في المتردِّدة بين دمِ النفاس والحيض والعلَّة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 10 شوال 1445 هـ الموافق لـ 19 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٧٦٠

الصنف: فتاوى الطهارة - الحيض والنفاس

في المتردِّدة بين دمِ النفاس والحيض والعلَّة

السؤال:

أنا شابٌّ متزوِّجٌ، وقد رُزِقْتُ ـ ولله الحمدُ ـ بولدٍ، ولكنَّ ما يُحيِّرُني أنَّ زوجتي مكثَتْ في نفاسها ما يَقْرُب مِنْ ستِّين يومًا ثمَّ طَهُرَتْ بعد ذلك، لكِنْ عاد إليها الدمُ بعد أربعة أيَّامٍ، وعند استشارة الطبيبة المختصَّةِ قالَتْ: «إنَّ هذا الدمَ ليس بدمِ نفاسٍ ولا حيضٍ، وإنَّما هو دمٌ يخرج مِنْ جرَّاءِ تَناوُلِ حبوبِ مَنْعِ الحمل»؛ فهل يَحِلُّ لي جماعُها؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالأصلُ أنَّ أقصى مُدَّة النفاسِ أربعون يومًا؛ لحديثِ أمِّ سَلَمةَ رضي الله عنها قالَتْ: «كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ»(١)، وعنها ـ أيضًا ـ قالَتْ: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»(٢)؛ فإنها تطهر بعد الأربعين ولو استمرَّ بها الدمُ؛ فتُعَدُّ مستحاضةً على مذهبِ جمهور العلماء، وإِنِ انقطع الدمُ وعاد إليها فالأصلُ في الدماءِ الحيضُ.

لكِنْ إذا أخبرَتْ طبيبةٌ مختصَّةٌ بأنَّ هذا الدَّمَ ليس حيضًا ولا نفاسًا، وإنما هو دمُ عِلَّةٍ تُحْدِثه حبوبُ منعِ الحمل، فإِنْ تُؤُكِّد مِنْ ذلك فالمرأةُ معدودةٌ مِنَ الطاهرات، ويجوز للرجل أَنْ يُجامِعَها ولو مع خروجِ دَمِ العِلَّة بسببِ حبوب مَنْعِ الحملِ.

غيرَ أنه إذا لم يَطمئِنَّ وارتاب في الأمرِ فعليه أَنْ يَدَعَ جِماعَها إلى أَنْ تَصْفُوَ مِنْ دَمِها؛ عملًا بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»(٣)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبَرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ»(٤)، وفي كُلِّ الأحوال له أَنْ يُباشِرَها بغير جِماعٍ، ويُعامِلَها مُعامَلةَ الحائض ـ حتَّى يَستيقِنَ ـ درءًا للشُّبهة وعملًا بالحيطة.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٦ ربيع الثاني ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٤ أفريل ٢٠٠٧م

 


(١) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابُ ما جاء في وقت النُّفَساء (٣١٢) مِنْ حديثِ أمِّ سلمة رضي الله عنها. وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٢٢) رقم: (٢٠١).

(٢) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابُ ما جاء في وقت النُّفَساء (٣١١)، والترمذيُّ في «أبواب الطهارة» بابُ ما جاء في: كم تمكث النُّفَساءُ؟ (١٣٩)، وابنُ ماجه في «الطهارة» باب النُّفَساء: كم تجلس؟ (٦٤٨)، مِنْ حديثِ أمِّ سلمة رضي الله عنها. وصحَّحه ابنُ القيِّم في «زاد المَعاد» (٤/ ٣٦٩)، وحَسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٢٦) رقم: (٢١١).

(٣) أخرجه الترمذيُّ في «صفة القيامة» (٢٥١٨)، والنسائيُّ في «الأشربة» باب الحثِّ على تركِ الشُّبُهات (٥٧١١)، مِنْ حديثِ الحسن بنِ عليٍّ رضي الله عنهما. وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ: «مسند أحمد» (٣/ ١٦٩)، والألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٤٤) رقم: (١٢) وفي «صحيح الجامع» (٣٣٧٧)، والوادعيُّ في «الصحيح المسند» (٣١٨).

(٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الإيمان» بابُ فضلِ مَنِ استبرأ لدِينه (٥٢)، ومسلمٌ في «المساقاة» (١٥٩٩)، مِنْ حديثِ النعمان بنِ بشيرٍ رضي الله عنهما.