طلب أثرًا بعد عين
المثل: «طَلَبَ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ»
العَيْن: المعاينة.
يُضرب: لمن ترك شيئًا يراه ثمَّ تبع أثرَه بعد فوتِ عينِه، كأنَّ رجلًا تمكَّن مِن عدوِّه أو مِن صيدٍ ليرميَه، فتراخى عنه حتَّى فاته، ثمَّ شدَّ في طلبِه بعد الفوْتِ.
قال الباهليُّ: أوَّلُ من قال ذلك مالكُ بنُ عمرٍو العامليُّ، قال: وذلك أنَّ بعضَ ملوك غَسَّانَ كان يطلب في عاملَةَ ذَحْلًا، فأخذ منهم رجلين يقال لهما: مالكٌ وسِمَاكٌ ابنا عمرٍو، فاحتبسهما عنده زمانًا، ثمَّ دعاهما فقال لهما: «إنِّي قاتلٌ أحَدَكما فأيَّكما أقتل، فجعل كلُّ واحدٍ منهما يقول: «اقتلْني مكانَ أخي»، فلمَّا رأى ذلك قتل سماكًا وخلَّى سبيلَ مالكٍ، فقال سِماكٌ حين ظنَّ أنه مقتولٌ:
أَلَا مَنْ شَجَتْ لَيْلَةٌ عامدَهْ * كَمَا أَبَدًا لَيْلَةٌ وَاحِدَهْ
فَأَبْلِغْ قُضَاعَةَ إِنْ جِئْتَهُمْ * وَخُصَّ سَرَاةَ بَنِي سَاعِدَهْ
وَأَبْلِغْ نِزَارًا عَلَى نَأْيِهَا * بِأَنَّ الرِّمَاحَ هِيَ الْعَائِدَهْ
وَأُقْسِمُ لَوْ قَتَلُوا مَالِكًا * لَكُنْتُ لَهُمْ حَيَّةً رَاصِدَهْ
بِرَأْسِ سَبِيلٍ عَلَى مَرْقَبٍ * وَيَوْمًا عَلَى طُرُقٍ وَارِدَهْ
أَأُمَّ سِمَاكٍ فَلَا تَجْزَعِي * فَلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الوَالِدَهْ
وانصرف مالكٌ إلى قومِه، فلبث فيهم زمانًا، ثمَّ إنَّ رَكْبًا مرُّوا وأحدُهم يتغنَّى بهذا البيت:
وَأُقْسِمُ لَوْ قَتَلُوا مَالِكًا * لَكُنْتُ لَهُمْ حَيَّةً رَاصِدَهْ
فسمعتْ بذلك أمُّ سماكٍ فقالتْ: يا مالكُ، قبَّح اللهُ الحياةَ بعد سماكٍ، اخْرُجْ في الطلبِ بأخيك، فخرج في الطلبِ، فلقي قاتِلَ أخيه يسيرُ في ناسٍ مِن قومه، فقال: «مَنْ أحسَّ لي الجملَ الأحمرَ»، فقالوا له وعرَّفوه: «يا مالكُ، لك مائةٌ مِنَ الإبلِ فكُفَّ»، فقال: «لَا أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ»، فذهبت مثلًا، ثمَّ حمل على قاتلِ أخيه فقتله، وقال في ذلك:
يَا رَاكِبًا بَلِّغَنْ وَلَا تَدَعَنْ * بَنِي قُمَيْرٍ وَإِنْ هُمُ جَزِعُوا
فَلْيَجِدُوا مِثْلَ مَا وَجَدْتُ فَقَدْ * كُنْتُ حَزِينًا قَدْ مَسَّنِي وَجَعُ
لَا أَسْمَعُ اللَّهْوَ فِي الحَدِيثِ وَلَا * يَنْفَعُنِي فِي الفِرَاشِ مُضْطَجَعُ
لَا وَجْدُ ثَكْلَى كَمَا وَجَدْتُ وَلَا * وَجْدُ عَجُولٍ أَضَلَّهَا رُبَعُ
[«مجمع الأمثال» للميداني (١/ ١٩١)]
- نسخة للطباعة
- قرئت 7654 مرة
- أرسل إلى صديق
الزوار |
بحث في الموقع
آخر الأقراص
الفتاوى الأكثر قراءة
.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.
.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،
أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.
.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.
جميع الحقوق محفوظة (1424 هـ/2004م - 1445هـ/2024م)