ومسلم في «الزكاة» باب ذكر الخوارج وصفاتهم: (٢٤٤٩)، وابن ماجه في «المقدمة» باب في ذكر الخوارج (١٧٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٨١٩)، وأحمد (١٤٤٠٥)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(٦) أخرجه البغوي في «حديث علي بن الجعد» (٢٢٣٩)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (٣/ ٥٨)، من حديث كنانة مولى صفية قال: «رأيت قاتل عثمان في الدار رجلا أسود من أهل مصر يقال له: جبلة باسط يديه أو قال رافع يديه يقول: أنا قاتل نعثل».

(٧) «الاعتصام» للشاطبي (٢/ ٢٣٩).

جوابُ منْتَقِدِ فتْوَى:
«في موقف المسلم من الجهات الممولة لمشاريع الفساد»

التاريخ: ١٩ جمادى الأولى ١٤٢٩ﻫ الموافق ﻟ: ٢٤ مـاي ٢٠٠٨م

الاسم: ابن محمد البومرداسي

البلد: بومرداس

شيخنا حفظكم الله إن هذه الفتوى قد أضرت بالسلفيين لأنهم دخلوا في مهاترات ومساجلات ونقاش طويل وعريض وبيان ضررها من حيث أن أصل الفتوى قبلكم فتوى الإخوان المسلمين في مصر الذين لا همَّ لهم إلا هذه الأشياء، وقد أوقعكم  بعض الناس في هذه الأمور لإشغالكم عن أمور أفضل.ومن حيث فهم الفتوى تباين للآراء واختلاف للتحليلات وكأنها نازلة استجدت، ومن حيث وجود الفساد فالمسلم يقاطع الفساد بقدر ما يستطيع وحصرها في ..... لا دليل عليه فلو طالعتم أكثر عن أخبار الشركات المستثمرة في الجزائر لوجب عليكم الإفتاء في جميعها ولست مدافعا عن الفساد، إنما امتداد الفتوى من مصر إلى غيرها أمر مؤسف إلى أين ؟؟؟ فهل تدرك خطر شركة....الأمريكية في مجال النت، أفلا تبصرون؟؟؟

 

جواب الإدارة:

الحمد لله وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على من أُرْسِل بالمحجة البيضاء، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:

فينبغي على المرء أن يحترم مَن هو أعلى منه قَدْرًا وأسمى منه عِلمًا وفِقهًا، وأن يختار في كلامه عبارات وجملاً ملؤها الأدب والاحترام مع من أَمَرنا الشرع باحترامهم ممتثلاً في ذلك قولَه صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ الله إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ المُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ»، مبتعدًا عن التشبُّه بسلوكِ سبيلِ الطاعنينَ الشانئينَ الحاقدِين.

ثمَّ إنه لا يخفى على المنتقِد أنَّ الشيخ أبا عبد المعز -حفظه الله- في فتاواه وأجوبته على المسائل الشرعية ينتهج نهجًا عِلميًا رصينًا ومتينًا، حيث يبني المسائلَ على أصولها مستدلاًّ لها بما ورَدَ في الكتاب والسُّنَّة الصحيحةِ وآثار السلفِ الصالحِ، ويزيدُها قوةً بضربِ أمثلة لها شبيهة بها تُزيل عن القارئ أو المستفتي إشكالاتٍ قد تطرأ على ذهنِهِ، وإن دلَّ هذا على شيءٍ فإنما يدُلُّ على أنَّ مَنْ كان حَالُه كذلِكَ فإنَّه بعيدٌ كلَّ البعدِ عن أن يتشبَّعَ بما لم يُعْطَ، ويَنسِب فتاوَى غيرِه لنفسِهِ، فضْلاً عن أن يكُونَ متأثِّرًا بمَنِ انحرَفُوا عن المنهجِ الحقِّ، ولم يكن في يومٍ من الأيامٍ منْخَرِطًا في صُفُوفهِم أو داعيًا إلى أفْكَارِهِم مقْتَنِعًا بانحرَافَاتهم، مسْتَمسِّكًا بفسادِ عقْلِه ورأيِه نتيجةَ فسادِ قلبهِ، إذْ مَن عُرِض عليه الحقُّ فردَّه ولم يقبلْهُ عُوقِب بذلك، اقرأ قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥]، وكذلك أهلُ الهوى لا يَرَوْن الحقَّ لفسادِ قلوبهمْ ورأْيهِم وعَقْلهِم، قال الشاعر:

