في حكم التيمُّم على فاقد مكانٍ آمنٍ للاغتسال | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الثلاثاء 7 شوال 1445 هـ الموافق لـ 16 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٣٧

الصنف: فتاوى الطهارة - التيمُّم

في حكم التيمُّم
على فاقد مكانٍ آمنٍ للاغتسال

السؤال:

إذا كان الشخصُ لديه الماءُ الكافي للغُسْل مِنَ الجنابة، ولكِنْ لا يَجِدُ المكانَ المناسِبَ للاغتسال؛ فهل هذه الحالةُ مُبيحةٌ للتيمُّم؟ وهل يمكنه دخولُ المسجدِ ومَسُّ المصحفِ وقراءةُ القرآنِ وهو متيمِّمٌ؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فيُستباحُ التيمُّمُ إذا تَعذَّرَ عليه وجودُ الماء، أو خَشِيَ الضررَ مِنِ استعماله له، إمَّا لِعِلَّةِ مَرَضٍ أو جُرْحٍ أو شِدَّةِ بَرْدٍ، بحيث يَعْجزُ عن تسخينه، أو تَمكَّنَ لكِنْ تَعذَّرَ عليه وجودُ مكانٍ ساخنٍ؛ فأَشْفَقَ على نفسِه إِنِ اغتسل هَلَكَ؛ فيجوز له التيمُّمُ.

غيرَ أنَّ عدمَ وجدانِ مكانٍ آمنٍ يَسْلَمُ فيه أَنْ يُعرِّضَ نَفْسَه للهلاك موكولٌ إلى دِينِ المعنيِّ بالأمر في تقدير الضرر والهلاكِ بعدم وجود المكان، ويدلُّ عليه حديثُ عمرو بنِ العاص رضي الله عنه قال: «احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟!» فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاِغْتِسَالِ وَقُلْتُ: «إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا ٢٩[النساء]»، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا»(١)، وفي روايةٍ: «فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ(٢).

هذا، والتيمُّم يرفع الحدثَ رفعًا مؤقَّتًا على الصحيح مِنْ أقوال أهل العلم، وَيَسَعُهُ فِعْلُ ما يفعله المتوضِّئُ الطاهر، غيرَ أنه إذا زال عُذْرُه وَجَبَ عليه الاغتسالُ؛ لأنَّ الحدث بَقِيَ مُطلقًا لم يرتفع كُلِّيَّةً؛ فيَتعيَّنُ ـ حالتَئذٍ ـ الارتفاعُ المؤقَّت(٣).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٥ صفر ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٥ مارس ٢٠٠٦م

 


(١) أخرجه أبو داود في «الطهارة» باب: إذا خاف الجُنُبُ البردَ: أيتيمَّمُ؟ (٣٣٤) مِنْ حديثِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنه. وعَلَّقه البخاريُّ في «التيمُّم» (١/ ٤٥٤) باب: إذا خاف الجُنُبُ على نفسِه المرضَ أو الموتَ أو خاف العطشَ تَيمَّمَ، وقوَّاه الحافظ في «فتح الباري» (١/ ٤٥٤)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ١٨١) رقم: (١٥٤) و«صحيح أبي داود» (٣٦١).

(٢) أخرجه أبو داود في «الطهارة» باب: إذا خاف الجُنُبُ البردَ: أيتيمَّم؟ (٣٣٥). وصحَّحه النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٢١٦)، وقوَّاهُ ابنُ حجرٍ في «فتح الباري» (١/ ٤٥٤)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ١٨٢) وفي «صحيح أبي داود» (٣٦٢).

(٣) انظر تفصيلَ ذلك في الفتوى رقم: (٧١١) الموسومة ﺑ: «في مشروعية الوضوء للمعذور بعد رفعِ الحدث بالتيمُّم» على الموقع الرسميِّ لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ.