العلاقة بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 17 شوال 1445 هـ الموافق لـ 26 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٣٣٩

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

العلاقة بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية

السؤال:

شيخَنا الفاضل ـ حفظكم الله ـ، نرجو منكم توضيحَ ما يلي:

ـ إذا كانَتِ القاعدةُ الفقهيةُ ذاتَ عمومٍ مطلقٍ لا نسبيٍّ فهل تُدْرَجُ ضِمْنَ القواعد الأصولية؟

ـ وهل تُوجَدُ قواعدُ فقهيةٌ هي ـ في نفس الوقت ـ قواعدُ أصوليةٌ؟

وبارك الله فيكم وأَحْسَنَ إليكم.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فبخصوص السؤال الأوَّل، فإنَّ القاعدة الفقهية قاعدةٌ كُلِّيَّةٌ، ولا يُعْنَى بلفظِ «كُلِّيٍّ» أنه يَصْدُقُ على جميع الأفراد بحيث لا يخرج منها فردٌ كما هو أَمْرُ القاعدة الأصولية أو النحوية في الجملة، وإنما المُرادُ مِنْ ذلك: أنها كُلِّيَّةٌ نسبيَّةٌ لا شموليَّةٌ؛ بالنظر إلى وجودِ مُسْتثنَيَاتٍ وشذوذٍ، لكنَّ هذا لا ينفي صفةَ العموم عن القاعدة الفقهية؛ لأنَّ العموم الشرعيَّ عمومٌ عاديٌّ طريقُه الاستقراء، والعمومُ العاديُّ لا ينقضه تخلُّفُ المُفْرَدات عنه، وإنما العمومُ العقليُّ هو الذي يُوجِبُ عدمَ تخلُّف المفردات عنه؛ لأنه عمومٌ تامٌّ طريقُه البحثُ والنظر(١).

هذا، وقد تُوجَدُ قواعدُ اسْتُعْمِلَتْ في الفقه والأصول على وجهِ الاشتراك مثل:

ـ قاعدة: «إِذَا دَارَ الأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ تَعَيَّنَ الحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ».

ـ وقاعدة: «الأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ».

ـ وقاعدة: «الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ وَمِنَ التَّحْرِيمِ إِبَاحَةٌ».

ـ وقاعدة: «الِاسْتِنْبَاطُ مِنَ النَّصِّ بِمَا يَنْعَكِسُ عَلَيْهِ بِالتَّغْيِيرِ مَرْدُودٌ»، وهو مَعْنَى قولِهِم: «إِذَا اسْتُنْبِطَ مَعْنًى مِنْ أَصْلٍ فَأَبْطَلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ».

ـ وقاعدة: «الأَصْلُ إِقَامَةُ الشَّرْطِ مَقَامَ السَّبَبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَعْلِيقِ الحُكْمِ بِالسَّبَبِ».

ـ وقاعدة: «السُّكُوتُ فِي مَعْرِضِ الحَاجَةِ إِلَى بَيَانٍ بَيَانٌ»، وهو مَعْنَى قولِهِم: «الإِذْنُ دَلَالَةً بِمَنْزِلَةِ الإِذْنِ إِفْصَاحًا».

ـ وقاعدة: «الأَصْلُ أَنَّ زِيَادَةَ اللَّفْظِ لِزِيَادَةِ المَعْنَى».

ـ وقاعدة: «اخْتِصَاصُ السَّبَبِ بِمَحَلٍّ لَا يَكُونُ إِلَّا لِاخْتِصَاصِهِ بِحُكْمٍ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ المَحَلِّ».

ـ وقاعدة: «الِاسْتِثْنَاءُ المَعْلُومُ بِدَلَالَةِ الحَالِ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِالشَّرْطِ».

ـ وقاعدة: «الأَسْبَابُ الشَّرْعِيَّةُ لَا تَنْعَقِدُ خَالِيَةً عَنِ الحُكْمِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الحُكْمُ».

ـ وقاعدة: «الأَصْلَانِ إِذَا تَعَارَضَا فِي لَوَازِمِهِمَا فَقَدْ يُعْطَى كُلُّ أَصْلٍ حُكْمَهُ وَإِنْ تَنَاقَضَا».

هذه  ـ إذن ـ بعضُ القواعدِ المُشْترَكة بين الفقه والأصول.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٦ رمضان ١٤٢٢ﻫ
الموافق ﻟ: ١٢ ديسمبر ٢٠٠١م

 


(١) انظر: «الموافقات» للشاطبي (٣/ ٢٦٥).