قَدْ تُنْكِر العيْنُ ضوْءَ الشَّمْسِ مِن رَمَدِ    ويُنْكِر الفَمُ طَعْمَ الماءِ منْ سَقَمِ

وأمَّا لَمْزُ الشيخ بانتهاجه منهجَ الإخوانِ بحيث امْتَدَّ مدُّهُمْ من مِصْرَ إليه فهذِه تُهمَة نتبرَّأ منها، ولا يَلْزَم البتَةَ ما ينتهي إليه الحكم الشرعي المعزَّز بدليله ووافَقَ فيه أحدَ المذاهبِ العقديةِ والمناهجِ الدعويةِ أن يكونَ امتدادًا لها، فقد وافقَ الأشاعرةُ أهلَ السُّنةِ في مسائلِ الآخرة والقبرِ وغيرِ ذلكَ، وفي المعاملاتِ والعباداتِ في الجملةِ فليس معنى ذلك التحامُهُمْ في المذهبِ، وكذلِكَ بالنسبةِ لأهلِ الاعتزالِ وغيرِهِم.

وإنَّ بيانَ دينِ الله سبحانه وتعالى من خِلالِ شعيرة من أعْظَمِ شعائِرِه وهِي الأمْرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكر لمن أفضل الأمور التي ينبغي على المسلم أن يشتغل بها، قال تعالى ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وتركها من صفات المغضوب عليهم الناقضين عهد الله تعالى المستحقِّين العذاب والنكال: ﴿وَإِذ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران: ١٨٧].

أمَّا المهاترات والمساجلات التي هي دعوى السائل فإنَّما ذلك هو تدافع الحقِّ مع الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وقد أمر الله تعالى بمثل هذه المدافعات لنصرة دِينه فإنَّ مَن نصر دينَه حظي بنصرة الله له، قال تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: ٤٠].

ثمَّ اعلم أنَّ هذه الفتوى كان لها صدى عميق وأثر بالغ في الشركات الأخرى حيث اتخذت عبرة ممَّا حصل للشركة الممولة لمشاريع الفساد، فأقلعت عن المسيس بعزة السلفي وشهامته وكرامته، فهي ثمرة عزٍّ وشرفٍ تعلو بهمَّة السلفي، وتُعطي له المكانة العالية، لا كما يهوِّنها أصحاب الهوى ومرضى القلوب.

ومن دلائل صحة مضمون الفتوى تزكيةُ علماءَ أجلاءَ لها (كالشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله)، وأمْرُهُم عمومَ الناسِ بالأخذِ بها، والالتفافِ حوْلَ كاتِبها ونصرةِ مضمونها وعدمِ خذلانِه، بل ذهبوا إلى أبعد ممَّا ذهب إليه الشيخ أبو عبد المعز -حفظه الله- فقالوا بالمقاطعة، كما أنَّ إقبال هذا العدد الهائل -ممَّن له غيرة على دينه- على العمل بمحتواها لدليلٌ آخر على صحتها.

هذا، وإنَّ أمْرَ المنتقِد مَن هو أبصر منه وأكبر، بالنظر في الشركات الأخرى المستثمرة في مجال الأنترنت وغيره، لتعميم الفتوى عليها منذِر بعدم فهمه لمحتواها، ويظهر الفرق جليًّا في كون الشركة المنصوح بتغيير التعامل معها قد صرَّحت باشمئزازها من مظاهر التديُّن، وسعيًا منها في سبيل صدِّ الناس عن التمسُّك بشعائر الإسلام قامت بمتويل مشاريع الفساد من إقامة حفلات غنائية داعرة، وبث قناة تعرض فيها الأفلام من غير رقابة، بخلاف الشركات الأخرى فإنه لم يُنقل عنها ما نُقِل عن الأولى، ولم تجهر بهذا علنًا، وثمَّت فرقٌ آخرُ وهو أنَّ الشركات الأخرى -ممَّن يريد المنتقِد إلزام شيخنا بتعميم فتواه عليها- ليس لها مثيلات تقدِّم الخدمات ذاتها، وبالتالي فتصبح حاجة الناس إليها أكيدة فلا تشملها الفتوى، كما أن الشركة الممولة لمشاريع الفساد لو كانت لوحدها مستثمرة، ويؤدِّي التخلي عنها إلى إحداث ضرر وحرج للناس كبيرين، لكانت الفتوى بجواز التعامل معها إنزالاً للحاجة مَنْزِلة الضرورة، مع قيام الإنكار القلبي، وهذا ما وضَّحه الشيخ –حفظه الله- في الفتوى الموسومة ﺑ: «في حدود التعامل المنيع»، أمَا وإنّ الخدمات التي تؤدّيها ليست حكرًا عليها، وإنما تشاركها فيها شركات أخرى لم تصرِّح بما صرَّحت به فالعجب كلُّ العجب ممَّن يتشبَّث بما فيه شبهة -على أقلِّ تقدير- ويدعو الناس إليه، ويترك ما له فيه بديل.

