في حملِ المرأة لقبَ زوجِها | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٥٥٥

الصنف: فتاوى الأسرة ـ المرأة

في حملِ المرأة لقبَ زوجِها

السؤال:

هل يجوز للمرأة حملُ لقبِ زوجِها شرعًا أم عليها البقاءُ على لقبها الأصليِّ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فلا يجوزُ ـ مِنْ حيث النَّسَبُ ـ أَنْ يُنْسَبَ المرءُ إلى غيرِ نسبه الأصليِّ أو يُدْعَى إلى غيرِ أبيه، فقَدْ حَرَّم الإسلامُ على الأب أَنْ يُنْكِرَ نَسَبَ ولدِه بغيرِ حقٍّ إجماعًا؛ لقوله تعالى: ﴿ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا ٥[الأحزاب]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا»(١)، وفي حديثٍ آخَرَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ـ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ ـ فَالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ»(٢)؛ وبناءً عليه، فإنَّ إضافةَ اسْمِ المرأة إلى اسْمِ زوجها أو إلى عائلته والاستغناءَ عن اسْمِ أبيها بحملِ لقبه أمرٌ حادثٌ لا تُقِرُّه الشريعةُ، بل هو مِنْ عادات الكُفَّار وآثارِ مُشابَهتِهم لهم في التسمية؛ والمعلومُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم كان تحت عصمته الزوجيَّة أُمَّهاتُ المؤمنين، ولم تُنسَب إحداهنَّ إلى اسْمِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مع أنه كان أشرفَ الخَلْق نَسَبًا، بل كُلُّ واحدةٍ نُسِبَتْ إلى أبيها فيقال: عائشة بنتُ أبي بكرٍ، وحفصةُ بنتُ عمرَ ونحوُ ذلك؛ وكذلك زوجاتُ الصحابة رضي الله عنهم ومَنْ بعدهم لم يغيِّرْنَ نِسبتهنَّ؛ لذلك لا يجوز أَنْ تلحق المرأةُ بزوجها نَسَبًا ولا أَنْ تحمل لقبَه، ولكِنْ يجوز أَنْ تُضافَ إليه إضافةً زوجيَّةً لا نَسَبيَّةً كأَنْ يقال: «فلانةُ زوجةُ فلان أو امرأتُه» ونحوُ ذلك مِنَ العبارات التي تُفيدُ هذا المعنى كما في قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّٰخِلِينَ ١٠ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ[التحريم: ١٠ ـ ١١]؛ فإذا لم تُذكَر هذه الإضافاتُ ـ وكانت معروفةً معهودةً ـ فإنَّ «مَا يَجْرِي بِالعُرْفِ يَجْرِي بِالشَّرْعِ».

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

مكَّة في: ٤ شـوَّال ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ أكتوبر ٢٠٠٦م

 



(١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٧٠) مِنْ حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه.

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «المغازي» بابُ غزوةِ الطائف (٤٣٢٦) وفي «الفرائض» بابُ مَنِ ادَّعى إلى غيرِ أبيه (٦٧٦٦، ٦٧٦٧)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٦٣)، مِنْ حديثِ سعد بنِ أبي وقَّاصٍ وأبي بكرة رضي الله عنهما.