في حكم قرضٍ مشروطٍ بالتأمين | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 9 شوال 1445 هـ الموافق لـ 18 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٢٥٣

الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف

في حكم قرضٍ مشروطٍ بالتأمين

السؤال:

ما حكمُ اقتراضِ مالٍ مِنَ الشركة بدون زيادةٍ ربويةٍ، ولكنَّ العقد يتضمَّن بندًا ينصُّ على إبرامِ عقدِ التأمين على الحياة، وهذا يكون بمجرَّدِ إمضاء المستفيدِ العقدَ، تقوم الشركةُ بإبرام العقد المذكورِ آنِفًا وتقوم باسترجاعِ مبلغِ التأمين مِنْ أجرةِ المستفيد بعد مُوافَقتِه سنويًّا مدَّةَ القرض وهي (١٠ سنوات)؟ أفيدونا حفظكم الله.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالشرط الوارد على القرض الحسنِ المتمثِّلُ في إبرامِ عقد التأمين على الحياة: هو شرطٌ باطلٌ؛ لتضمُّنه للغرر المنهيِّ عنه شرعًا، وكُلُّ شرطٍ نهى الشرعُ عنه فهو باطلٌ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»(١)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ»(٢).

ولا يخفى أنَّ المؤمِّن يستفيد مِنْ مال المؤمَّن له بعقد التأمين، والشركة المُقْرِضة تستفيد مِنْ شركة التأمين مِنْ جهةِ أنها تسدِّد بقيَّةَ الأقساط غير المدفوعة في حالة الموت، وقد أَعْمَلَ أهلُ العلم قاعدةً فقهيةً وهي: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا»، وأصلُها حديثٌ نبويٌّ، غيرَ أنه لا يصحُّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم(٣)، والمراد مِنَ القاعدة: أنَّ المنفعة المُشْتَرَطةَ في القرض ابتداءً تُعَدُّ رِبًا محرَّمًا شرعًا.

وعليه، فإنَّ اشتراط التأمينِ مع القرض يُفْسِده مِنْ جهتين:

الأولى: أنَّ عقد التأمين لا يصحُّ؛ لتضمُّنه للغرر المنهيِّ عنه ، واشتراطُه مع القرض يُبْطِله.

والثانية: يتضمَّن عقدُ القرض منفعةً؛ فتجري فيها أحكامُ الرِّبَا كما تَقَرَّرَ في القاعدة السالفةِ البيان.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٩ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ٢٥ جـويلية ٢٠٠٥م

 


(١) أخرجه الترمذيُّ في «الأحكام» باب ما ذُكِر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الصلح بين الناس (١٣٥٢) مِنْ حديثِ كثير بنِ عبد الله بنِ عمرو بنِ عوفٍ المُزَنيِّ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ، انظر: «إرواء الغليل» له (١٣٠٣).

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تَحِلُّ (٢١٦٨)، ومسلمٌ في «العتق» (١٥٠٤)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها كلاهما بلفظ: «مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ..». واللفظ للنسائيِّ في «الطلاق» بابُ خيارِ الأَمَةِ تُعْتَقُ وزوجُها مملوكٌ (٣٤٥١)، وابنِ ماجه في «العتق» باب المكاتب (٢٥٢١).

(٣) أخرجه البغويُّ في «حديث العلاء بنِ مسلم» (ق١٠/ ٢) عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه. وضعَّفه الشيخ الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ٢٣٥)رقم: (١٣٩٨) و«ضعيف الجامع» (٤٢٤٤).