ولا يسعنا أخيرًا إلاَّ أن ننصح المنتقِدَ بأن يلزم غرز العلماء الموثوق في علمهم ودينهم، وأن لا يُقحم نفسَه في أمرٍ أكبر منه، ورحم الله عبدًا عرف قدر نفسه، ولم يبخس الناس حقَّهم وقدرهم، واشتغل بما يعنيه، فإنَّ «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ»، وإنَّ محاولة الحطِّ من أقدار الكرام ومكانتهم لا تزيد الحاطَّ إلاَّ بعدًا وشنارًا، ولا تزيد الكرام إلاَّ قربًا ونُبلاً.

كناطحٍ صخرةً يومًا ليُوهِنَهَا      فَلَمْ يَضِرْهَا، وأَوْهَى قرنهُ الوعِلُ

 وآخر دعوانا أن الحمد لله في الأولى والآخرة، وصَلَّى الله على نبيّنا وآله وصحبه وإخوانه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

إدارة الموقع

 



طلب نشر كل الانتقادات دون استثناء

التاريخ: ٣ ذو الحجة ١٤٢٨ﻫ الموافق ﻟ: ١٢ ديسمبر ٢٠٠٧م

الاسم: عبد الله

البلد: الجزائر

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: اعلموا يا أهل هذا الموقع أن أهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء يكتبون ما لهم ولا يكتبون ما عليهم، فما لي أراكم تنشرون ما يأتيكم من التهاني على عجل، لكن ما يأتيكم من الانتقاد على عكس ذلك، هل أصدِّق أن آخر انتقاد لكم كان في شهر فبراير، بينما تاريخ آخر التهاني في ٥ ديسمبر؟

احذروا صنيع أهل الأهواء، ما دمتم فتحتم سجل التهاني والانتقادات، فما عليكم إلا أن تكونوا أمناء في كل ما يرد عليكم، فاتقوا الله يا أهل هذا الموقع الملتزم، واحذروا التعصب فإنه بئس الثوب تلبسونه. شكرا

 

جواب الإدارة:

 

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فإن إدارة الموقع تنهي إلى علمكم بأنّها تنتقي من مئات التهاني جملة شبه خالية من الإطراء تقصدا منها لتشجيع الكوكبة الإدارية الساهرة على إيصال الدعوة من خلال هذا الموقع إلى ربوع الجزائر وغيرها من الأقطار، وبالموازاة نجد الانتقادات والاقتراحات لا تقل أهمية عن التهاني خاصة المشبعة بآراء وأفكار تخدم الدعوة السلفية القائمة على الإخلاص والصدق كمعيار تنتعش فيه وتحرك آلياته قدما إلى تحقيق مبتغاها كما هو الشأن في دعوة الرسل والأنبياء، وعليه فمن أهداف إنشاء الموقع التصدي لمنهج أهل الأهواء وبيان أخطائهم بعلم وحجة بعيدا عن السب والشتم والتقبيح والتفحش، وإن من الأسس المنهجية التي تتبناها: الأمانة العلمية والصدق في التبليغ والبيان، وإنما قد لا تدرج بعض الانتقادات في الموقع لإخلالها بالأدب أو لعدم سلوك أصحابها الطريقة القويمة في انتقادهم، بينما تدرج انتقادات أخرى لأنها بناءة ويرجى من ورائها الاستزادة على التحسين والتطوير. وعلى كل فإن إدارة الموقع تشكرك على مراسلتك، وتحييك على الاهتمام بالموقع ومحتوياته، فجزاك الله خيرا، وبارك فيك وفي جهدك.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

 



الاعتذار عن عدم تمكن إجابة الشيخ على كل طلبات الزوار

التاريخ: ١٥ ذو القعدة ١٤٢٨ﻫ الموافق ﻟ: ٢٤ نوفمبر ٢٠٠٧م

الاسم: العربي

البلد: ميلة 

 

كلما حاولنا الاتصال  أو تناول هذا الموقع نجد الإدارة القائمة على هذا الموقع تعتذر بل هي دائمة الاعتذار ....فإلى متى هدا الوضع.

