في الاقتراض من البنوك الإسلامية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 10 شوال 1445 هـ الموافق لـ 19 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٤٦٥

الصنف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف

في الاقتراض من البنوك الإسلامية

السؤال:

ما الذي توصَّلتم إليه في شأن بنك البركة؟ فهل يسوغ توجيهُ مَن كان في حاجةٍ ماسَّةٍ إلى التعامل معه، إذا علمنا أنه سيذهب إلى البنوك الأخرى لا محالة؟

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالصفات والأسماء التي تُعْطَى للبنوك لا يَلزم مطابقتُها للموصوفات وللمسمَّيات، فالعبرة بالمسمَّيات لا بالأسماء، فالبنوكُ الإسلامية الحاليَّة لا تختلف في جوهرها وحقيقتها عن البنوك الربوية(١)، حيث تتعامل تحايلاً على الشرع ضمن ما يسمَّى ببيع المرابحة الذي هو في حقيقته قرضٌ ربويٌّ مقنَّعٌ بالبيع، حيث يقوم البنك بشراء سلعةٍ للتاجر التي لا يمتلكها البنك، وليس له حاجةٌ إليها، وإنما حاجتُه وقصدُه هو تحقيق نسبة المرابحة، فيقصد مع التاجر بيعًا لا حقيقة له في الواقع، وإنما هو عقدٌ صوريٌّ أُخفي فيه القرض الربويُّ المحرَّم بنصوص الوعيد، وأُظهر فيه البيع، وفي الحديث: «يَأْتِي زَمَانٌ عَلَى أُمَّتِي يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالبَيْعِ»(٢).

وعليه، فإن تحقَّق فيه التعامل الربويُّ فلا يجوز شرعًا أن نرشد إليه الغيرَ سواءٌ ظهر الربا فيه أو خفي، وسواءٌ علمنا أنَّ السائل سيذهب إلى البنوك الأخرى أو لا يذهب، لِما فيه من محذورٍ عظيمٍ مؤدٍّ إلى «محاربة الله ورسوله»، والإرشادُ إلى المعاصي والذنوب تعاونٌ على الإثم والعدوان.

أمَّا المضطرُّ إلى التعامل المباح الذي لا حيلة له ولا مخرج إلاَّ البنوك فإنه يُعرَّف بحكم الضرورة أو الحاجة الشديدة المنضبطة بالقيود الشرعية، ويُوكَل أمرُه إلى دينه في تقدير حاله من تلك الضرورة أو الحاجة(٣).

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

 

الجزائر في: ٢٣ جمادى الأولى١٤٢٧ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٩ جـوان  ٢٠٠٦م

 


(١) انظر لزومًا «جواب الإدارة الفصيح على المقال الموسوم بالرد الصريح على ما يثار حول البنوك الإسلامية من قدحٍ وتجريحٍ» [مجلَّة «الإحياء» العدد (١) ص: (٢٧)].

(٢) أخرجه الخطَّابيُّ في «غريب الحديث» (ق٤٢/ ١)، عن الأوزاعيِّ مرفوعًا. قال ابن القيِّم في «إغاثة اللهفان» (١/ ٥٢٠): «هذا وإن كان مرسلاً فإنه صالحٌ للاعتضاد به بالاتِّفاق، وله من المُسْنَدات ما يشهد له، وهي الأحاديث الدالَّة على تحريم العِينة»، وذكر مِثْلَ هذا الكلام في «إعلام الموقِّعين» (٣/ ١٤٤) وفي «تهذيب السنن» (٩/ ٣٤٥). وقال السخاوي في «الأجوبة المرضيَّة» (١/ ٢١٤): «مرسلٌ وهو صالحٌ ويتأكَّد به المُسْنَدُ». وقال الألباني في «غاية المرام» (٢٥) بعد تضعيفه للحديث: «أقول هذا لبيان حال الإسناد، ولكي لا ينسب المسلم إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما لم يقل، وإلاَّ فمعنى الحديث واقعٌ كما هو مشاهَدٌ اليوم، لكن لا يلزم منه الجزم أنَّ الحديث قد قاله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كما هو معلومٌ عند أهل المعرفة والعلم».

(٣) انظر ضوابط الضرورة الشرعيَّة على الموقع، الفتوى رقم: (٦٤٣) الموسومة ﺑ: «في ضوابط قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»».