جواب الإدارة:

 

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فالإدارة حتى تضع السائل في الصورة أن موقع الشيخ -حفظه الله- موقع شخصي ليس بوسعه أن يسلم جميع أسئلة وفتاوى الناس وانشغالاتهم فهو يعمل في حدود ما جاد به الله سبحانه وتعالى عليه من قدرة على خلاف المواقع الجماعية التي قد تمتص حاجيات الناس ومشاغلهم بحيث القدرات الذهنية المتوفرة في مواقعهم من أهل المشورة والرأي ومع ذلك إذا ما قورن هذا الموقع ببعض المواقع الجماعية فإنه يؤدي دوره بحمد الله سبحانه وقدرته على أحسن حال، ولا يغيب عليكم أن عمل الشيخ أبي عبد المعز -حفظه الله- عمل إضافي زائد وعمله الأصلي في الجامعة، ولا يعطي للموقع من وقته إلا ما زاد عن نصيب الجامعة استيفاء للحق الأصلي.

لذلك تجدون إدارة الموقع إذا غاب الشيخ أو انشغل برسائل جامعية وغير ذلك من المهام فلا تملك سوى الاعتذار للمطالب الكثيرة الواردة على الموقع.

فالحاصل أن الاعتذار مرتبط بما وسع الوقت الإضافي للشيخ من وقته الأصلي.

 



تعليق على فتوى الشيخ ابن عثيمين في أقصى مدة النفاس

 

التاريخ: ٢٣ المحرم ١٤٢٨ﻫ الموافق ﻟ: ١١ فبراير ٢٠٠٧م

الاسم: ب . ن . د

البلد: الدوحة قطر 

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمَّا بعد: يعذرني الشيخ حفظه الله إن تطاولت عليه في التعليق، حيث ليستُ أهلاً لذلك، وإنما أردتُ التوضيح في مسألة فتوى: «أقصى مدّة النفاس» حيث أشار الشيخ بارك الله فيه أنّ الشيخ ابن العثيمين رحمه الله رجّح أنّ أقصى مدّة النفاس ستون يومًا كما هو عند المالكية، غير أنني أذكر الشيخ أنّ الأمر ليس كذلك، فإنّ الشيخ يقول بمذهب الجمهور إلاّ في حالة ما إذا زاد الدم على الأربعين وكان لها عادة بانقطاعه بعد أن طهرت فيه أمارات قرب الانقطاع انتظرت حتى ينقطع وإلا اغتسلت عند تمام الأربعين لأنه الغالب/  فتاوى الشيخ ١١/ ٣٢٧، ويسامحني الشيخ على هذا التعليق، وقد أكون أنا الذي لم أستوعب كلامه والله أعلم.

 

جواب الإدارة:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فعطفًا على مُراسلتكم الاستداركية على ظنّ خطإٍ في نسبة أكثر مدّة النفاس ستين يومًا إلى الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله- فإنّ أبا عبد المعزّ محمّد علي فركوس -حفظه الله- يُثَنِّي على ملاحظتكم ويُعلمكم بأنّ ترجيح الشيخ ابن العثيمين في بقاء استمرار الدم على وتيرة واحدة إلى تمام الستين ولا يتجاوزه ثبت موثّقًا على «الشرح الممتع على زاد المستقنع» المجلد الأول الصفحة: ٥١٢، طبعة دار ابن الجوزي (الطبعة الأولى ذو القعدة ١٤٢٢) وهو بذلك موافق لمذهب المالكية (مواهب الجليل للحطاب: ١/ ٣٧٦)، وللشافعية أيضًا (المجموع للنووي: ٢/ ٤٨١).

هذا وإدارة الموقع تسجّل بدورها شكرها على تتبعكم لموقع الشيخ أبي عبد المعز محمّد علي فركوس حفظه الله تعالى وعنايتكم بفتاويه والأدب في الملاحظة والنصيحة.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

 



إصلاح المواد الصوتية الرديئة

التاريخ: ٢٦ جمادى الأولى ١٤٢٧ /  ٢٢ جوان ٢٠٠٦م

الاسم: قرين خالد

البلد: براقي - الجزائر

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أودُّ أن أنبه الإخوة الكرام إلى أنَّ المواد الصوتية للشيخ أغلبها رديئة، فالرجاء إصلاح ما يمكن إصلاحه لضمان نوعية جيِّدة للاستماع وجزاكم الله خيرًا.

 

جواب الإدارة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبارك الله فيكم على الملاحظة، ونعلمكم أننا سنعمل جاهدين على إصلاح ما يمكن إصلاحه إن شاء الله، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

 



طلب إثراء الموقع بكتب الشيخ ورسائله

 

التاريخ: ٨ ربيع الثاني ١٤٢٧ /  ٦ مايو ٢٠٠٦م

الاسم: محمد

البلد: الجزائر

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحابته والتابعين ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين الحـمد لله الكـريم الوهـاب الرحـيم التواب .. غـافر الذنب .. وقـابل التَّـوب .. شـديد العقاب .. ذي الطول لا إله إلا هو.. يحب التوابين ويحب المتطهرين.. ويغفر للمخطئين المستغفرين .. ويمحو بحلمه إساءة المذنبين .. ويقبل بعفوه اعتذار المعتذرين .. لا إله إلا هو .. إله الأولين والآخرين .. وديَّـان يوم الدين .. وصلى الله وسلم على خير عباده أجمعين .. وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. اللهم يا مصلح الصالحين.. أصلح فساد قلوبنا واستر في الدنيا والآخرة عيوبنا .. واغفر بعفوك ورحمتك ذنوبنا .. وارحم في موقف العرض عليك ذل مقامنا ... يا رب .. يا رب عفوك.. لا تأخذ بزلتنا .. واغفر أيا رب ذنباً قد جنيناه .. أما بعد: أخي في الله الشيخ الفاضل أبي عبد المعز والله إني أحبكم في الله أطال الله في عمركم وجعلكم مصابيح تستنير وتنتفع بها الأمة وجعلكم خير خلف لخير سلف فضيلة الشيخ يعجبني فيكم حرصكم علي نشر هذا الدين الذي نزل علي النبي الأمي محمد صلي الله عليه وسلم واسأل الله ان يسدد خطاكم ويوفقكم لما يحبه ويرضاه فضيلة الشيخ نرى أن الكثير من مواقع الدعاة والعلماء تتجدد وتتزين بحلل جميلة ورسائل ومقالات وخطب دعوية.....الخ ولكن نفتقد إليها في موقعكم أتمني أن تأخذوا هذا في الحسبان وأتمني أيضا أن تنشروا مؤلفاتكم ولا تبخلوا علينا من علمكم فضيلة الشيخ جزآكم الله خيرا ونور الله دربكم بالطاعات والخيرات ونفع الله بكم الإسلام وأهله والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

 

جواب الإدارة:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه ‏إلى يوم الدين، أمَّا بعد:‏

فاعلم وفقك الله أنَّ موقع الشيخ أبي عبد المعز حديث النشأة، وهو مع ذلك في تحسن وتطور مستمر بحمد الله تعالى، وخاصة وأنَّ الشيخ حفظه الله تعالى مع انشغالاته الجامعية ومشاريعه العلمية لا يزال مثريا له بما ينشر فيه من مقالات وكلمات وفتاوى وغيرها بشكل دائم ومستمر، وأما بخصوص كتب الشيخ حفظه فلا أظن أنه يخفى عليك أنَّ دور النشر لها حقوق في نشر الكتاب وطبعه ولذلك يتعذر نشر كتبه على الموقع، ومع ذلك وبحمد الله تعالى فإنَّ الشيخ ينشر شرحه لكتاب الإشارة بصورة دورية، فنسأل الله تعالى أن يكتب له ذلك في ميزان حسناته والقائمين على الموقع، وبارك الله فيكم على ما تبدونه من اقتراحات للموقع، ونحن في انتظار المزيد، وجزاكم الله خيرا، وبالله التوفيق.

 



التحقيق في اسم الشنقيطي الذي درس عنده الشيخ

 

التاريخ: الجمعة ٨ ذو القعدة ١٤٢٦هـ /  ٩ دسسمبر ٢٠٠٥م

الاسم: أحمد أبو سعد

البلد: /

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وجدت في ترجمة الشيخ فركوس أنه درس على الشيخ الشنقيطي رحمه الله المفسر، وقد كتب في الموقع أنه درس على الشيخ محمد مختار الشنقيطي وأحببت أن أنبه أن بهذا الاسم ربما يكون هناك لبس عند البعض، لأن الشنقيطي الذي قال عنه بعض أهل العلم أنه فيه صوفية وهو الذي يدرس بالمدينة الآن يعرف بهذا الاسم..

أما الشيخ الشنقيطي المفسر فهو معروف باسم محمد الأمين الشنقيطي..

وأحببت أن أنصحكم لهذا التوضيح، وأسأل الله لنا ولكم السداد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أحمد أبوسعد

 

جواب الإدارة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فأولاً نشكركم على النصيحة والملاحظة المقدمة بخصوص الاشتباه الحاصل في التسمية، لكن نلفت نظركم أنَّ الذي درس عليه شيخنا أبو عبد المعز إنما هو ما تقرر حقيقة في ترجمته ألا وهو الشيخ محمد المختار بن محمد بن حبيب الله الجكني نسبًا، الرشيدي مولدًا ومنشأ، ثم المدني إقامة وهجرة، الشنقيطي شهرة، وقد كان أستاذ التفسير بكلية الشريعة، ومدرس الكتب الستة بالمسجد النبوي سابقًا ولد سنة ١٣٣٧ﻫ /  الموافق ١٩١٨م وتوفي بعد عودة الشيخ أبي عبد المعز إلى الجزائر في حدود ثلاث أو أربع سنوات.

أما محمد الأمين الشنقيطي صاحب "أضواء البيان" و"مذكرة الشنقيطي على روضة الناظر" وغيرهما من الكتب النافعة فلم يصل به شيخنا، لأن صاحب الأضواء توفي سنة ١٣٩٣ﻫ /  ١٩٧٣م، ولما تطأ أقدام شيخنا الأراضي الحجازية، وإنما حل بها سنة: ١٣٩٩ﻫ /  ١٩٧٨م.

أما الدكتور محمد المختار بن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (صاحب الأضواء) فكان في تلك السنوات طالبًا، ولعله كان يشاركه شيخنا المقاعد التربوية أيام الدراسة بالجامعة الإسلامية.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

 



تصويب عبارة وردت في ترجمة الشيخ

 

التاريخ: الأحد ٣ صفر ١٤٢٦ هـ/  ١٣ مارس ٢٠٠٥                                                 

الاسم: أبو مارية الليبي

البلد: ليبيا

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إلى المشرفين على موقع الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس حفظه الله وحفظكم، قد لفت انتباهي عند قراءتي ترجمة الشيخ التي كتبها الأخ خالد تواتي الجزائري، عبارة لا أعتقد أنها تليق في حق النبوة وهي قوله: "فلا شرف فوق شرف وارث مرتبة النبوة، نسأل الله تعالى أن يكون شيخنا أبو عبد المعزّ ممن نال تلك المرتبة" فمفهوم هذه العبارة أن النبوة تورث وأن الشيخ ممن ورثها، وصوابها الذي أظن أن الأخ أراد أن يقول: "فلا شرف فوق شرف وارث ميراث النبوة"، لا مرتبة النبوة، والله أعلم وتحياتي لكم وللشيخ وسدد الله خطاكم. أخوكم أبو مارية الليبي.

 

 جواب الإدارة:

لقد أطلعنا كاتب الترجمة على الملاحظة التي كتبتموها، فاستحسنها وصوب الخطأ وتداركه وشكر الناصح، وإن إدارة الموقع تضيف شكرها لك وتنتظر المزيد من الملاحظات والنصائح والتوجيهات، وبارك الله فيك.

 



طلب تحديث مواضيع الموقع

 

التاريخ: الإثنين ٢٦ محرم ١٤٢٦ هـ/  ٠٧ مارس ٢٠٠٥

الاسم: دحمان الشلالي

البلد: المسيلة - الجزائر

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا أشكركم على ما تقومون به من نشر علم الشيخ وفتاويه فهو يحتاج أكثر من هذا ولكن الحمد لله على المبادرة فلقد رأينا طلاباً للعلم لا يبلغون منزلة الشيخ ولهم مواقع متجددة وفيها النفع، لكن في موقع الشيخ نراه لا يتجدد ولا تضاف فيه الفتاوى إلا بعد مدة فلهذا أرجوا أن تنتبهوا لهذا وتجعلوا الموقع أكثر حيوية ونحن بانتظار الجديد دائماً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

 

جواب الإدارة:

 

نشكركم على اهتماماتكم بالشيخ أبي عبد المعزّ -حفظه الله- وعنايتكم بموقعه كما نشكركم على الملاحظات التي أبديتموها على واجهة الموقع، ونحن بدورنا لا ندخر وسعاً في تطوير الموقع بحسب الإمكانيات الحالية، وسنعمل جاهدين على تحقيق ما يرضى المشاركين الكرام.